مجتمع
الصحة في تقرير اللجنة.. صندوق موحد ومراجعة للأجور
26/05/2021 - 23:07
مراد كراخيأكد التقرير، أن أزمة "كوفيد-19"، جاءت لتذكر بأهمية التوفر على نظام صحي فعال وناجع، يضمن لجميع المواطنين رعاية صحية ذات جودة وحماية مستدامة ضد الأمراض والمخاطر الصحية بشتى أنواعها.
منظومة فعالة للأمن الصحي
كشف تقرير اللجنة، بأن الأزمة الصحية الحالية، وخطر حدوث أزمات صحية متكررة في المستقبل، تستدعي الرفع من قدرات النظام الصحي من حيث الصمود، فضلا عـن استدراك التأخر الهيكلي في مجال العرض الصحي، عبر تعزيز المكونات الأساسية لهذا النظام والمتمثلة في البنيات الاستشفائية، والأطر الصحية، والتغطية الصحية، مما يمكن من مواجهة الأزمة الحالية، أو أي أزمات صحية جديدة في المستقبل، ولهذا، فمن الضروري تعزيز نظام الوقاية وإرساء منظومة فعالة للأمن الصحي ووضع أسس السيادة الوطنية في مجال الصحة عبر تطوير قدرات إنتاج الأدوية واللقاحات والمستهلكات الطبية الأساسية، كما شكلت هذه الأزمة فرصة لتسليط الضوء على إمكانات الرقمنة في قطاع الصحة.
ويتعلق الأمر، بداية، بدعم طلب العلاجات من خلال تفعيل تعميم التغطية الصحية وفقا للتوجيهات الملكية السامية، حيث أنه من شأن ذلك أن يمكّن جميع المواطنين مـن الولوج إلى سلة علاجات أساسية قابلة للتطور تتلاءم بشكل أفضل مع الأعباء المترتبة عن المرض وتكاليف الصحة التي تتحملها الأسر، ويشمل ذلك أيضا تسريع تغطية العاملين غير المأجورين عبر نظام التغطية الصحية الإجبارية وضمان الولوج الفعلي إلى نظام المساعدة الطبية "RAMED" لفائدة الساكنة المستهدفة.
صندوق موحد للتغطية الصحية
ووفق التقرير ذاته، يجـب العمل علـى أن تتجه الأنظمة الحالية للتغطية الصحية ونظام المساعدة الطبية تدريجيا نحو الاندماج فـي إطار صندوق موحد للتغطية الصحية الأساسية يضمن الولوج إلى سلة العلاجات، مع تعريفة مرجعية تعكس التكلفة الحقيقية لهذه العلاجات.
وفي هذا الإطار، يمكن لخدمات إضافية أن تقوم بتقديم سلة أوسع من العلاجات بالنسبة للراغبين في ذلك، كما يجب أن يمر الاندماج المقترح لصناديق التغطية الصحية من مرحلة انتقالية يتطور خلالها نظام المساعدة الطبية في اتجاه نظام تأميني يقتصر العمـل بـه في مرحلة أولى على المستشفيات العمومية ويفضي إلى اسـتفادة هذه الأخيرة من استرجاع التكاليف على أسـاس فوترة العلاجات المقدمة، كما يجـب تعبئة مداخيل ضريبية موجهة خصيصا للتمويل العمومي للجزء التضامني للتغطية الصحية، ما يقابل نظام المساعدة الطبية "RAMED".
ووفق التقرير، فإن تعميم التغطية الصحية يجعل تعزيز العرض الشامل للعلاجات أمرا مستعجلا وأولويا قصد الاستجابة لانتظارات المواطنين بشكل أفضل، حيث سيمكن تعميم التغطية الصحية من دمج حوالي 12 مليون من المغاربة الذين لا يتوفـرون حاليا لا على التأمين الإجباري عن المرض ولا على تغطية نظام المساعدة الطبية.
هيكلة جديدة للنظام الصحي
كشف التقرير، أن إعادة هيكلة التنظيم الترابي للنظام الصحي والرفع مـن نجاعة مسار العلاجات، أمران ضروريان لأجل تقليص مسافة وآجال الولوج لبنيات العلاج وللحد من الفوارق بين المناطق في هذا المجال، حيث أن تقوية عرض العلاجات تفترض تحسنا كبيرا لتغطية العاملين بالصحة في مجموع التراب الوطني وقيادة فعالة لعرض العلاجات خصوصا على المستوى الجهوي.
ويتمثل الهدف المنشود فـي بلوغ تغطية للعاملين في قطاع الصحة بنسبة 4,5 لكل ألف نسمة بحلول 2035 مقابل 2 لكل ألف نسمة حاليا، وهو ما يستدعي تكوين 3.100 طبيب و7.100 ممرض سنويا في المتوسط.
وتتمثل اقتراحات اللجنة لبلوغ هذه الأهداف في الرفع مـن قدرات تكوين الأطباء عبر تقوية طاقات المراكز الاستشفائية الجامعية والكليات الحالية العمومية والخاصة، وتمكين كل جهات المملكة من التوفر على عرض للتكوين يتمثل في مركز استشفائي وكلية، وتقليص مدة التكوين فـي الطب العام مع إدراج بعض المحاور الدراسية في إطار تكوينات التخصص.
ولوج عادل للعلاجات
ولضمان ولوج عادل للعلاجات في مجموع التراب الوطني، وفي إطار الحكامة الترابية للنظام الصحي، تقترح اللجنة، أن تتم عملية توظيف الأطباء على المستوى الجهوي، عبر إحداث مناصب تأخذ بعين الاعتبار الحاجيات المحلية.
واقترحت اللجنة، في هذا الإطار، أن يتم وضع نظام خاص لمهنيي الصحة يسمح بمراجعة نظام الأجور والتعويضات المعمول به من أجل تحسـينها وربطهـا بالجودة والمردوديـة، حيث يجب أن يصل هـذا النظام، في النهاية، إلى خلق تجانس بين أنظمة أجور العاملين بالصحة في القطاعين العام والخاص لوضع حد للتفاوتات الحالية التي لا تحفز الموارد البشرية العاملة في المستشفى العمومي.
ولمواكبة التعزيز الشامل لعرض العلاجات، تقترح اللجنة أيضا، تشجيع ودعـم الابتكار وريادة الأعمال المنتجة في مجال الصحة ورفاه المواطنين، لا سيما مـن خلال الوقاية والتربية الصحية والصحة العقلية والخدمات الشخصية، حيث أن تحسين العرض الصحي من حيث الولوجية والجودة، يستلزم إعـادة تنظيم مسار العلاجات وتسريع رقمنة النظام الصحي.
ولضمان توفير علاجات أساسية للقرب لصالح المواطنين ودعم نجاعة النظام بصفة عامة، توصي اللجنة بتنظيم مسار العلاجات على ثلاثة مستويات، يكون الأول على المسـتوى الجماعاتي، ويتضمن التطبيب عن بعد وأعوان الصحة الجماعاتيين بالنسبة للمناطق النائية، ويتمثل المستوى الثاني في القرب الذي يتيح الولوج إلى العلاجات الأساسية في مراكز القرب الصحية والاستشفائية المتوفرة على مستوى المناطق الحضرية والدوائر، أما المستوى الثالث فهو جهوي يسمح بالولوج إلى العلاجات الاستشـفائية المتخصصة.
المستشفى العمومي.. أي مستقبل؟
يتطلب الرفع مـن العرض الصحي، أيضا، يضيف التقرير، دعم المستشفى العمومي وتشجيع التعاون بين القطاعين العام والخاص، حيث أن تدبير وباء "كوفيـد-19"، كشف أن للمستشفى العمومي دورا مهما يجب أن يلعبه في المنظومة الصحية، ولهذه الغاية توصي اللجنة بضمان استقلالية مالية وتدبيرية للمستشفيات العمومية، الأمر الذي يستوجب وضع نظام فوترة بهذه المستشفيات يضمن لها استرجاع مقابل خدماتها من الصندوق الموحد للتغطية الأساسية.
ومن أجل ضمان سير جيد للنظام الصحي على المدى البعيد والرفع من أثره الإيجابي على المواطنين، سيكون من الضروري، وفق التقرير ذاته، إجراء مراجعة عميقة للحكامة الصحية، تشمل كذلك المستوى الترابي.
وفي هذا الأفق، تقترح اللجنة بالخصوص، إحداث سـلطة علمية مستقلة وغير تابعة لوزارة الصحة، تتولى ضمان الجودة الشاملة للنظام الصحي عـن طريق تحديد المعايير والمساطر وتأطير وتكوين الكفاءات ووضع آليات للمراقبة والتصديق، وتسريع رقمنـة مجموع إجراءات تسيير النظام الصحي لملاءمتها مع المعايير الدولية.
مقالات ذات صلة
سياسة
مجتمع
مجتمع