سياسة
2021 .. زخم دبلوماسي في الأقاليم الجنوبية
24/12/2021 - 11:21
يونس أباعليوتمثل البلدان الإفريقية 80% من التمثيليات الدبلوماسية الموجودة حاليا في الصحراء المغربية، وهو تأكيد على رؤية جلالة الملك القائمة على جعل الأقاليم الجنوبية للمملكة صلة وصل بين المغرب وإفريقيا، كما أكد ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الافريقي والمغاربة المقيمين بالخارج.
ويجمع متتبعون على أن دبلوماسية القنصليات بدأت في 2017 بعد عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، إذ حينها سارعت دول إلى فتح قنصليات لها في المدن الصحراوية.
وثلث القنصليات التي افتتحت إلى حد الآن في كل من العيون والداخلة تنتمي لبلدان إفريقية تمثل جميع جهات القارة. وخمس بلدان مجموعة التنمية لإفريقيا الجنوبية SADC تتوفر على تمثيليات دبلوماسية بالصحراء المغربية (جمهورية الكونغو الديموقراطية، وزامبيا، وإسواتيني، وجزر القمر، ومالاوي).
دينامية لم تتوقف
كانت الدول الإفريقية أول المنطلقين إلى تدشين بعثاتها الدبلوماسية بالصحراء المغربية، قبل أن تسير على منوالها الإمارات العربية المتحدة، فالأردن والبحرين. وفي يونيو الماضي، زار مدينة العيون وفد دبلوماسي ضم كلا من سفير المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان والأردن والإمارات العربية المتحدة واليمن، الوقوف على المستوى التنموي المتطور الذي بلغته الأقاليم الجنوبية في مختلف المجالات، وكذا تأكيد دعم هذه الدول لوحدة المغرب الترابية وسيادته على كامل أراضيه.
وقبل فتح هذه القنصليات العربية، جرت اتصالات بين جلالة الملك محمد السادس مع قادة هاته البلدان، الذين أكدوا أن هذه التمثيليات تعكس مستوى آخر يثبت مواقفهم الداعمة للوحدة الوطنية.
هذه الاستراتيجية الإفريقية تمت دراستها بعناية، يقول بوريطة، بمناسبة افتتاح مالاوي قنصليتها بالعيون، يوليوز الماضي، تقوم على انفتاح المملكة على جميع جهات القارة، فضلا عن الإرادة في جعل الأقاليم الجنوبية همزة وصل بين المغرب وعمقه الافريقي.
وأضاف أنه كان لهذه السياسة الإفريقية الجديدة التي نهجتها المملكة، والتي وضع أسسها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، تأثير جد إيجابي على تطور ملف الوحدة الترابية للمملكة.
عقيدة الدبلوماسية المغربية
يرى محمد الزهراوي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة شعيب الدكالي، أن هناك "تحولا نوعيا في عقيدة المغرب، خاصة على المستوى الدبلوماسي"، إذ شدد على أن "المملكة ماضية في الانتقال على مستوى سياساتها وتوجهاتها الاستراتيجية من عقيدة الدفاع إلى عقيدة الردع، وإن كان بنوع من التردد والتريث".
وقال، في تصريح لـSNRTnews، "بالتزامن مع التحولات الجيوسياسية، وبالنظر إلى التحالفات التي ظهرت بوادر تشكلها على المستويين الدولي والإقليمي، باتت هذه التحالفات مثل التكتلات الإيديولوجية لكنها بنزعة براغماتية ترتكز على الاقتصاد وموارد الطاقة والموانئ الكبرى لتأمين نقل السلع والبضائع".
فيما يرى إسماعيل الشقوري، مدير القضايا الشاملة بوزارة الخارجية، أن المنجزات التي تحققها الدبلوماسية المغربية تثير غيرة بعض الدول، بل تثير عراقيل ليس فقط من طرف الأعداء، بل حتى من طرف مَن يمكن اعتبارهم أصدقاء، لأن خصوصية العمل الدبلوماسي أنه عمل خصوصي.
ولفت الشقوري، وهو يتحدث ضمن ندوة نظمت أخيرا بكلية الحقوق السويسي بالرباط، إلى أن اسم المغرب يتكرر مرات عديدة داخل القاعة الكبرى للجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأبرز أنه "في الحالات التي لا يحصل فيها إجماع على نص معين يحصل المغرب، بفضل العمل الكبير الذي يقوم به، على ما يشبه اعتذارا، من طرف الدول التي لم تستطع، لسبب من الأسباب، أن تنضم إلى الإجماع".
تجسيد على الميدان
في تصريح لـSNRTnews، يشدد عتيق السعيد، الباحث الأكاديمي والمحلل السياسي، على أن المملكة المغربية "تمكنت بفضل الرؤية المتبصرة لجلالة الملك محمد السادس من إحداث دينامية ديبلوماسية ناجعة، تجسدت ميدانيا في افتتاح مجموعة من الدول قنصليات بالأقاليم الجنوبية للمملكة"، مضيفا أن "هذا التوجه شكل انتصارا للدبلوماسية المغربية الناجعة والمتبصرة التي انتقلت من مرحلة تحصين المكتسبات بخصوص القضية الوطنية، إلى مرحلة فرض واقع جديد، قوامه اعتراف دولي متزايد بمشروعية مبادرة الحكم الذاتي كحل واقعي ومستدام لهذا النزاع المفتعل".
وأبرز السعيد أن "المغرب على مدار 22 سنة من الابتكار التنموي المتجدد الذي قدم هندسته جلالة الملك بحكمة وبصيرة يحصد اليوم ثمرة جهوده الدبلوماسية الناجعة، التي مكنت من توطيد دينامية مكثفة من الاعترافات الدولية لمغربية الصحراء، تؤكد من جهة دعم واعتراف المجتمع الدولي ومن جهة أخرى اعتراف الولايات المتحد الأمريكية الكامل والصريح لمغربية الصحراء ومبادرة الحكم الذاتي".
انعكاس لعمق الشراكات
يربط محمد الغربي، الأستاذ بكلية الحقوق بطنجة والمتخصص في العلاقات الدولية، هذه الافتتاحات بإعلان عودة المغرب إلى بيته الإفريقي، انطلاقا من استراتيجية ورؤية واضحة لجلالة الملك، موضحا أنه حينما فشلت كل المساعي لحل النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، انتهج المغرب سياسة الانفتاح على كل الدول الإفريقية، سواء الأنكلوفونية أو الفرنكوفونية منها.
واسترسل قائلا، في تصريح لـSNRTnews، إن الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، وهي القوة الاستراتيجية والاقتصادية الأولى في العالم له ما بعده بوزن هذه الدولة، وهذا ما دفع دولا حاقدة إلى تغيير بعض مواقفها، وهذا دليل على وزن المغرب ومدى استراتيجيته.
ويرى أن الدول العربية التي فتحت قنصلياتها "تعكس عمق العلاقات العربية المغربية في بعدها الخليجي والشرق الأوسطي، وتعكس التوازن المغربي داخل النظام الإقليمي".
وأبرز أن "المغرب له موقع جيوستراتيجي، وقوة متوسطية ومغاربية بالنسبة للوافدين الجدد إلى إفريقيا، في إطار فلسفة ملكية عنوانها نموذج تنموي جديد لدولة صاعدة تقدم نموذجا رافدا لشركائها في الجنوب".
مقالات ذات صلة
سياسة
سياسة
سياسة
سياسة