تكنولوجيا
حرب براءات اختراع لقاحات كورونا في 10 أسئلة
12/05/2021 - 00:00
سهام خلوف (متدربة)أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية، الأربعاء 5 ماي، دعمها لتعليق براءات اختراع اللقاحات المضادة لفيروس كورونا، كما أكد الاتحاد الأوروبي أنه "مستعد لمناقشة" هذا الاقتراح.
1- ما هي الدول التي تدعم رفع براءات اختراع الأدوية؟
عارضت الدول الغنية الكبرى، بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوروبي، حتى وقت قريب، رفع براءات اختراع الأدوية، مدعية أنه لن يحل مسألة وصول الدول النامية إلى اللقاحات.
وعلى نحو غير متوقع، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية، يوم الأربعاء 05 ماي الجاري، تخليها عن معارضتها للتنازل عن الملكية الفكرية الخاصة بلقاحات كورونا. وفي هذا السياق، قالت ممثلة التجارة الأمريكية كاثرين تاي أن "الظروف الاستثنائية لوباء كورونا تستدعي اتخاذ إجراءات استثنائية".
في الوقت الذي شكلت ألمانيا الاستثناء الوحيد، معتقدة أن هذا التنازل من شأنه أن يعيق المجموعات الصيدلانية عن الابتكار. فقد قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين أن الاتحاد الأوروبي "مستعد لمناقشة" الخطوة التي أقدمت عليها أمريكا. وحصلت الهند وجنوب إفريقيا، اللتان بادرتا بتنحية مسألة براءات اختراع اللقاحات جانبا، على دعم من 60 دولة من دول منظمة التجارة العالمية، بما فيها كينيا وباكستان ومصر. كما أبان المغرب، إلى جانب العديد من الدول كمصر واندونيسيا والباكستان، عن قدراته الإنتاجية في حالة رفع براءات الاختراع.
2- هل سيكون إجراء رفع براءات الاختراع سريعا؟
قدمت الهند وجنوب إفريقيا، في شهر أكتوبر الماضي، اقتراحهما بالتعليق المؤقت للعديد من أحكام اتفاق حقوق الملكية الفكرية لمنظمة التجارة العالمية التي تم التفاوض بشأنها منذ 25 عاما، حيث سيستمر هذا التعليق لبضع سنوات حتى يتم تلقيح غالبية سكان العالم.
وفي مواجهة المعارضة، ستراجع الدولتان نسختهما لجعل مقترحاتهما "أكثر مرونة"، وذلك بوضع نص جديد على الطاولة يوم الثلاثاء 11 ماي.
وفي النصف الثاني من الشهر، سيعقد اجتماع غير رسمي لدول منظمة التجارة العالمية قبل انعقاد المجلس الرسمي يومي 8 و9 يونيو في جنيف، في مقر منظمة التجارة العالمية. وهذه المناسبة يمكن أن تحدث طفرة، قبيل اجتماع وزراء التجارة المقرر عقده في أوائل فصل الصيف لتأييد الاتفاق.
3- كيف سيهدد رفع براءات اختراع اللقاحات النموذج التجاري لمختبرات الأدوية؟
من خلال البيانات المتعلقة بــ11 لقاح مسوق، توصل تحالف ابتكارات التأهب الوبائي ((CEPI إلى أن متوسط تكلفة تطوير هذه اللقاحات يتراوح بين 2,8 و3,7 مليار دولار، مع الأخذ بعين الاعتبار احتمالات الفشل التي تبلغ 94 بالمائة سنويا. وتجدر الإشارة إلى أن شركتي بيونتيك (BioNTech)، وموديرنا (Moderna) حققتا أرباحا كبيرة مكنتهما من النمو والتقدم بفضل براءات الاختراع؛ إذ تعتبر هذه الأخيرة أول ما يجذب المستثمرين. وبالتالي، يمكن أن يفضي رفع براءات الاختراع إلى تعزيز مكاسب الشركات التي تمكنت من جني مليارات الدولارات، على حساب اللقاحات المستقبلية المحتملة الأكثر كفاءة، والتي من شأنها أن لا تجد التمويل اللازم.
4-هل تشكل المختبرات جبهة موحدة؟
نعم، لأن المختبرات تخشى فقدان السيطرة على نظام براءات الاختراع أكثر من خسارة الإيرادات. بالنسبة إلى أسترازينيكا، التي منحت تراخيص مجانية لعدد من الشركات المصنعة، تدرك جيدا أنها لا تستطيع إنتاج كل شيء بنفسها، وبالتالي، فإن تعليق براءات الاختراع لن يغير شيئا بالنسبة لها.
وقد أعلنت شركة موديرنا، التي استفادت من مليار دولار من الأموال العامة، أنها ستسمح للتكنولوجيا الحيوية الأخرى باستخدام تقنيتها خلال فترة الوباء. وبالمقابل، فإن الرفع سيكون أكثر ضررا لفايزر-بيونتيك، الذي حقق أرباحا بمليارات الدولارات، ومول إنتاجه من ماله الخاص ومع متعهدين.
5-هل قدم رفع براءات الاختراع خدمات أخرى غير محاربة الوباء؟
في مذكرة مؤسسة الدراسات والبحوث حول التنمية الدولية، لوحظ أنه، منذ عام 2001، قامت حوالي عشرين دولة بتفعيل آلية الترخيص الإجباري في مجال الأدوية.
وإبان العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، فرضت العديد من الدول من بينها البرازيل، والإكوادور، وغانا، وإندونيسيا، وماليزيا، والموزمبيق، والتايلاند تراخيص إلزامية لمضادات فيروسات النسخ العكسي من أجل جعلها في متناول السكان المصابين بالإيدز. في حالة البرازيل في عام 2005، كان التهديد بفرض ترخيص إلزامي على كاليترا هو الذي دفع مختبر أبوت (Abbott) إلى الموافقة على تخفيض السعر المطلوب إلى النصف.
6- ما هي الأحكام القانونية المتوخاة؟
تسمح المادة 31 من اتفاقية الجوانب التجارية لحقوق الملكية الفكرية بمنح ترخيص إجباري لبراءة الاختراع من قبل السلطات العامة دون تصريح من مالكها ليتم استخدامها، شريطة دفع أجر كاف لصاحب الحق. ويجب ألا يكون هذا الترخيص الإجباري حصريا ويجب، كقاعدة عامة، منحه في المقام الأول لتزويد السوق المحلية. في عام 2001، أعاد إعلان الدوحة التأكيد على هذا الحق الذي يخول لكل دولة السماح لطرف ثالث بتصنيع المنتج المحمي ببراءة اختراع دون موافقة صاحب البراءة.
وفي عام 2005، شمل هذا الحق الإنتاج المخصص للتصدير إلى البلدان التي لا تملك طاقة إنتاجية خاصة بها. لكن بالنسبة لجنوب إفريقيا، تظل إجراءات الحصول على هذا الترخيص الإجباري معقدة للغاية، وتتضمن الكثير من الشروط، وتفتقر إلى الشفافية.
7-هل البلدان النامية في وضع يسمح لها باستخدام هذه البراءات؟
إن الحصول على براءات الاختراع لا يكفي لإنتاج اللقاحات، نظرا لانعدام الخبرة والدراية، إلا أن نقل التكنولوجيا قد يستغرق شهورا لهذه الأنواع من الصناعات الفائقة التطور. كما أن إنتاجه في ظل ظروف جيدة لا يؤدي بالضرورة إلى النجاح، كما أظهر مثال لقاح أسترازينيكا. إن دولة البرازيل أو الهند قادرتان أيضا على إنتاج لقاحات، لكنها لقاحات تعتمد تقنية نواقل الفيروس الغدي التي حصلوا على تراخيص لها، أو اللقاح المستقبلي المحتمل من سانوفي.
كما صرح ستيفان بانسل، رئيس شركة موديرنا، يوم الخميس 6 ماي، بمناسبة نتائج الربع الأول، أنه بالنسبة للقاحات الحمض النووي الريبوزي (ARN)، لا توجد طاقة إنتاجية متاحة في العالم. كما أن إمدادات المواد الخام أو معدات الإنتاج قليلة للغاية، كما أوضح مثال نوفافاكس. وبالتالي، فإن تعليق براءات الاختراع ليس بالضرورة الحل الأنجع لتوصيل اللقاحات بشكل منصف إلى البلدان المختلفة.
8- ماذا عن صعوبات المختبرات في الوصول إلى المواد الأولية؟
من بين المشاكل التي من المحتمل أن تشكل مصدرا للقلق لدى المختبرات، إلى جانب تحديات رفع براءات الاختراع عن اللقاحات، الوصول إلى المواد الخام اللازمة لتصنيعها. وأبلغ معهد سيروم في الهند، أكبر مصنع للقاحات في العالم، ورئيس شركة كيورفاك الألمانية فرانز فيرنر-هاس مؤخرا عن وجود توترات في سلسلة الإمدادات. إذ يتهم كلاهما الولايات المتحدة بمصادرة المواد المنتجة على ترابها، مثل النيوكليوتيدات - وهي جزيئات تستخدم في تصنيع المادة الفعالة للقاح القائم على الحمض النووي الريبوزي.
وقد كشفت ماري هامبلو فيريرو، المديرة المساعدة في مجموعة بوسطن الاستشارية (BCG)، عن وجود توترات بشأن المواد الخام. تعتبر المواد المستخدمة حتى الآن في صميم إنتاج اللقاحات، حيث تهدف شركات مثل موديرنا وفايزر إلى إنتاج ما يقرب 3 مليارات جرعة بسرعة كبيرة.
وفي هذا الصدد، تؤكد المتحدثة أنه "يمكننا أن نكون متفائلين ونقول أنها ليست إلا مسألة تنظيم". كما أن الولايات المتحدة تعهدت بالعمل على توفير المزيد من المواد الخام لإنتاج اللقاحات.
9- كيف تسير شروط المناقشة في أوروبا؟
فتحت أورسولا فون دير لايين، رئيسة المفوضية الأوروبية، صباح الخميس 6 ماي، المجال أمام رفع براءة اختراع اللقاحات المضادة لفيروس كورونا. وجاء ذلك بعد الإعلان المفاجئ لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن. وينظر إلى هذا الإعلان في بروكسل على أنه عملية اتصال تهدف إلى جعل الناس ينسون أن الولايات المتحدة لم تصدر أي لقاح تقريبا، بينما أرسلت أوروبا، من جانبها، نصف إنتاجها إلى جميع أنحاء العالم. وبشكل أساسي، قد يكون رفع براءات الاختراع استجابة ضرورية طويلة الأجل، لكنه ليس الدواء الشافي قصير المدى، حيث سيستغرق الأمر شهورا للحصول على القدرة على الإنتاج والخبرة اللازمتين.
وفي هذا السياق، تشدد أوروبا، قبل كل شيء، على أن أفضل طريقة لمساعدة البلدان التي تواجه صعوبات في الأشهر المقبلة هي مواصلة تعزيز القدرة الإنتاجية الحالية وتسريع تقديم اللقاحات إلى البلدان الفقيرة. وفي منظمة التجارة العالمية، ستهتم الدول الأوروبية أيضا بأنواع التقنيات الخاضعة لرفع براءات الاختراع المحتملة، إلا أن البعض قد يعارض لقاحات تقنية الحمض النووي الريبوزي الرسول (فايزر وموديرنا)، وهي تقنية واعدة لمستقبل الطب.
10- ما الذي قدم للدول الفقيرة؟
تعتمد الدول الفقيرة على آلية كوفاكس في لقاحاتهم، إذ تطمح هذه الآلية إلى توفير ملياري جرعة من اللقاحات بتكلفة منخفضة أو مجانا إلى 142 دولة محرومة. وقد وصلت الدفعة الأولى إلى غانا في 24 من فبراير الماضي، ثم إلى الكوت ديفوار، مما سمح لهذين البلدين ببدء حملة التطعيم الخاصة بهما. ومع ذلك، لا تزال الآلية في تراجع، حيث لم تقدم سوى 49 مليون جرعة في 121 دولة، بعيدا عن الهدف البالغ ملياري جرعة.
ترجمة بتصرف عن "ليزيكو" الفرنسية
مقالات ذات صلة
مجتمع
عالم
مجتمع