نمط الحياة
مترجم "المغربي الأخير": علاقة العربية بالأدب العبري ليست رهينة السياسة
18/04/2021 - 22:30
SNRTnewsفي هذا الحوار يرى الدكتور المختص في الأدب العبري الحديث العياشي العدراوي أن حركية الترجمة الأدبية من العربية إلى العبرية لم ترتبط يوما بما هو سياسي، بل لها تاريخ ممتد منذ الستينات. ويتحدث مترجم رواية "المغربي الأخير" عن هذه التجربة، راسما معالم حركية أدب مغربي عبري لا تسلط عليه الكثير من الأضواء.
أشرفت على ترجمة أول رواية إسرائيلية لكاتب من أصول مغربية، كيف بادرت إلى خوض هذه التجربة، ولماذا "المغربي الأخير"؟
إن ترجمتي لرواية "المغربي الأخير" من العبرية إلى العربية للكاتب المغربي- الإسرائيلي جبرائيل بن سمحون، الصفريوي المولد والطفولة، هي استمرار للترجمة التي قمت بها لمجموعة من القصص القصيرة للكاتب نفسه، وذلك ضمن أطروحة الدكتوراه الموسومة بـ"المرأة في الإنتاجات الأدبية لجبرائيل بن سمحون: ترجمة وتحليل" برحاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية، سايس- فاس بتاريخ 26 نونبر 2015.
أما عن سبب تسميتها بـ"المغربي الأخير"، فيعود إلى إصرار والد يونتان (بطل الرواية) على حثِّ ابنه من أجل تأليف كتاب يخص الموروث الثقافي والتاريخي للمغاربة اليهود لكي لا يتعرض للنسيان والإهمال، لأنه هو المغربي الأخير القادر على فعل ذلك دون سواه.
هل يمكن أن نصف أدب جبرائيل بن سمحون بالأدب المغربي العبري أم أنه أدب إسرائيلي بنكهة مغربية؟
بالطبع، يمكن تصنيف الكتابات الأدبية والمسرحية للكاتب والمسرحي والسيناريست جبرائيل بن سمحون ضمن خانة الأدب المغربي، لأن جُل إنتاجاته تتحدث عن الثقافة المغربية بمختلف مكوناتها، من خلال سرده لمجموعة من الحِكم والأمثال الشعبية تتعلق بالصبر، التخطيط والتدبير، جمال المرأة ومهارتها في الطبخ، توخي الحيطة والحذر، التخطيط للمستقبل، الاعتماد على النفس... كما أن الكاتب يستعمل دوما الفضاءات المغربية (صفرو، فاس، الشاون، الحسيمة، طنجة، وزان، تنغير، ورزازات، مراكش، الصويرة، زاكورة...)، وغالبا ما يغذي أحداث أعماله الأدبية بأعلام مغربية (ملوك الدولة العلوية الشريفة، محمد المدلاوي، الطيب الصديقي، بشير، مسعودة، طامو، يطُّو، القايد عمر، ياسمين، عائشة، مريم، سلطانة، ياقوت، عمرام…).
ولا يقتصر الأمر عند بنسحمون على التيمات والأشخاص بل يقدم دوما كل أركان الثقافة كالطبخ المغربي (الكسكس، الطاجين، البسطيلة، المروزية، الخليع، الشاي بالنعناع، البغرير...)، والزي المغربي (الطربوش الأحمر الوطني، الجلباب التقليدي، البلغة الفاسية، التكشيطة، القفطان...)، الفلكلور المغربي (أحواش، أحيدوس، كناوة...)، الأغاني المغربية (هاك أماما اعطي لماما، يا بلارج يا طويل القايمة...).
كل تلك العناصر السابقة تجعل من الإنتاجات الأدبية لجبرائيل بن سمحون أدبا مغربيا بامتياز. في هذا الإطار، لا بد من التأكيد على أنَّ الأكاديمي واللساني الدكتور محمد المدلاوي المنبهي هو أول من دعا إلى إعادة النظر في ماهية الأدب المغربي الناطق بالعبرية، على غرار الأدب المغربي المدون بالفرنسية أو الإسبانية أو الإنجليزية... عبر سلسلة من المؤتمرات والندوات والملتقيات واللقاءات الصحفية لأكثر من عقدين من الزمن.
هل يمكن الحديث عن حركة قائمة للترجمة من العبرية إلى العربية في المغرب حتى قبل تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل؟
لا علاقة للترجمة من العبرية إلى العربية في المغرب بالتطورات السياسية والدبلوماسية الأخيرة، بل هي قائمة ومستمرة. فمنذ ستينات القرن الماضي، فُتِح المجال أمام الطلبة المغاربة لدراسة اللغة العبرية بشكل اختياري في كليات الآداب والعلوم الإنسانية ضمن اللغات الشرقية، دون أن تكون لها شعبة أو مادة مستقلة بذاتها. هذا العمل الترجمي ينتمي إلى الجيل الثالث من الباحثين في الأدب العبري، أما الجيل الأول فيضم محمد المدلاوي المنبهي الذي أصدر أول عمل شخصي له سنة 1994 يحمل عنوان "من الأدب العبري الحديث: نماذج قصصية مترجمة"، بالإضافة إلى ترجمته لاثنتي عشرة قصة لنفس الكاتب (جبرائيل بن سمحون) ضمن المجموعة القصصية "السائرون على الماء". نُشرت له منها قصة "العائد" عام 2000 بصحيفة أسبوعية مغربية، ولكن مع انطلاق الانتفاضة الثانية بفلسطين، أوقفت الأسبوعية نشر تلك القصص. بعد ذلك، أدرج ثلاث قصص منها وهي: "العائد"، "المرأة التي بسطت جناحيها" و"الفندق" في كتابه "رفع الحجاب عن مغمور الثقافة والآداب مع صياغة لعروضي الأمازيغية والملحون" عن المعهد الجامعي للبحث العلمي بالرباط عام 2012، والذي فاز بجائزة الكتاب في صنف "الدراسات الأدبية واللغوية والفنية". ومن رواد هذا الجيل أيضا المؤرخ المختص في مقارنة الأديان وعميد الدراسات الشرقية الدكتور أحمد شحلان. أما الجيل الثاني من الباحثين في العبرية فأغلبهم تكوَّن في جامعة باريس الثامنة على يد الأستاذ حاييم الزعفراني.
يعتبر بن سمحون أحد الروائيين وكتاب السيناريو المشهورين في إسرائيل٫ كيف كان اللقاء بينكما أول مرة؟
التقيت بالكاتب جبرائيل بن سمحون أول مرة بتاريخ 30 مارس 2010 أثناء زيارته لمدينة صفرو، مسقط رأسه ومدينة طفولته، عن طريق أستاذي الدكتور محمد المدلاوي المنبهي.
اخترتم تسويق الرواية عبر منصة "أمازون" للكتب الرقمية. هل تستعدون لنشرها ورقيا في المغرب؟
نعم، نحن بصدد البحث عن دار نشر مغربية أو عربية لنشر الرواية ورقيا بعدما نُشرت إلكترونيا بـ"أمازون".
ولماذا اخترتم "المغربي الأخير" كعنوان للنسخة العربية عوض العنوان الأصلي "فتاة بقميص أزرق"؟
العنوان الأصلي للرواية هو "فتاة ذات فستان أزرق"، لأن القميص الأزرق هو الزي الرسمي لمنظمة "الشبيبة العاملة والمتعلمة"، التي تأسست سنة 1924، وتضم في صفوفها الشباب العاملين والمتعلمين في مختلف أنحاء إسرائيل من العرب واليهود والدروز. كما تمت ترجمة الرواية إلى الإنجليزية في السنة الماضية تحت عنوان "Waiting for Gary Cooper" (في انتظار غاري كوبر) لما لهذه الشخصية السينمائية المتميزة من تأثير لدى القارئ الأمريكي.
مقالات ذات صلة
اقتصاد
سياسة
اقتصاد