مجتمع
لماذا ترفض بعض الأسماء في سجل الحالة المدنية؟
23/04/2021 - 19:04
وئام فراج"عفوا لا نستطيع تسجيل ابنك بهذا الاسم"، "هذا الاسم غريب ولا يندرج ضمن لائحة الأسماء المقبولة في المغرب"، هي عبارات متداولة في أقسام الحالة المدنية، تثير استياء العديد من الآباء الذين يفضلون تسمية أبنائهم بأسماء غير مألوفة، ويرتبط هذا الإشكال بشكل شائع ببعض الأسماء ذات الأصل الأمازيغي التي مازال يطالها المنع.
ماذا يقول القانون؟
تنص المادة 21 من رسم الولادة، المتعلقة باختيار الاسم الشخصي، والواردة في الباب الرابع من القانون الأساسي للحالة المدنية في المغرب لسنة 2002، على أنه "يجب أن يكتسي الاسم الشخصي الذي اختاره من يقدم التصريح بالولادة قصد التقييد في سجلات الحالة المدنية طابعا مغربيا، وألا يكون اسما عائليا أو اسما مركبا من أكثر من اسمين أو اسم مدينة أو قرية أو قبيلة وألا يكون من شأنه أن يمس بالأخلاق أو النظام العام".
وسمحت المادة ذاتها لكل مغربي مسجل بالحالة المدنية بطلب تغيير اسمه الشخصي، "إذا كان له مبرر مقبول بواسطة حكم قضائي صادر عن المحكمة الابتدائية المختصة".
وظلت هذه المادة منذ سنوات تثير جدلا وسط الأسر المغربية وبعض الحقوقيين المدافعين عن الحق في اختيار الآباء لأسماء أبنائهم، بحجة عدم وضوح "الطابع المغربي" المنصوص عليه، خاصة في ما يتعلق بالأسماء الأمازيغية، ما جعل حزب التقدم والاشتراكية يتقدم بمقترح قانون في 2019، بمجلس النواب، يقضي بملاءمة قانون الحالة المدنية مع مقتضيات دستور 2011، "الذي نص على الحقوق الثقافية، وأقر بالأمازيغية بصفتها إحدى مقومات الهوية الوطنية الموحدة إلى جانب الحسانية والروافد الإفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية"، وفق مذكرة الحزب.
وأوردت المذكرة التقديمية للمقترح أن بعض الإدارات تحرم العديد من المواطنين من اختيار أسماء أبنائهم بكل حرية، مشددة على ضرورة تعديل المادة 21 من القانون رقم 37.99 بتعويض شرط الطابع المغربي بـ"الهوية المغربية"، فضلا عن إضافة مقتضى جديد ينص على أن الأسماء الأمازيغية جزء لا يتجزأ من الأسماء المغربية، كما يقترح النص تعديل المادة 21 مكرر، بالتنصيص على تخصيص لائحة للأسماء الشخصية الأمازيغية، ووضعها رهن إشارة ضباط الحالة المدنية.
وفي هذا الإطار أوضحت رئيسة المجموعة النيابية لحزب التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، عائشة البلق، أن هذه المذكرة تم الاشتغال عليها رفقة مجموعة من الجمعيات الحقوقية، بعد ملاحظة استمرار رفض تسجيل بعض الأسماء الشخصية الأمازيغية في سجلات الحالة المدنية، رغم تدخل وزارة الداخلية.
وأضافت البلق، في تصريح لـ"SNRTnews"، أن المذكرة عملت على تفصيل "الطابع المغربي" المنصوص عليه في اختيار اسم المولود، بشكل يشمل البعد الأمازيغي، "إلا أن المقترح ظل يراوح مكانه، ولم تتجاوب الحكومة مع مضامينه، ليبقى قبول تسجيل الاسم من عدمه رهينا بضابط الحالة المدنية"، بحسب تعبير المتحدثة.
حرية اختيار الاسم
أكدت اللجنة العليا للحالة المدنية على "حرية المواطن المغربي في اختيار الاسم الشخصي لمولوده، مشترطة في ذلك أن لا يمس الاسم بالأخلاق والنظام العام، دون تمييز بين الأسماء العربية والأمازيغية والحسانية والعبرية، طبقا لأحكام القانون المتعلق بالحالة المدنية."
وأوصت اللجنة، في بلاغ سابق، بضرورة سحب لوائح الأسماء الشخصية الصادرة في ظل قانون الحالة المدنية القديم من جميع مكاتب الحالة المدنية، نظرا لكونها أصبحت لاغية بحكم القانون الجديد رقم 37.99 المتعلق بالحالة المدنية.
ودعت اللجنة كافة الموظفين الذين استعصى عليهم اتخاذ القرار المناسب في الاسم الشخصي المصرح به، إلى الاتصال بالكتابة العامة للجنة في أجل لا يتعدى 24 ساعة، من أجل استشارتها في الأمر، قبل رفض أي طلب يتعلق باختيار الاسم الشخصي.
مطالب بتحيين النصوص القانونية
كشف عبد الله بادو، رئيس الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة، عن تراجع القضايا المتعلقة بتسجيل الأسماء الأمازيغية بالمغرب مقارنة بالسنوات الماضية، مشيرا إلى أن الشبكة كانت تسجل حوالي 30 حالة رفض في السنة، فيما تسجل الآن حالات محدودة، مرتبطة أساسا بما أسماه "ميزاجية بعض موظفي الحالة المدنية".
وأوضح بادو، في تصريح لـ"SNRTnews"، أن بعض الموظفين يتدخلون أحيانا في اختيار الاسم بشكل شخصي ويمتنعون عن تسجيل الطفل، أو يحاولون فرض أسماء من عندهم.
وأكد بادو، في هذا الإطار، على أن الشبكة ترافعت مرارا من أجل السماح بتسجيل الأسماء الأمازيغية في سجلات الحالة المدنية دون الحاجة للرجوع إلى القضاء، وأتت هذه المرافعات أكلها في السنوات الأخيرة.
وأبرز رئيس الشبكة أن الإشكال القائم الآن يتعلق بالأسماء الجديدة، قليلة التداول، التي مازالت تُمنع بحكم اعتماد ضباط الحالة المدنية على لائحة قديمة لا تتضمن الأسماء الحديثة، بحسب تعبيره، مرجعا السبب إلى عدم تحيين قانون الحالة المدنية منذ سنة 2002، خاصة على مستوى المادة 21 المتعلقة برسم الولادة.
وتطالب الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة بتحيين النصوص القانونية المتعلقة برسم الولادة، بشكل يأخذ بعين الاعتبار الخصوصية الثقافية واللغوية و"الهوياتية" لكل أسرة، ويحترم اختيار الآباء لأسماء أبنائهم.
مقالات ذات صلة
مجتمع
مجتمع
اقتصاد