اقتصاد
هل تسلم البنوك المغربية من مخاطر الجفاف والفيضانات؟
17/04/2024 - 14:01
مصطفى أزوكاحيوصي تقرير للبنك الدولي وبنك المغرب، بضرورة أن تدمج البنوك المغربية مخاطر المناخ في ترتيبات تدبير وإدارة المخاطر والحكامة، خاصة في ظل ترقب تواتر الصدمات المناخبة التي لن يسلم مها القطاع البنكي.
يلاحظ التقرير الصادر أمس الثلاثاء، حول المخاطر المناخية التي يتعرض لها القطاع البنكي المغربي، أن المغرب يتعرض حاليا لتحديات كبيرة تتعلق بتغير المناخ، حيث يشير إلى المغرب بوصفه أحد أكثر بلدان العالم معاناة من الإجهاد المائي، يواجه ضغوطاً متزايدة بسبب الجفاف تؤثر بشدة على قطاع الفلاحة على وجه الخصوص.
ويشير التقرير إلى أنه يلوح في الأفق خطر حدوث فيضانات شديدة ومتكررة في المناطق والمراكز الحضرية الرئيسية، معتبرا أن هذه الصدمات المناخية، تشكل مخاطر ليس فقط على السكان والبنية التحتية والاقتصاد بوجه عام، ولكن أيضا على استقرار وسلامة القطاع البنكي المغربي، الذي يعتبر محركا رئيسيا للنمو الاقتصادي بأصول تبلغ إجمالاً 138% من إجمالي الناتج المحلي.
قياس مخاطر الجفاف والفيضانات
يحاول التقرير الذي أنجز بدعم من الوكالة الفرنسية للتنمية، قياس مستوى تعرض محافظ البنوك لمخاطر الجفاف والفيضانات وتأثرها باعتماد ضريبة الكربون، ويتضمن تحليلا لمدى هشاشة البنوك في حال حدوث صدمات مناخية مفترضة.
ويؤكد واضعو التقرير أنه ويمثل أول تحليل شامل للمخاطر المادية والمالية الناجمة عن التحول إلى اقتصاد منخفض الكربون في أفريقيا، وهو من بين التحليلات القليلة التي أُجريت في بلدان الأسواق الصاعدة على مستوى العالم.
ويوضحون أنه باستخدام مجموعة متنوعة من النماذج المناخية والمالية الكلية، تم إجراء اختبار لقياس القدرة على تحمل المخاطر المناخية لتحديد آثار نوبات الجفاف والفيضانات الناجمة عن تغير المناخ على الاقتصاد والقطاع البنكي المغربي، وتقييم أثر التحول الطاقي على المراكز الائتمانية.
مخاطر محدقة بمحافظ البنوك
ويعتبر التقرير أن تغير المناخ يمكن أن يؤدي إلى زيادة كبيرة في الأضرار المالية الناجمة عن موجات الجفاف والفيضانات في المغرب، مع آثار ملحوظة على خسائر البنوك في حالة موجات الجفاف. ويتعرض أكثر من ثلث محافظ القروض البنكية بشكل خاص لمخاطر مادية بسبب تغير المناخ .
ويعزو التقرير ذلك إلى الإقراض في قطاعات الفلاحة والصناعات الغذائية والسياحة، وللأسر المعيشية في المناطق المعرضة للأخطار. وتتراوح الآثار الاقتصادية في مجموعة متنوعة من سيناريوهات الجفاف بين 4.2 مليارات دولار (حدوث موجة جفاف تاريخية مرة واحدة كل 500 سنة) و 7 مليارات دولار (حدوث موجة جفاف مرة واحدة 500 سنة في سيناريو تغير المناخ الشديد في عام 2050)، وانخفاض إجمالي الناتج المحلي بنسبة 1.8 إلى 3.5 نقطة مئوية، مع خفض نسبة كفاية رأس المال للبنوك بنسبة 1.3 إلى 2.2%.
ويتناول التقرير بالتحليل الآثار المضاعفة لتغير المناخ على مستوى جميع السيناريوهات. ويذهب إلى أن الفيضانات قد تسبب أيضاً أضراراً تتراوح بين 8 مليارات دولار (موجة فيضانات أمطار تاريخية مرة واحد كل 500 سنة) و10.5 مليارات دولار (السيناريو التمثيلي (RCP 8.5، في عام 2025)، مما يؤدي إلى انخفاض إجمالي الناتج المحلي بنسبة 1.6 إلى 2.2%. وبخلاف الطبيعة الطويلة الأمد للجفاف، نجد الفيضانات قصيرة الأجل، وتؤدي إلى آثار ليست كبيرة على خسائر القروض ورؤوس أموال البنوك.
مخاطر التحويل
يرى واضعو التقرير أن القطاع البنكي المغربي، يمكن أن يواجه أيضا مخاطر متصلة بعملية التحوّل بسبب التغيرات في السياسات وزيادة انبعاثات غازات الدفيئة، على الرغم من ضعف نسبة المغرب في إطلاق انبعاثات غازات الدفيئة العالمية (0.16%).
غير أن الانبعاثات في المغرب، حسب التقرير، آخذة في الارتفاع، مما قد يزيد من المخاطر المرتبطة بالتحول في القطاعات كثيفة الانبعاثات الكربونية مثل توليد الكهرباء والنقل والتعدين والفلاحة والصناعات التحويلية والمرافق. كما تشكل آلية الاتحاد الأوروبي لتعديل حدود الكربون، التي تفرض تعريفات تجارية على بعض السلع كثيفة الكربون، مخاطر إضافية على صناعات مثل الأسمنت والألومنيوم، مع أخذ في الحسبان زيادة حجم التبادل التجاري بين المغرب والاتحاد الأوروبي.
ويسجل أن 24.3% من إجمالي القروض و43.6% من القروض المقدمة إلى المؤسسات غير المالية موجهة إلى القطاعات والصناعات الحساسة إزاء التحول نحو خفض الكربون، وهي نسبة مرتفعة نسبياً مقارنة بالبلدان الأخرى. ويظهر تقييم لمواطن الضعف أن فرض ضريبة كربون بقيمة 75 دولاراً/طن متري من ثاني أكسيد الكربون يمكن أن يزيد من مخاطر الائتمان بنسبة 8.4% من قروض الشركات والمؤسسات، أي ما يعادل 3.1% من أصول القطاع البنكي.
وينبه إلى أنه يجب النظر إلى نتائج تحليل مخاطر المناخ بحذر بسبب أوجه عدم اليقين بشأن التقديرات والقيود المنهجية، مشيرا أنه يتم عرض آثار تغير المناخ على القطاع البنكي بأقل من قيمتها بسبب المشكلات المرتبطة بنمذجة نقاط التحول المناخية والتداخل بين الآثار الخاصة بالاقتصاد الكلي، والآثار المالية والمناخية. ويمكن أن تؤثر أوجه القصور في البيانات وتنوع أساليب النمذجة على دقة التقييم، مؤكدا أن هذا التقييم يشكل عملاً بحثياً قابلاً للتحديث مع تحسن فهم المخاطر المناخية.
إدماج مخاطر المناخ
ويعتبر التقرير أنه على الرغم من إمكانية تدبير وإدارة الآثار المناخية المجمعة على القطاع البنكي، فإن الأثر المالي يختلف من بنك إلى آخر، مما يتطلب مزيداً من الاهتمام من جانب المؤسسات المالية وبنك المغرب.
ويوضح أن آثار المخاطر المادية ومخاطر التحول (نحو اقتصاد منخفض الكربون) تختلف بصورة كبيرة بين المؤسسات، مع وجود قيم متطرفة منخفضة وعالية تبعاً للتركز الجغرافي والقطاعي لمحافظ القروض.
ويدعو التقرير إلى ضرورة أن تدمج البنوك المغربية مخاطر المناخ في ترتيبات تدبير وإدارة المخاطر والحكامة، مسجلا أن بنك المغرب يستجيب بوضع إرشادات رقابية أكثر تفصيلاً للبنوك، لا سيما فيما يتعلق باختبار القدرة على تحمّل الضغوط وإعداد التقارير. كما يعمل على دمج المخاطر المناخية في الممارسات الرقابية، بهدف المواءمة مع المعايير العالمية مثل مبادئ لجنة بازل لإدارة المخاطر المناخية ومتطلبات الإفصاح المتعلقة بالاستدامة في إطار المعايير الدولية لإعداد التقارير المالية.
مقالات ذات صلة
إفريقيا
اقتصاد
اقتصاد
اقتصاد