مجتمع
الكتب المقرصنة.. سرقة أم دمقرطة للقراءة؟
29/05/2021 - 10:29
SNRTnewsخلال فترة الحجر الصحي، التي فرضتها جائحة "كورونا"، ظهرت العديد من المكتبات الافتراضية، التي تقدم عروضا مغرية، حيث أن بعضها يعرض 4 كتب بسعر كتاب واحد، مما مكنها من تحقيق نسبة مبيعات كبيرة، كما جاء على لسان أحد الباعة الذي قال: "خلال فترة الحجر الصحي، تمكنا من مضاعفة مبيعاتنا... نقدم خدمة التوصيل في كل جهات المغرب".
وفي هذا الإطار، قال عبد القادر الرتناني، رئيس الاتحاد المهني للناشرين بالمغرب، لـSNRTnews، إن ظاهرة "قرصنة الكتب" التي يعتبرها كثيرون مناسَبة لتعميم الثقافة، فإنها تعد انتهاكا كبيرا لحقوق الناشرين، مؤكدا أن "هذه الكتب المقرصنة يتم عرضها على الرصيف، في نقاط مختلفة وسط العاصمة، وحتى أمام مقر البرلمان".
وأفاد المتحدث ذاته، بأنه لا يتم تطبيق القوانين مطلقا لوضع حد لهذه الظاهرة، مشيرا إلى أن "القوانين موجودة، لكن لا يتم تطبيقها، حيث أن مهنيي القطاع هم وحدهم من يحاول التصدي لهذه الممارسات، أما بالنسبة للقارئ، الذي يكون مهتما في الغالب بالسعر، فإنه لا يهتم إلى كون هؤلاء الباعة غير القانونيين، يجنون أرباحا كبيرة وغير مستحقة على حساب المؤلفين والناشرين المغاربة".
ورغم تدني جودة الكتب "المقرصنة"، فإن الكثير من القراء يشجعون هذه الظاهرة التي تتيح للعديد من الشباب الوصول إلى عالم القراءة والثقافة بأسعار في متناول الجميع، وفي تعليقه على هذه المسألة، يقول "خالد"، وهو زبون لإحدى باعة هذا النوع من الكتب: "أعلم جيدا أن هذا نشاط غير قانوني، ولكنه يسمح لي بالحصول على أحدث الكتب بأسعار مغرية، كما أساعد البائع أيضا في كسب لقمة عيشه"، وأضاف "أنا شخصيا أفضل شراء كتاب بثمن 35 درهم بدلا من ثمنه القانوني البالغ 300 درهم... بالتأكيد جودة الطباعة تكون رديئة في كثير من الأحيان، لكن المحتوى هو ما يهمني".
من المسؤول ؟
يعرض باعة "الكتب المقرصنة" بضاعتهم على مرأى من المسؤولين، وفق عبد القادر الرتناني، الذي أكد أن "وزارة الثقافة للأسف، لا تتعامل مع هذا الملف بالطريقة المثلى رغم شكاوى المتضررين، وفي الوقت نفسه، فإنها لا تملك الوسائل الضرورية لوضع حد لهذه الظاهرة، التي تتطلب إشراك جميع المتدخلين، لذلك وجب تدخل وزارتي العدل والداخلية، لاتخاذ إجراءات حقيقية ضد المسؤولين عنها".
وأضاف أن سوق الكتب المقرصنة "منظم جيدا وله تداعيات دولية"، حيث أن "هناك دول معروفة في ميدان القرصنة، يجب ألا يكون المغرب جزءا منها، خصوصا ونحن في قلب وباء "كورونا" الذي تسبب في انخفاض المبيعات بحوالي 70 بالمائة، مما يهدد بالقضاء على المكتبات.
الكتب الإلكترونية.. التهديد الجديد
حسب المندوبية السامية للتخطيط ، يقضي المغاربة حوالي ساعتين و14 دقيقة يوميا أمام الشاشات، بينما يقضون دقيقتين فقط في القراءة، وكما يستخدم الشباب المغربي الإنترنت للدردشة على الشبكات الاجتماعية، ومتابعة آخر الأخبار، فإنهم يستخدمون مواقع الإنترنت ومجموعات "فيسبوك" لتنزيل الكتب مجانًا، هذه مشكلة أخرى لمهنيي نشر وتوزيع الكتب.
خلال السنوات الماضية، انتشرت مجموعات القراءة ومشاركة الكتب على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، حيث توفر هذه المجموعات أحدث الكتب للتحميل بصيغة PDF و EPUB، مما يمكن محبي القراء من الاطلاع على كتبهم المفضلة بالمجان.
ويشير مدير إحدى المجموعات المغربية للقراءة على موقع "فيسبوك"، إلى أنه "أنشأت هذه المجموعة بغرض مشاركة الكتب مع مستخدمي الإنترنت، وفضلا عن مشاركة الكتب مجانًا، يناقش الأعضاء قراءاتهم الأخيرة مما يجعل الاستفادة مضاعفة".
الحل بيد الحكومة
رغم اعترافه بأن مشاركة الكتب على الإنترنت، تبقى عملية غير قانونية، أكد المتحدث ذاته، أن لها بعض الإيجابيات، لكونها تحفز الشباب المغاربة على القراءة، داعيا في المقابل ناشري الكتب والمطابع، والباعة، إلى المساهمة في إضفاء طابع ديمقراطي على القراءة، "عن طريق خفض أسعار الكتب، حيث أنه لا يمكن أن نجد بعض المؤلفات تُعرض للبيع في المغرب بأغلى من السعر الذي تباع به في فرنسا، مع الأخذ بعين الاعتبار، مستويات المعيشة في البلدين".
بالنسبة للمتحدث ذاته، فإن الأمر متروك للحكومة لإيجاد حل لهذه الإشكالية المزدوجة، والمتمثلة في تشجيع الشباب على القراءة، في مقابل محاربة قرصنة الكتب، لذلك يجب تقديم حلول عادلة ومنصفة، من خلال دعم دور النشر والمطابع للمساهمة في خفض أسعار الكتب، وفتح مزيد من المكتبات العامة، في ظل النقص الكبير الذي تعاني منه المملكة.
مقالات ذات صلة
نمط الحياة
نمط الحياة
مجتمع