رياضة
من رحم المعاناة .. 4 عوامل وراء تألق أسود الفوتصال
19/04/2024 - 16:45
صلاح الكومري
قبل سنة 2012، وبالضبط قبل الدورة السابعة لنهائيات كأس العالم للفوتصال التي أقيمت في التايلاند، لم يكن المنتخب الوطني المغربي داخل القاعة يحظى بالاهتمام ذاته الذي صار يحظى به في السنوات الأخيرة، محليا وقاريا وعالميا، إذ كانت رياضة "الفوتصال" في المغرب، تعيش في الظل.
يسير المنتخب الوطني المغربي لكرة القدم داخل القاعة، في السنوات الـ10 الأخير، في تطور تصاعدي، إذ دخل خانة المنتخبات العشرة الأفضل في العالم، بعدما كان يحتل المركز 112 سنة 2010.
ولم يبلغ هذا التطور صدفة أو نتيجة لتألق مرحلي عابر، بل نتيجة لتظافر مجموعة من العوامل، نستعرض، فيما يلي، أبرزها.
مواكبة التقدم الدولي
مع صعود السويسري جياني إينفانتينو لرئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، أعلن أن من بين برامجه، تطوير كرة القدم داخل الصالات "الفوتصال"، وجعلها منافسة لا تقل أهمية عن اللعبة الشعبية الأولى، كرة القدم، وبالتالي كان لزاما على الجامعة الملكية المغربية، في إطار احترامها لقرارات "فيفا"، مواكبة هذا التطور عبر مجموعة من البرامج، من بينها رفع الدعم للفرق الوطنية، السهر على إنجاح منافستي البطولة وكأس العرش، إحداث منتخبات وطنية سنية، تكوين خلية خاصة بالفوتصال في الإدارة التقنية الوطنية تضم 25 شخصا،وتوقيع عقود مع أعضاء الطاقم التقني الأول بعدما كانوا يعملون متطوعين، التعاقد مع شركة لتنظيم وبرمجة مباريات المنتخبات الوطنية، والمشاركة في بطولات دولية.
في هذا السياق يقول هشام الدكيك، في لقاء مع قناة "الرياضية" المغربية، بتاريخ 26 يونيو 2023: "بعد مجيء المكتب الجامعي الحالي، أعطى أهمية كبيرة للفوتصال، بحيث أننا صرنا نستفيد من كل ما يستفيد منه المنتخب الوطني الأول لكرة القدم، وصارت لنا تجمعات تدريبية منتظمة في تواريخ الفيفا، وصار للاعبين منح مالية منتظمة، وصار لدينا طاقم تقني بعقود محترمة، كل هذا وأشياء أخرى تحققت بعدما كنا في السابق نضحي من مالنا الخاص لإبقاء هذه الرياضة على قيد الحياة".
لاعبون محترفون
في السابق، كانت تشكيلة المنتخب الوطني المغربي تقتصر فقط على اللاعبين المحليين، الممارسين في الدوري الوطني، وكان المدرب هشام الدكيك، حسب ما سبق وصرح به لقناة "الرياضية" المغربية، يستدعي اللاعبين في ظرف أسبوع، ويخوض مباريات بدون إعداد جيد، لكن بعد سنة 2014، تغيرت الأمور، وصار المنتخب الوطني أكثر انفتاحا على اللاعبين المغاربة المحترفين في أوروبا، خاصة مزدوجي الجنسية.
وحاليا تضم تشكيلة المنتخب الوطني 5 لاعبين محترفين، وهم: أنس العيان (ريبيرا نافارا الإسباني)، سفيان بوريط (إفسي كيمي الفنلندي)، سفيان المسرار وبلال البقالي (نجم فالواز الفرنسي)، خالد بوزيد (سانتا كولوما الإسباني).
تضحيات الدكيك
لا يمكن الحديث عن تطور كرة القدم الوطنية داخل القاعة، سواء على مستوى الأندية أو المنتخبات، دون استحضار هشام الدكيك، مدرب المنتخب الأول، الذي قدم تضحيات كبيرة من أجل هذه اللعبة في المملكة، حسب ما سبق وكشفه في لقاء صحفي مع قناة "الرياضية".
حين تولى الدكيك مسؤولية قيادة المنتخب الوطني سنة 2010، وجد أمامه عراقيل كثيرة تحول دون تطبيق استراتيجية عمله، بحيث لم تكن الظروف مواتية أمام النخبة الوطنية للتألق، في ظل غياب الإمكانيات اللوجيستيكية، من معدات، ملابس رياضية، منح مالية، لهذا كان يضطر إلى تقديم تضحيات من حياته الخاصة وماله الخاص، بحيث أنه باع سيارته من أجل توفير منح مالية ودعم اللاعبين لتحفيزهم على حمل القميص الوطني.
في هذا السياق يقول الدكيك: "مثل أي رياضة تطور المنتخب الوطني جاء من رحم المعاناة، فكما يعرف الجميع، كرة القدم داخل القاعة في المغرب، كانت مهمشة، لم يكن معترفا بها، صحيح أنه كانت بعض المجهودات من طرف بعض المسؤولين، لكنها لم تكن كافية... الحمد لله أنه لم يقع لي مكروه في ظل هذه الظروف، بحيث أني كنت أخصص منحا مالية للاعبين، والأكل والمبيت، كنت أقترض من أصدقائي وعائلتي، لدرجة أي في بعض الأوقات كنت أحس أني غارق، وهكذا نجحنا بفضل الله عز وجل، ثم انفرجت الأمور بعد مجيء المكتب الجامعي الحالي".
وحسب الدكيك فإن المغرب صارت له بطولة قوية لكرة القدم داخل القاعة، على غرار باقي البطولات العالمية المحترفة، مبرزا: "من شروط التوفر على منتخب قوي، أن تكون البطولة المحلية قوية ومهيكلة".
رفع سقف الطموحات
لأن جميع ظروف النجاح متوفرة، فإنه لم يعد أمام المنتخب الوطني من عذر لعدم النجاح، خاصة بعد الفوز بكأس إفريقيا مرتين متتاليتين، والتتويج بالبطولة العربية 3 مرات متتالية، وبلوغ دور ربع نهائي كأس العالم، وخاصة بعدما عملت الجامعة الملكية المغربية على تطوير البنية التحتية الخاصة بهذه الرياضة، وذلك من خلال توفير ملاعب خاصة وإعادة إصلاح أخرى، بتبليطها بأرضيات مخصصة لهذا النوع الرياضي.
في هذا السياق قال فوزي لقجع، خلال استقبال سابق للمنتخب الوطني في مركب محمد السادس يوم الأربعاء 29 شتنبر 2021، إنه لم يعد مقبولا من أسود القاعة التراجع إلى الوراء، مبرزا: "يجب أن نطوي الصفحة الماضية، لأنه لا يمكننا أن نسمح أن تكون مثل هذه الإنجازات مرحلية، يجب أن نتحلى بثقافة الاستمرار، مرحلة التألق في البطولة الإفريقية والبطولة العربية والمونديال، يجب أن نطويها وننظر إلى الأمام، الآن هدفنا، بلوغ نصف نهائي كأس العالم في الدورة المقبلة، وأن نخطط لأن نكون من الأربعة الكبار، ولا لما الفوز بالكأس في إحدى الدورات المقبلة".
وبعدما كان المنتخب الوطني من بين الفرق المتواضعة عالميا، صار، في السنوات الأخيرة، أبرزها، بعدما توج بكأس إفريقيا مرتين متتاليتين سنتي 2016 و2021، وبعد بلوغه دور ربع نهائي مونديال 2021 في التايلاند، وتتويجه بالبطولة العربية 3 مرات متتالية، ناهيك عن فوزه، في مباريات ودية، على أكبر المنتخبات العالمية.

مقالات ذات صلة
رياضة
رياضة
رياضة
رياضة