اقتصاد
الهيدروجين.. المغرب مرشح للانضمام لنادي "بترول المستقبل"
05/11/2020 - 14:34
مصطفى أزوكاح
ينكب المغرب على إعداد خطة لإنتاج الهيدروجين المستخرج من الطاقات المتجددة، حيث يسعى إلى أن تكون له حصة في السوق العالمية، خاصة في ظل الإمكانيات التي تتوفر عليها المملكة والاستثمارات التي يرتقب أن تنجزها اقتصاديات متقدمة.
خارطة طريق
ذهب وزير الطاقة والمعادن والبيئة، عزيز رباح، عند عرضه ميزانية القطاع الذي يشرف عليه أمام مجلس النواب، إلى أن المغرب بصدد إعداد خارطة طريق لإنتاج الهيدروجين، حيث اعتبرها طاقة واعدة ومنافسة، ستستعمل في الصناعة والنقل.
وأحدث المغرب اللجنة الوطنية للهيدروجين، ستتولى تدبير وتتبع إنجاز الدراسات في مجال الهيدروجين، وفحص تنفيذ خارطة الطريق لإنتاج الهيدروجين ومشتقاته.
وعمد كذلك إلى إحداث لجنة علمية منبثقة عن اللجنة الوطنية للهيدروجين، التي ستتولى تحديد التوجهات الاستراتيجية لإنتاج الهيدروجين ومشتقاته وتحديد المشاريع النموجية من تنفيذ خارطة الطريق المخصصة لمشروع الهيدروجين.
ويتم التمييز بين الهيدروجين الأزرق المنبثق من الغاز، والهيدروجين الأخضر المستخلص من الماء، وهو الهيدروجين الذي ينتظر أن يركز عليه المغرب، حيث يعتبر وزير الطاقة والمعادن والبيئة، عزيز رباح، أن إنتاج الهيدروجين الأخضر واستخدامه يحتوي على إمكانيات كبيرة مع آثار مناخية إيجابية، مؤكدا على أن ذلك المشروع يساعد على تخزين الطاقة على المدى البعيد.
ويذهب بدر يكن، مدير عام معهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات المتجددة، إلى أن المغرب يراهن على الابتكار من أجل إدماج الهيدروجين الأخضر، " فهي طاقة يمكن تخزينها، ويمكن أن تساهم في دمقرطة الولوج إلى الطاقة".
ويشير إلى أنه في ما يتصل بالصناعة، سيتيح الهيدروجين فتح فرص جديدة، فمن أجل الاندماج الصناعي المحلي، كان يتوجب سابقا الاستجابة لحاجيات طاقية محدودة، غير أنه مع الهيدروجين سيكون المغرب قادرا على إنتاج مصدر للطاقة وتصديرها كما يصدر السيارات حاليا.
ويتصور أن ذلك سيكون فرصة لخلق الثروة، ليس فقط للمغرب، بل كذلك للعديد من البلدان الإفريقية التي تتوفر على رصيد مهم من الطاقات المتجددة التي تتيحها الشمس والرياح.
حصة مأمولة
ويشير معهد "فراونهوفر" الألماني، في دراسة له، إلى أن المغرب يمكنه أن يستحود على حصة من الطلب العالمي على الهيدروجين النظيف، تقدر بمابين 2 و4 في المائة من الطلب العالمي في أفق العشرة أعوام المقبلة.
ويعتقد يكن، في ندوة سعت إلي مقاربة ما إذا كانت الجائحة ستقلب صناعة الطاقة، أنه إذا تمكن المغرب من الاستجابة لـ8 في المائة من الحاجيات العالمية من الهيدروجين في أفق 2045، سيصبح أحد البلدان المصدرة للمحروقات النظيفة.
وفي معرض تعداده للفوائد التي يمكن أن يجنيه الاقتصاد المغربي من الهيدروجين، يشير إلى أنه يمكن أن يساعد على إنتاج الأمونياك المركب مثلا الذي يمكن أن يمثل فرصة اقتصادية واعدة للمغرب.
فقد أكد رباح على أن المغرب يستورد مليوني طن من الأمونياك من أجل إنتاج الأسمدة المعتمدة على الفوسفور، حيث تمتص تلك الواردات حوالي 6 ملايير درهم، مؤكدا على أنه يمكن عبر الهيدروجين إنتاج الأمونياك الأخضر.
هيدروجين الانتقال
ويندرج التوجه نحو الهيدروجين ضمن الانتقال الطاقي للمغرب، الذي كان موضوع رأى صادر عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الذي يعتبر أن المغرب يتوفر على إمكانيات مهمة في الطاقة الخضراء، حيث يمكن أن يفضي استغلالها إلي أن يحول المغرب إلي بلد صاحب ريادة في مجال الانتقال الطاقي.
ويتصور المجلس أنه يمكن، عبر الانتقال الطاقي، أن يساهم في خفض التبعية الطاقية والتبعية الخاصة بالمنتجات النفطية بنسبة 17 في المائة في أفق 2050، مشيرا إلى أن الطاقة المتجددة يمكن تمثل 96 في المائة من القدرة المركبة للمزيج الطاقي.
ويعتبر في رأيه أن الانتقال الطاقي يمكن أن يفضي إلي تقليص قاتورة الطاقة بنسبة 12 في المائة، في الوقت نفسه، الذي قد تتم مضاعفة الطاقة المستهلكة بثلاث مرات، مع خفض ميزان الأداءات بحوالي 74 مليار درهم في أفق 2050.
ويرى أنه عند إدخال الطاقات المتجدة، سيتم تقليص انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 30 في المائة، وانبعاثات الجزئيات بنسبة 50 في المائة، ما سينعكس إيجابا على صحة الساكنة والمساهمة في مواجهة التغيرات المناخية.
هذا ما يدفع المجلس إلى التأكيد على إعادة تشكيل السياسات المتعلقة بالطاقة، عبر رفع حصة الطاقات المتجددة في مجموع المزيج الطاقي، وتشجيع نشر الإنتاج اللامركزي المدعوم بالرقمنة، وتعميم اللجوء إلي النجاعة الطاقية، والانتقال نحو التنقل المستدام، لا سيما التنقل الكهربائى، وتحسين تكاليف إنتاج تحلية مياه البحر، وإنتاج الجزئيات الخضراء والطاقة الهيدروجينية، والإعداد عبرها لتنافسة الطاقة في المستقبل.
أول الغيث
يعتبر المغرب شريكا تاريخيا للاتحاد الأوروبي، حيث يوجد في وضعية جيدة، بالنظر للإمكانيات الشمسية والريحية المهمة التي يتوفر عليها والمشاريع التي أطلقها في هذا المجال، هذا ما يبرر التوقيع على اتفاقية مع ألمانيا، في الصيف الماضي، التي تتضمن مشروعا مركزيا يرمي إلى بناء وحدة لإنتاج الهيدروجين الأخضر.
وقعت تلك الاتفاقية مع ألمانيا في يونيو الماضي، على اتفاق يتعلق بتطوير إنتاج الهيدروجين الأخضر، حيث يروم الاتفاق تطوير قطاع إنتاج الهيدروجين الأخضر، ووضع مشاريع للأبحاث والاستثمارات في استعمال هذه المادة التي تعد مصدرا للطاقة الإيكولوجية.
وقد أوضح بدر يكن أن ألمانيا التي أبرم معها المغرب تلك الاتفاق، تنوي إغلاق بعض محطات الفحم واستيراد الطاقة. هذا أحد الأهداف الرئيسية لتلك الاتفاقية على المدى المتوسط، ما يعني أن هناك حاجيات كبيرة للاستيراد في أوروبا.
ويراد من وراء ذلك الاتفاق تطوير إنتاج الهيدروجين الأخضر، وهو الاتفاق الذي وقعته ألمانيا مع المغرب بعد تبنيها استراتيجية وطنية حول الهيدروجين، والتي ينتظر أن تصل كلفتها إلى 7 ملايير أورو، مع رصد ملياري أورو للتعاون مع الشركات الدوليين.
وأشاد وزير التنمية الألمانلي غيرد مولر بالتعاون مع المغرب، وقال، في تصريح له "نقوم الآن بتطوير أول مصنع لإنتاج 'الهيدروجين الأخضر' في إفريقيا. ومن خلال القيام بذلك، فإننا نحدث وظائف لكثير من الشباب، ونعزز ريادة ألمانيا في مجال التكنولوجيا، ونساعد في الوصول إلى الأهداف المناخية الدولية".
ويرتقب أن يساهم مصنع الهيدروجين الصناعي، الذي يراد تشييده بالمغرب، في إحداث تغيير في قطاع الطاقات المتجددة في ألمانيا، حيث سيتم تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بـ100 ألف طن. هذا ما يدفع الوزير الألماني إلى القول إن "استراتيجية الهيدروجين تسمح لنا بأن نحقق قفزة عملاقة نحو الوقود المحايد للكربون والانتقال الطاقي العالمي، ويمكن أن يصبح الهيدروجين الأخضر ومشتقاته، مثل الميثانول، 'وقود' المستقبل النظيف".
وينطوي الاتفاق على المشروع النموذجي "باور تو إكس"، القائم على إنتاج الهيدروجين الأخضر في الصناعة، ومشروع لإحداث منصة للإبحاث حول "باور تو إكس"، ونقل المعارف وتعزيز القدرات الراهنة بشراكة مع المعهد المغربي للأبحاب في الطاقة الشمسية والطاقات المتجددة.

مقالات ذات صلة
الأنشطة الملكية