سياسة
ما مستقبل العدالة والتنمية بعد نكسة الانتخابات؟
15/09/2021 - 07:31
يونس أباعليدخل حزب العدالة والتنمية مرحلة فراغ بعد إعلان أمانته العامة استقالتها بشكل جماعي، وذلك مباشرة بعد الإعلان عن النتائج، وهو ما يعني أنها ستصرف الأعمال فقط إلى غاية دجنبر المقبل تاريخ عقد مؤتمر استثنائي حاسم للحزب. وإلى غاية دجنبر المقبل يطرح محللون تساؤلات عن مآل الحزب وما تداعيات الانتخابات على تنظيمه.
عوامل متداخلة
في وقت يربط مصطفى اليحياوي، أستاذ الجغرافيا السياسية وتقييم السياسات العامة، ما حصل للحزب بمخرجات مؤتمره الوطني في 2016 وما تلا ذلك من وقائع تدبيرية داخل الحزب، يشدد مصطفى الإبراهيمي، الرئيس السابق لفريق نواب العدالة والتنمية، على أن الوضع الحالي للحزب لا يمكن عزله عن الانتخابات الأخيرة.
في هذا الصدد يقول اليحياوي إن خسارة الحزب "ليست كلها محسوبة على عوامل سياقية وبسلوكيات غير سليمة في الحقل الانتخابي بالمغرب، بل إن جزءا كبيرا من العوامل مرتبطة بالبنية الداخلية"، إذ بحسبه "لم يعد بنفس القوة التنظيمية التي كانت قبل 2016، وكان هناك تدبير خجول للمؤتمر الوطني الأخير (2016)".
ما سماها اليحياوي "الإشكالات التنظيمية للحزب"، ظهرت مع مخرجات مؤتمر 2016، إذ شدد، في تصريح لـSNRTnews، على أنها استمرت على مستوى النقاش الداخلي الذي باشرته الأمانة العامة بعد تعيين سعد الدين العثماني رئيسا للحكومة، حيث "ظهر أن التعاضد التنظيمي لم يعد كذلك، لأن المقاربة والثقافة التي بني عليها هذا التعاضد ارتكزت على وجود منافس إيديولوجي يمكنه أن يُغذي اللحمة داخل التنظيم".
مع التطور الزمني للحزب ما بعد 2016، يسترسل المتحدث نفسه، ظهرت "معارك أخلاقية وقيمية، كان لها دور كبير في مراجعة التعاقدات داخل الحزب ما نتج عنها حدوث اصطفافات، خصوصا مع خرجات عبد الإله بنكيران بعد نكسة عدم النجاح في تشكيله الحكومة، إذ أثر ذلك على شرعية الأمانة العامة وتعاملت مع من اصطفوا مع الأطروحات الجديدة، بعضها حُسبت على بنكيران وأخرى ظهرت في النقاش الداخلي (الحريات الفردية)".
ومع مرور الوقت تبين أن الحزب بدأ يفقد قدراته التنظيمية على الرهان الانتخابي، وأيضا قدراته المناوراتية، يقول اليحاوي، قبل أن يضيف أن الأمانة العامة كانت تحاول أن تكرس وضعية المظلوم لكي تجدد فكرة التمسك الانتخابي، والحال أن أزمة كورونا ووجود منافس حقيقي على مستوى التواصل الاجتماعي، جعل الحزب غير قادر على مجاراة ما يسمى في علم الاجتماع الانتخابي "المختزلات الانتخابية" التي كانت تُهيأ للناخب لبناء تعاقد جديد.
يقول اليحياوي إنه "لمواجهة هذه العوامل، كان أمام الأمانة العامة للحزب مسلك وحيد، هو مسلك المسطرة، إذ كانت تحاول أن تستثمر في بلاغات الطعن المسطري في سلوكات الآخرين، لتكريس خطاب المظلوم لتنتج ممانعة على مستوى الكتلة المتعاطفة معها".
ولفت إلى أنه كان على الأمانة العامة أن تدافع على خطها السياسي لا أن تنأى بنفسها عن الدفاع السياسي على توجهها وقناعتها، وعوض ذلك اختارت أن تقول إنها تعرضت لضغوطات.
كل هذه التبريرات، في نظر المتحدث نفسه، "لم تقنع جزءا من حلفاء الحزب خصوصا الذراع الدعوي الذي لم يعط توجيها كما أعطاه في الانتخابات السابقة. وبالتالي لم تفلح الأمانة في أن تكون محط إجماع واتفاق يمكن أن يؤطر تعاطي المناضلين، وحدث تمرد المناضلين بشكل رمزي".
وختم قائلا "نحن أمام واقع حزبي مختل، وأعتقد أن عودة بنكيران إلى الأمانة العامة خطأ فادح. على الحزب أن يراجع أطروحته السياسية والقطع مع التماهي بين ما هو دعوي وما هو سياسي، ومحتاج إلى جيل جديد يفكر تفكيرا معلقنا لتنصهر مع أطروحات التفاهمات الكبرى".
لن يتغير شيء
يرى مصطفى الإبراهيمي، الرئيس السابق لنواب العدالة والتنمية، أن الوضع الحالي للحزب لا يمكن عزله عن الانتخابات وسياقه، مشيرا إلى أن الحزب على أبواب عقد مؤتمر استثنائي في دجنبر المقبل، حينها سيتم تحديد توجهاته الجديدة، هو إصلاحي مهما كانت الظروف.
ما وقع في الانتخابات سؤال محوري من الناحية التدبيرية، في نظر الإبراهيمي، إذ أشار إلى أن عدم تسليم المحاضر هو "المفتاح"، بحسب تعبيره، في تصريح لـSNRTnews.
وقال "الحزب كانت له حصيلة مشرفة على صعيد عدة مجالات، وما وقع لا يمكن أن يدفع الحزب إلى تغيير توجهه ومبادئه، يمكن أن يتم تغيير الفريق المسير للحزب علاقة بتدبيره للمرحلة، أما رئاسته للحكومة وتدبير القطاعات التي أشرف عليها فكان في سياق معين".
"يمكن فهم انخفاض عدد مقاعد الحزب في البرلمان، لكن ما هو غير مفهوم هو مقاعد الجماعات الترابية، في حين أن المدن التي سيرها الحزب سجلت تنمية مقدرة، ولمسنا هذا في الحملة الانتخابية"، يقول الإبراهيمي قبل أن يسترسل قائلا "لا يمكن إجراء تقييم موضوعي لتراجع شعبية الحزب، أين محاضر الانتخابات لنقول إن التصويت عقابي".
وفي نظره "هناك من يراهن على انقسام الحزب"، مستدركا "لكن الحزب حقيقي وله نواة صلبة تصوت عليه وله مناضلوه وديمقراطية داخلية وامتدادات شعبية وتنظيم محكم وهيئات موازية، أي أن بهذه التشكيلة لا يمكن بجرة قلم إقصاؤه".
وعن مستقبل العمل الرقابي للحزب في البرلمان، خصوصا وأنه لم يتمكن حتى من تشكيل فريق برلماني، قال الإبراهيمي "كنا نُتهم بممارسة المعارضة ونحن في التسيير، في حين أنه كان هناك عمل برلمانيي، من خلال رئاسة عدد من اللجان الاستطلاعية، فما بالك بالاصطفاف في المعارضة خصوصا أننا مطلعون على عدد من الملفات".
مقالات ذات صلة
سياسة
سياسة
سياسة