سياسة
الانتخابات والتحالف الثلاثي.. خريطة سياسية جديدة
27/09/2021 - 08:10
يونس أباعليحُسم رسميا في التحالف المُشكل للحكومة الجديدة، إذ ستقوده الأحزاب المذكورة، في انتظار الكشف عن الأسماء وتوزيع الوزارات. وحصريا تم توزيع رئاسة الجهات الـ12 بين الأحزاب الثلاثة، كما نالت أغلب رئاسات الجماعات الترابية، وفق توافقات وتوجيهات قبلية.
ولا يمكن قراءة إفرازات الخريطة الانتخابية لـ8 شتنبر 2021 دون النظر إلى محطة انتخابات الغرف المهنية، إذ هي التي أفرزت إمكانية أن يتحقق تحالف ثلاثي، على اعتبار أن التنسيق بدأ في أول محطة لانتخاب أعضاء الغرف في جهة طنجة، كما يشرح مصطفى اليحياوي، أستاذ الجغرافيا السياسية وتقييم السياسات العامة، إذ شدد على "أننا أمام سنة انتخابية في آخر المطاف انسجمت جميع مخرجاتها".
بحسب اليحياوي، فإن تصور التحالف يقوم على التدرج، أي كان هناك وعي استباقي بجدوى إعمال تحالف براغماتي برنامجاتي، أمام صعوبة إنتاج تصورات سياسية قادرة على الصمود في مرحلة ما بعد تشكيل المكاتب، كما يقول في اتصال بـSNRTnews.
التحالف دعمه السلوك الانتخابي في 8 شتنبر في نظر اليحياوي، الذي يشرح أن وجود ورقتين فريدتين وأربع عمليات فرز لم يؤثران على "تناغمية المزاج الانتخابي وتسويقه لصالح حزب دون آخر، أي أن الاختيار السياسي للناخب أفرز لنا تناسبية كرس من خلالها الناخب أمرين اثنين؛ هما أولوية المسألة الترابية في الاختيارات السياسية، والتي أدت على تراجع الثنائية القطبية الإيديولوجية، وثانيا أولوية قول التعاقد المبني على البرنامج، فالحزب الذي كان مهيأ أكثر على مستوى تحيين برامجه جعل من الناخب في سياق أزمة كورونا يميل إلى الحزب الأكثر برغماتية للخروج من الأزمة".
يقول أستاذ الجغرافيا السياسية إنه كان لابد للأحزاب بعد النتائج أن تأخذ بعين الاعتبار هذين الأمرين، زد على ذلك نجاح تحالفات الغرف في تذويب جليد الخلافات والحساسيات التي كانت بين الأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار، مضيفا أننا "أمام مرحلة جديدة تنتعش في علاقة الطرفين، وبالتالي لابد أن يتم استثمار النوايا واكتشاف إلى أي حد يمكن للثقة تجاوز نفسية التكملة العديدة التي عادة ما لجأ إليها العدالة والتنمية لنسج تحالفاته.
الحد من المفاسد
يعتبر الأستاذ نفسه أن إصدار بلاغ مشترك يحسم بالقطع وبصرامة تنظيمية أدى إلى الحد مما سماه "مفاسد مرحلة تشكيل المكاتب"، لأنه في آخر الطاف لم تكن هناك جدوى لتهريب المنتخبين والتراجع عن الالتزام الحزبي.
وأبرز أننا "أمام تحالف برغامتي برنامجاتي يواكب التناسبية في الاختيارات السياسية للناخب، حيث أن التناسبية في ثلاث مستويات (جماعية، جهوية، تشريعية) ستكون الحاسم في تبني الأحزاب الثلاثة هذا التحالف المبني على بناء التوافق وتمتين الثقة وحسن النية، أي أنه تحالف بنظرة سياسية مغايرة.
يشدد اليحياوي على أن "الحكامة المؤسساتية للفعل العمومي توفرت لديها الأرضية الخصبة لتقاطع البرامج والمشاريع، بمعنى أن الفعل العمومي أصبح أكثر توجيها للحاجة الترابية، بشكل أكثر تدبيرا"، موضحا أن "سرعة العائد لهذا التحالف هو تصور جديد محين لفكرة التعددية الحزبية في المغرب، التي لم تعد ذات قيمة فنية بل تنافسية برنامجاتية، لأن الجامع بين التحالف هو استباق الميثاق الحزبي الذي سيكرس إرادة الأحزاب في الانصهار في التصور العام الذي صاغه النموذج التنموي الجديد".
ثلاث ميزات
يُعدد مصطفى اليحياوي ثلاث ميزات يقول إنها جعلت من الجمع في يوم واحد بين الاستحقاقات الجماعية والجهوية والتشريعية مفيدا وذا تأثير إيجابي في مسار تأهيل المشهد الحزبي مستقبلا، أولها التناسبية في الاختيارات السياسية للناخب على المستويين الترابي والوطني، مما سيساعد على تثمين موارد التنمية الترابية بتوفير الأرضية السياسية لحكامة مؤسساتية تتناغم فيه توجهات التخطيط الاستراتيجي للمؤسسات المنتخبة ترابيا والاستراتيجيات القطاعية الحكومية.
هذا الأمر، يقول المتحدث نفسه، سيمكن من اعتماد شراكات استراتيجية مندمجة بين القطاعات الحكومية والجماعات الترابية بإمكانها الصمود والسرعة في التفاعل والإنجاز بين مختلف الأجهزة التنفيذية والتقريرية للفعل العمومية.
في المحصلة، "اعتماد الأحزاب الثلاثة المتصدرة للانتخابات على تحالف برغماتي برنماجاتي هو اختيار سياسي استباقي يفعل مبدأ المصداقية بين التناسبية في هيكلة الحكامة المؤسساتية وبين التناسبية في اختيارات الناخب التي أفرزتها صناديق الاقتراع في 8 شتنبر المنصرم. نحن أمام توجه حكومي يجعل السياسات العمومية ذات معنى ترابي"، يقول اليحياوي.
الميزة الثانية هي إتاحة إمكانية تشكل خريطة انتخابية واضحة تحسم فيها القدرات المؤسساتية للأحزاب المتنافسة ميزان القوى، لتنتقل التعددية الحزبية من قيمة عددية كمية إلى قيمة تنافسية برنامجتية. الأمر الذي يُيسر الاستناد إلى نزعة براغماتية في حساب خيارات التعاون أو التحالف بين الأحزاب القوية.
أما الميزة الثالثة فهي تحصين الانتماء الحزبي من الممارسات الفاسدة في تشكيل الأغلبيات في المجالس الترابية وانتخاب ممثلي الجماعات الترابية في مجلس المستشارين، شارحا أن "اعتماد التوجيه المركزي في عقد التحالفات الترابية يقيد المنتخب بواجب المسؤولية السياسية، ويقوي سلطة القيادات الوطنية في إدارة الأحزاب".
ويختم اليحياوي قراءته بالتأكيد على أن هذه الميزات الثلاث كافية لبرمجة تعميم قاعدة التزامن بين الاستحقاقات الانتخابية المقبلة ضمن أولويات مراجعة القوانين التنظيمية للاستحقاقات الانتخابية خلال الولاية التشريعية الحادية عشر.
مقالات ذات صلة
سياسة
سياسة
اقتصاد