رياضة
البقالي .. سيد 3 آلاف متر موانع
20/07/2022 - 04:24
يونس الخراشيوإن كان ولابد من تصنيفه، فإن البقالي يكاد يشبه في مواصفاته مواطنه السابق، البطل إبراهيم بولامي. ذلك أن بينهما مشتركات كثيرة، لعل أبرزها على الإطلاق القدرة المثالية على تجاوز الحواجز في سباق 3 آلاف متر موانع، ولاسيما الحاجز المائي. فمن بتجاوز هذا بسلاسة، لاشك يمضي أبعد من الآخرين.
فمن جهة، يمتلك البقالي الطول اللازم لعدائي سباق 3 آلاف متر موانع، فضلا عن سلاسة الجسد، والتقنية المثالية للقفز على الحواجز، بالإضافة إلى الحدس الرهيب لحركية السباقات، بحيث يستطيع التحرك في الوقت المناسب كي يصبح في المركز الأنسب للظفر بالمرتبة الأولى.
عن هذا المسار الفريد للبقالي، وتطور أدائه سنة بعد أخرى، إلى أن توج بالذهب الأولمبي، يقول إبراهيم بولامي، في حديث مع SNRTnews: "إنه مسار مثالي من عداء متفان ومجتهد وحريص على الالتزام"، مضيفا: "مسار سفيان البقالي في التطور سنة بعد أخرى، يجب أن يكون مثالا وعبرة في تحفيز العدائين الشباب".
وهو الكلام نفسه الذي قاله عبدالله بوكراع، المدير التقني الوطني لجامعة ألعاب القوى، عن هذا البطل، مباشرة بعد تتويجه بذهب بطولة العالم بيوجين، إذ أكد أن سفيان يمثل نموذجا لجيل بكامله من الرياضيين الجدد، لأنه، برأيه، سيزيد حماسهم، ورغبتهم في الفوز.
ولم يصل البقالي إلى ما وصل إليه، في مساره الرياضي، بسهولة. فقد شق طريقه بثبات بداية من المدرسة إلى غاية البوديوم الأولمبي فالعالمي، بتضحيات كبيرة جدا. وهي التضحيات التي يعرفها جيدا من خبروا معسكرات إيفران، بتداريبها الشاقة في الملعب والغابة (السيريات والفارتليك)، فضلا عن تجمعات المعهد الوطني بالرباط، حيث لا يتوقف العمل إلا ليبدأ آخر (التداريب، والتدليك).
وبينما لم يتسن للبقالي التوفيق بين المدرسة والجري، فقد ساعده والداه، في سن مبكرة، على حسم الاختيار، والمضي قدما نحو البحث عن البطولات. فقد كان واضحا جدا أن هذا الولد العاشق لهشام الكروج، وللبوديوم، سيصبح يوما ما بطلا كبيرا.
ومثلما آمن الوالدان بابنهما، مشروع البطل، فقد استقر في قلب المدرب كريم التلمساني، الذي صار له أبا ثانيا، أن هذا الشبل سيكون له باع طويل في ألعاب القوى، بحيث راهن عليه، وراح يمنحه أغلب وقته، وبكل الأريحية الممكنة.
عندما فاز سفيان البقالي بذهبية طوكيو الأولمبية، صيف 2021، كان بذلك يتوج مساره الشاق والطويل. كان يخبر العالم بأن الشاب الذي شارك في بطولة العالم 2014 للشباب، بيوجين الأمريكية، كان عند الكلمة، وها هو اليوم يصبح بطلا أولمبيا.
ولم يتوقف الحلم عند ذلك الحد، بل أكمل الولد مسيرته الناجحة، وراح يستعد بكل ما أوتي من قوة ليسحب البساط كله من تحت أقدام الكينيين. أولا بمواجهتهم في عقر دارهم، والتغلب عليهم. وثانيا، بالتفوق عليهم في بطولة العالم للكبار بيوجين الأمريكية، يوم الثلاثاء 19 يوليوز 2022.
من الآن فصاعدا، سيكتب في سجلات تاريخ ألعاب القوى العالمية أن مغربيا، اسمه سفيان البقالي، قهر الأبطال الكينيين في سباق 3 آلاف متر موانع. صار سيدا لهذا السباق الفريد من نوعه. لا ينازعه في مكانته أحد.
وسيكتب أيضا، في السجلات ذاتها، بماء من ذهب، إن البقالي أكد المقولة التي يؤمن بها محترفو ألعاب القوى، وهي أن "الميترو والكرونو" هما الحقيقة الواحدة في أم الرياضات. فلا شيء يأتي من دون تعب، ولا بوديوم من دون تضحيات.
فلئن كان سباق 3 آلاف متر موانع ينتهي في زمن لا يتعدى 9 دقائق، فإن الفوز بذهبيته يقتضي مسافة سنوات من العمل الشاق، والحضور في البطولات، والصبر، والخبرات التكتيكية، والنهوض عند الكبوات. إنها تسعة دقائق طويلة جدا. أطول بكثير مما هي عليه في الواقع.
مقالات ذات صلة
الأنشطة الملكية
رياضة
رياضة
رياضة