نمط الحياة
هل تخرج الثقافة من قاعة الانتظار في 2021؟
04/01/2021 - 12:02
مهدي حبشيوضعت الحكومة المغربية إنعاش الاقتصاد على رأس أولويات المرحلة؛ وتوجهت نحو دعم القطاعات الإنتاجية، خصوصاً المقاولات الصغرى والمتوسطة، دون أن يمنعها ذلك من صرف دعم للمكونات الأكثر تضرراً ضمن القطاع الثقافي. لكن الفاعلين الثقافيين يجمعون على أن "إنعاش" القطاع، رهين بتدابير أخرى على المدى المتوسط والبعيد.
قطاع الكتاب.. الأمل في 2021
كما كان متوقعاً، لن تنظم دورة 2021 من معرض الدار البيضاء الدولي للكتاب في الموعد المعتاد، إذ جرت العادة أن يشهد مُنتصف فبراير من كل عام تنظيم ذلك المعرض. لكن ناشري الكتب، الذين يعولون بشكل كبير على المعرض لتحقيق رقم مُعاملات، يفوق أحياناً مداخيلهم من البيع في المكتبات طوال سنة كاملة، تنفسوا الصعداء أن بلاغ وزارة الثقافة حمل عبارة "تأجيل" بدل "إلغاء"، ويعولون على تحسن الوضع الوبائي في الشهور المقبلة لتنظيم المعرض.
وقال مسؤول بـ"المركز الثقافي العربي"، أحد أكبر الناشرين المغاربة، إنه بالرغم من كون القرار يضر بقوة ناشري الكتب، إلا أنه كان متوقعاً والناشرون تأهبوا له، بالنظر لإلغاء أو تأجيل معظم المعارض الدولية الشبيهة، واستمرار تردي الوضع الوبائي في المملكة.
وأوضح المتحدث أن توقع تأجيل المعرض دفع الكثير من الناشرين لخفض عدد الإصدارات هذه السنة، "فالأصل في المعارض هو تسويق الإصدارات الحديثة"، يؤكد المسؤول مضيفاً أن معظم الناشرين في المقابل باتوا يعتمدون مالياً على مبيعات المعارض.
أزمة قطاع الكتاب في المغرب ليست وليدة الجائحة، بالنظر لتراجع فعل القراءة على الصعيدين المغربي والعربي عموماً. لكن المتحدث يبشر بانتعاش القراءة في السنوات الأخيرة، بيد أن تحديات أخرى تواجه الناشرين، على رأسها تردي القدرة الشرائية التي تؤدي إلى منافسة شديدة وغير مشروعة من لدن الكتاب المقرصن ذي الأسعار الزهيدة.
واعتبر أن الجودة تلعب دوراً في نجاح الناشر، فالكتب الجيدة توزع وتسوق على مدار السنة رغم كل ما يمكن أن يقال، والناشر الجيد لا يعول على المعرض إلا باعتباره فرصة للتعرف على القراء والتواصل معهم. "يبقى إذن ترقب عودة الحياة إلى طبيعتها عام 2021 كي يتعافى القطاع"، يؤكد المتحدث.
السينما.. الجائحة ليست سوى مسمار آخرَ في النعش
توقفت عجلة الإنتاج السينمائي بالمغرب مدة ثلاثة شهور أثناء الحجر الصحي؛ فمجموعة من الأفلام أوقف تصويرها في عز العمل. ولم تسعف عودة النشاط الاجتماعي، بعد رفع الحجر الصحي، قاعات السينما التي لا تزال مقفلة إلى اليوم، كونها فضاءات مقفلة تهدد بخلق بؤر وبائية.
قطاع السينما من أكبر القطاعات الثقافية، لا سيما أنه يحتضن مهناً ثقافية أخرى، في طليعتها المسرح والموسيقى والتأليف... ما يجعل أزمة "الفن السابع" أشد وقعاً من بقية الأنماط الثقافية.
وبالرغم من تخصيص الحكومة دعماً مالياً استثنائياً لإنقاذ القاعات السينمائية، المتضررة بقوة من قرار الإغلاق، واستفادة مجموعة من الأعمال السينمائية من دعم المركز السينمائي المغربي، إلا أن تعافي القطاع يبقى في حاجة لتدابير أكبر، وفقاً للمخرج محمد مفتكر.
واعتبر مفتكر، في تصريح لـ"SNRTnews"، أن الحديث عن تعافي القطاع في سنة 2021 بمجرد حدوث التلقيح ضد "كوفيد-19"، وعودة القاعات السينمائية لفتح أبوابها، غير سليم. مشدداً على أن أزمة السينما في المغرب سابقة للجائحة، وأن هذه الأخيرة لم تأتِ إلا لتطلق عليها رصاصة الرحمة.
وقال إن توافد الجمهور المغربي الضعيف على القاعات السينمائية قبل الجائحة؛ يجعل الأزمة المتمخضة عنها ثانوية؛ "الحديث عن تعافي القطاع السينمائي تلزمه إجراءات أعمق بكثير من مجرد التلقيح أو فتح القاعات، إذ لا بد من التفكير في مصالحة المغاربة مع الثقافة والسينما بشكل خاص".
ويقترح مخرج "جوق العميين" في سبيل ذلك، إدراج السينما والمسرح وباقي الفنون في المناهج التربوية الوطنية، على غرار الدول الغربية التي تتوفر على شعب فنية في ثانوياتها.
من جهة ثانية، تفاءل المتحدث بأن عودة الحياة إلى طبيعتها في عام 2021، حال حدوث ذلك، سترفع "إقبال الناس على الحياة"، بعد الهزة التي أحدثها تفشي الوباء في النفوس، وذلك من شأنه أن يرفع الإقبال على السينما والفن والثقافة بكل أشكالها على حد قوله.
المهرجانات الفنية.. عودة متعثرة
اعتاد المغاربة أن يكونوا على موعد مع مهرجانات فنية متعددة على امتداد العام، وعبر مختلف ربوع المملكة. لكن الجائحة أدت إلى إلغاء تنظيم مجمل تلك المهرجانات في دوراتها الخاصة بسنة 2020، على اختلاف أنماطها بين ما هو موسيقي أو سينمائي أو تراثي...
وأكد مخلص الصغير، عضو اللجنة التنظيمية لمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط، أنه يرتقب أن تعود المهرجانات خلال سنة 2021. "يوجد اتفاق مبدئي لتنظيم المهرجانات خلال 2021، شريطة أن تسير الأمور كما خطط لها، أي أن يتم التلقيح في بدايات العام وألا يحدث تطور وبائي سلبي".
وقال، في تصريح لـ"SNRTnews"، إن العودة ستكون متعثرة بعض الشيء؛ إذ أن الاتفاق المذكور يروم خفض مصاريف المهرجانات بنسبة 50 في المائة في 2021، ما يعني أن ذلك سيؤثر بشكل كبير على عدد المشاركين والجوائز...
وقال إن تنظيم المهرجانات لن يعود لسابق عهده قبل عدة سنوات، فحتى بعد اختفاء الوباء كلياً سيحتاج الاقتصاد لوقت طويل كي يتعافى تماماً ويعود تمويل المهرجانات إلى سابق عهده.
مقالات ذات صلة
اقتصاد
نمط الحياة
نمط الحياة