اقتصاد
ميزانية 2021..الطبقة الوسطى في "دكة الاحتياط"
23/10/2020 - 12:36
ياسين حسناوييأتي ذلك في ظل معاناة تلك الفئة في الأعوام الأخيرة، من عدم تطور إيراداتها مع اشتداد الضغط الجبائي عليها، في وقت أضحت تنوع مصاريفها، على اعتبار أنها تلجأ للقطاع الخاص لتأمين بعض الخدمات مثل التعليم والصحة.
من تكون الطبقة الوسطى؟
كانت المندوبية السامية للتخطيط خلصت بعد إحصاء 2014، إلى أن الطبقة الوسطى تمثل 58.7 في المائة من ساكنة المغرب، مقابل 53 في المائة في 2007، بحيث انتقلت من 16,3 مليون إلى 19,7 مليون، من بينها 67,5 في المائة بالمدن، مشيرة إلى أن متوسط الإنفاق لكل فرد ضمن هذه الطبقة يتراوح بين 840 و1728 درهم في الشهر، مقابل ما بين 653 و1358 درهم في 2007.
غير أن هذا التصنيف انتُقد من قبل العديد من المراقبين، الذين اعتبر بعضهم أنه يفترض أخذ أوجه إنفاق الأسر ضمن تلك الطبقة بعين الاعتبار، والذي يهم السكن والتعليم والنقل، ما دفع الاقتصادي يوسف السعداني، في إحدى مساهماته في هذا النقاش، إلى اعتبار أن تلك الطبقة تحدد اعتبار دخل يبدأ من 10 آلاف درهم ويصل إلى 40 ألف درهم.
وكما في الأعوام السابقة، أضحى المراقبون والفاعلون السياسيون يهتمون بالهدايا التي تقدمها الحكومة للطبقة الوسطى عبر قانون المالية، وهو اهتمام تجلى في بلاغ صدر قبل يومين عن حزب الاستقلال، الذي انتقد الحكومة وندد بما اعتبره مواصلتها استهداف الطبقة الوسطى وضرب قدرتها الشرائية، ولجوءها في تمويل العجز المالي إلى جيوب المواطنين من تلك الطبقة التي تعرف انحداراً خطيرا، وإلى المقاولات الصغيرة والمتوسطة التي تحتاج أصلا إلى الدعم والإسناد والتعزيز، من أجل تحريك عجلة الاستهلاك والإنتاج الوطني وتحفيز الاستثمار، وخلق فرص الشغل والحفاظ عليها.
اقتطاعات" عمياء"
ويتصور محمد الرهج، المتخصص في المالية العامة، أن الطبقة الوسطى لا تحظى بأي اهتمام، وليس هناك تحسن في وضعها المادي عبر الزيادة في الأجور. هذا ما يكرسه مشروع قانون مالية العام المقبل، الذي عرض على البرلمان في التاسع عشر من أكتوبر الجاري.
وأوضح الرهج في تصريح لـ «SNRTnews»أن مشروع المالية الجديدة يطالب الطبقة المتوسطة بالمساهمة في صندوق التكامل والتماسك الاجتماعي، عبر المساهمة الاجتماعية التضامنية، حيث أن كل من يتقاضى دخلا صافيا يبدأ من 10 آلاف درهم، سواء أكانت أجرا أو دخولا تجارية او فلاحية أو عقارية، يجب أن يساهم بـ1,5 في المائة، لفائدة هذا الصندوق.
وعاد الرهج لمقارنة مشروع مالية 2021 بمالية 2013، بحيث أشار إلى أنه في سنة 2013 عملت الدولة بمنهج تصاعدي، مبرزا أن الحكومة اختارت عبر مشروع القانون الجديد، اقتطاع نسبة قارة، تساوى بين من يتقاضى 10 الاف درهم ومن يُحَصِّل 100 ألف درهم.
وشدد الرهج على أن الدولة يجب أن تشتغل بمبدأ التصاعدية، وهو ما تضمنه الفصل 39 من الدستور، الذي ينص صراحة على أن الملزمين يجب أن يساهموا كل حسب إمكانياته.
غياب هامش المناورة
وأكد أستاذ المالية العمومية محمد الرهج، على أن الطبقة المتوسطة، وهي فئة الأجراء والموظفين، خاضعة للضريبة على الدخل يتم اقتطاعها من المنبع، ما يفسر انعدام هامش المناورة والتملص الضريبي، على خلاف الدخولات الأخرى، حيث يصرح المعنيون بما يشاؤون، وفقا لتعبيره.
ويتصور أن البيانات الرسمية لوزارة المالية لسنة 2018، تبرز أن 76 في المائة من عائدات الضريبة على الدخل، تأتي من الأجراء والموظفين، حيث يتم تشديد الضغط الجبائي على هذه الفئة من الملزمين بتلك الضريبة، مقارنة بأضحاب الدخول المهنية.
ويرى أن المساهمة الاجتماعية للتضامن، التي ستهم 500 ألف من أجراء القطاع الخاص والموظفين، ستحمل تلك الفئة تكاليف جبائية جديدة، ناهيك عن مساهماتها عبر الضريبة على الدخل والضريبة الداخلية على الاستهلاك والضريبة على القيمة المضافة.
من جهته يرى الاقتصادي إدريس العلاوي، أن الاجراءات التي تمس الجانب المالي بالاقتطاع ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2021، ستؤثر سلبا على القدرة الشرائية لتلك الأسر بشكل مباشر.
ويعتبر أنه "كلما عملت الدولة على توسيع هذه الطبقة الوسطى كلما زاد تشجيع السوق الداخلي وتلبية الحاجيات الملحة، وهو ما لا يشجع عليه مشروع قانون المالية لسنة 2021".
فيما يعتقد الرهج أنه كان يفترض تخفيض أسعار الضريبة على الدخل، بما يرفع من الدخل الصافي، وهو ما سيساعد تلك الطبقة على توسيع هامش المناورة في مجال الطلب والاستهلاك، كما سيحرك الآلة الاقتصادية وينعش الاقتصاد الوطني.
ولا تخفي المساهمة الاجتماعية التضامنية، تحملات أخرى، ستتحملها الطبقة المتوسطة مع فئات أخرى، خاصة مع الزيادة في الضريبة الداخلية لبعض السلع والخدمات ورفع رسوم الجمرك التي تصيب الواردات، ما من شأنه الزياة في الأسعار