Monde
لبنان.. أزمة اقتصادية تتغذى من الفراغ الرئاسي
13/03/2023 - 11:03
وكالة المغرب العربي للأنباء
فرغم مرور حوالي خمسة أشهر على شغور منصب الرئيس لم يتمكن الفرقاء على مدار الجلسات التي حددها رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري من إنهاء هذه الأزمة السياسية التي تعرفها البلاد المصابة بالشلل التام نتيجة تفاقم الأزمات على جميع المستويات.
وفشل البرلمان اللبناني، في جلسة عقدها في 19 يناير الماضي وللمرة الحادية عشر، في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، خلفا لميشال عون، الذي انتهت ولايته في 31 أكتوبر المنصرم.
ومنذ ذلك الوقت لم يدع بري الى جلسة أخرى لانتخاب الرئيس. وفي ظل الفراغ السياسي، تسير البلاد حكومة تصريف الأعمال بصلاحيات محدودة وبغياب مبادرات تشريعية الى جانب مؤسسات عمومية مشلولة، في وقت تغرق فيه البلاد منذ 2019 في انهيار اقتصادي غير مسبوق صنفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم.
وفي تعليقه على هذه الوضعية، قال الدكتور نبيل سرور، أكاديمي وباحث سياسي واقتصادي لبناني، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إنه مع بدايات شهر مارس الحالي، يدخل لبنان ازمة غير مسبوقة، في ظل فراغ رئاسي استمر اكثر من أربعة اشهر، وانسداد سياسي بسبب تباعد المواقف السياسية بين حزب الله وحلفائه من جهة، وبين فريق اخر يتشكل من أحزاب مسيحية (كتائب، قوات لبنانية، مستقلون...) إضافة الى قوى وفئات وشخصيات موالية لها تعترض على سياسات حزب الله ومنطلقاته السياسية.
وأعلن الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله مؤخرا دعم حزبه لوصول النائب والوزير السابق سليمان فرنجية الى سدة الرئاسة في لبنان، في وقت حذر فيه زعيم حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، قبل أيام، من أنه في حال تمكن حزب الله من جمع الأصوات الضرورية لانتخاب فرنجية "سندخل في عزلة عربية أعمق"، مؤكدا أن كتلته ستقاطع في هذه الحالة جلسة الانتخاب ما بنذر باستمرار شد الحبل.
وقال نبيل سرور، في تحليله لتشعب الأزمة اللبنانية، إن العمل الإداري والحياة العامة في لبنان يشهدان شللا في الكثير من مؤسسات وإدارات الدولة، مما انعكس على سير المؤسسات العامة وعلى واردات الدولة وجباياتها، التي تراجعت بنسب مخيفة في الفترة الأخيرة. كما شهدت مختلف الوظائف العامة للدولة إضرابات واعتصامات وامتناع عن الحضور في معظم القطاعات الإدارية والتربوية.
وأكد سرور أن الأزمة أثرت بشكل كبير على العملة الوطنية التي فقدت قيمتها لتتهاوى أمام الدولار الأمريكي بشكل دراماتيكي، بحيث أصبح الدولار الأمريكي يساوي تسعين ألف ليرة لبنانية، في حين أنه كان قبل الأزمة يساوي 1500 ليرة لبنانية.
كما "تراجعت القدرة الشرائية لدى المواطن اللبناني، في ظل الغلاء الفاحش "وواقع الدولرة" الذي ضرب، بحسب سرور، "معظم السلع والبضائع التي يستهلكها اللبنانيون، وازدادت الحالات الاجتماعية لتصل الى حوالي 120 ألف عائلة محتاجة، وذلك بحسب إحصاءات غير رسمية".
وما يزيد الطين بلة إعلان جمعية المصارف، التي تضم المصارف اللبنانية، عن استئناف الإضراب ابتداء من يوم غد الثلاثاء احتجاجا على صدور أحكام قضائية تقضي بتسديد ودائع بالعملة الأجنبية، وهو ما سيؤدي الى تعميق الأزمة أكثر، خصوصا انه يأتي بعد أسبوع من تعليق الإضراب المفتوح الذي بدأته الشهر الماضي.
ويعتبر مراقبون أن الفراغ الرئاسي وغياب الحلول الكفيلة بمعالجة الأزمة الاقتصادية سيؤديان إلى استمرار معاناة اللبنانيين من أزمات خانقة، من سعر الصرف، إلى أسعار المحروقات والمواد الغذائية، وشح الأدوية، وهو ما يستدعي، بحسب المتتبعين، الإسراع في ملء الشغور الرئاسي، وإيجاد تسوية سياسية بين اللبنانيين توقف حال الانهيار المعيشي الذي تعرفه البلاد.
وكان ممثلو خمس دول عقدت مؤخرا اجتماعا بشأن لبنان في باريس، حذروا من تداعيات التأخر في انتخاب رئيس للجمهورية، مؤكدين، بحسب مكتب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، على "أن عدم انتخاب رئيس جديد سيرتب إعادة النظر بمجمل العلاقات مع لبنان" وأن "الدعم الحقيقي للبنان سيبدأ بعد انتخاب الرئيس، ومن ثم متابعة تنفيذ الإصلاحات المطلوبة".
وأكدت المجموعة الدولية، التي تضم الأمم المتحدة وحكومات الصين وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وروسيا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية، أن الوضع الراهن غير مستدام ويقوض ثقة المواطنين بمؤسسات الدولة، مشيرة الى أن الدولة اللبنانية تصاب بالشلل على جميع المستويات فيما تتفاقم الأزمات في البلاد، مما يحد من قدرتها على مواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية والمالية والأمنية والإنسانية العاجلة.

مقالات ذات صلة
عالم
سياسة
الأنشطة الملكية
عالم