مجتمع
حملة برتقالية لإنهاء العنف ضد النساء
25/11/2020 - 15:33
مريم الجابريأعطى رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، انطلاقة الحملة اليوم بكافة ربوع المملكة، التي تضم موضوع اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، مع تحويل العالم إلى البرتقالي، تحت شعار "استجيبوا، وامنعوا، وجمعوا". وستختتم الحملة، في 10 دجنبر2020، الذي يتزامن مع حلول اليوم العالمي لحقوق الإنسان.
وتعاني نسبة كبيرة من النساء المغربيات جرحا دفينا بسبب العنف، لكن الجائحة عرت عليه ودفعتهن إلى رصد معانتهن مع عنف نخر أجسادهن واقتات من ألم معاناتهن.
وخلال فترة الجائحة عرف تزايد في حدة العنف وتصاعدا في وتيرته. فبالإضافة إلى الحالات التي كانت تستقبلها مراكز النجدة والتي توقفت خلال فترة الحجر واضطرت بعض النساء إلى التراجع والتنازل عنها والاستسلام، لواقع العنف داخل منازلهن.
ومن الشهادات التي وصلت "SNRTnews"، حالة "نعيمة"، البالغة من العمر30 سنة، وهي أم لأربع أطفال، تعنف من قبل زوجها المدمن على الكحول، وتعبر بأسى وخيبة أمل شديدين: "زوجي مدمن. وكان كلما عاد إلى البيت نشبت بيننا خصومات تنتهي بشتمي وضربني على أبسط الأمور. والآن بعد 'كورونا' أصبح يشتري قنينات الكحول، ويتناولها في البيت أمام أعين أبنائه. وبعد انتهائه، يحاول مضايقتي وابتزازي ثم ينهال علي بالضرب، وأنا لا مفر لي. هل أترك بيتي وأبنائي وأخرج للشارع؟".
تقول "نعيمة" بمرارة مسترسلة: "قبل الجائحة، كنت أحيانا أذهب إلى بيت أمي لأخفف قليلا علي، لكن الوضع الآن أصبح لا يطاق... لم أعد أنام في الليل من كثرة تفكيري، وأحس بأن نفسيتي وكرامتي أصبحتا بلا قيمة".
مؤشرات رقمية
كشف التقرير المرحلي لمحاربة العنف ضد المرأة وضمان حقوقها الاقتصادية الذي أعده أخيرا اتحاد العمل النسائي أن الأضرار الجسدية للعنف ارتفعت بنسبة 60% في المائة، في حين أن الأضرار النفسية تمثل 34% والجنسية 6%. ومما فاقم من معاناة النساء، صعوبة الولوج إلى العدالة وتأخر اشتغال المحاكم بسبب تدابير الحجر.
ويتراوح متوسط سن المعنفات، حسب التقرير، ما بين 12 و76 سنة، حيث تمثل نسبة النساء المعنفات في صفوف ربات البيوت 49,62%، والعاطلات 16,24%، والعاملات 14,81% ، أما المنظفات وعاملات المنازل فتصل نسبة العنف لديهن إلى 8,88%، والموظفات 6%، وبخصوص الطالبات والتلميذات 2,22%، أما المهن المختلفة فتظل في حدود 2,22%.
ومن جهة ثانية، أبرز التقرير المرحلي أن حوالي نصف الوافدات على المراكز، هن ربات بيوت بما تعنيه هذه الوضعية من كونهن لا يتقاضين تعويضا عن هذه المهام التي يقمن بها، والقليل من لهن تغطية صحية مع ازواجهن أوأبنائهن. وما يطرحه هذا الوضع حين تنضاف إليه معاناة العنف.
وتجدر الإشارة إلى أنه لم تستفيد سوى 26,66%، في حين أن 73,3% لم يصلهم أي دعم، فربع الوافدات هن اللواتي استفدن من الدعم، وأحيانا يستولي عليه الزوج، مما يوضح أنه ليس هناك مساواة في الدعم، وهناك معيقات وإكراهات تحول دونهن والاستفادة، حسب التقرير المرحلي.
ولكون الدعم وجه لأصحاب بطاقة "راميد" التي لم تكن أغلبهن تتوفر عليها، ولصعوبة ملء الاستمارة الإلكترونية لنسبة الأمية في صفوفهن، ولأن الكثير منهن تمارس أعمالا غير نظامية وغير مسجلات في صندوق الضمان الاجتماعي، فلا تتجاوز نسبة المستفيدات 10% وغالبا كمستفيدات مع أزواجهن، كما سبق الذكر.
ومن هنا ظلت هذه الإجراءات ناقصة، لم تأخذ بعين الاعتبار مقاربة النوع ووضعية الهشاشة عند النساء، بالإضافة إلى معاناتهن من العنف، الذي يصل إلى 54%، حسب الإحصائيات الأخيرة لوزارة التضامن، والذي تضاعف خلال الحجر الصحي، مما يجعل عددا كبيرا من النساء يعشن في ظل هذه الجائحة عنفا مضاعفا جسديا ونفسيا وجنسيا واقتصاديا.
ويضيف التقرير أن المشكل هنا بالأساس يرجع إلى ارتفاع نسبة الأمية، التي تمثل 28%، في حين أن المستوى الابتدائي لا يبلغ % 20، والمستوى الإعدادي يقف في سقف 33,71%، وكذلك المستوى الثانوي التأهيلي الذي هو الآخر منخفض 12,57%، وبالمقابل تظل نسبة المستوى الجامعي ضعيفة جدا وهي 5,71%، ومنه فإن نسبة 18,21% من لهن مؤهلات تمكنهن من الولوج لسوق الشغل، والباقي مستواهن التعليمي بسيط ما بين الأمية والمستوى الابتدائي والإعدادي أكثر من ثمانين بالمائة، لايجدن فرص الشغل في مجالات نظامية، لا يترك أمامهن إلا اختيار الأعمال غير المنتظمة بما تخلفه من ضعف المردودية، وعدم الاستقرار.
ناقوس الخطر
تؤثر العواقب السلبية المترتبة عن العنف ضد المرأة والفتاة، على صحة النساء النفسية والجنسية والجسدية والإنجابية، في جميع مراحل حياتها، فالعنف ضد النساء والفتيات هو أحد أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشارا واستمرارا وتدميرا في عالمنا اليوم.
إلا أن معظمه لازال غير مبلغ عنه بسبب انعدام العقاب والصمت والإحساس بالفضيحة، أو في أحيان كثيرة الخوف، فحسب معطيات المركز تنقسم نسبة أنواع العنف إلى ثلاث، الجسدي الذي يصل الى 60%، والجنسي في حدود6%، أما النفسي فيصل إلى 34%، فهذا الأخير الذي يتم عن طريق التهديد ،وإساءة المعاملة و السب و الإهانة، الابتزاز يدخل في خانته، عنف اقتصادي كالهجر والإهمال و عدم الإنفاق و السرقة، والذي بدوره يؤدي إلى عنف قانوني بعدم تسجيل الأبناء في الحالة المدنية، اختطاف الابناء، حرمان الأم من حضانة ابنائها، الخيانة الزوجية ، حمل خارج الزواج، تزويج القاصر بالمغتصب، الطرد من بيت الزوجية، ويتم توزيعه كالتالي، نفسي يمثل 37,84%، اقتصادي في حدود 42,62%، أما قانوني فيصل إلى 19,53%. بما مجموعه 465 حالة عنف تكشف تعرض الضحايا لعنف مركب بمعدل تعرض كل واحدة لأكثر من نوعين من أنواع العنف.
يمكن أن ينجم عن العنف ضد المرأة العديد من الإصابات، بالإضافة إلى الصداع، وآلام في الظهر والبطن، واضطرابات في الألياف العضلية والجهاز الهضمي، ومحدودية الحركة، ويمكن أن تشمل الآثار النفسية للعنف ضد المرأة الإصابة بالاكتئاب، والشعور بالإجهاد، واضطرابات في الأكل، كما يمكن أن يقود المرأة أحياناً إلى محاولات الانتحار.
أما بالنسبة للآثار الاجتماعية والاقتصادية فتتمثل في كون العنف ضد المرأة يصبح عائقاً أمام مشاركتها في الأنشطة المنتظمة، فقد تعاني النساء نتيجة العنف من العزلة، وعدم القدرة على العمل، وبالتالي فقدان الأجر، كما يمكن أن ينتج عن العنف عدم تمكن المرأة من الاعتناء بنفسها وأطفالها بالشكل الصحيح.
الوقاية والاستجابة
وأشار التقرير أن النساء يعانين من كل أنواع العنف، مما يسائل المنظومة القيمية في مجتمعنا والثقافة السائدة، والتي لا تتغير رغم القوانين والتشريعات ورغم الظروف الضاغطة بفعل هذه الجائحة التي قد تكون فرصة لمراجعة السلوك و الأخطاء، وتساءل الوزارات المعنية كوزارة التضامن والأسرة ووزارة الصحة ووزارة العدل، وحتى الإعلام والتربية والتكوين والمالية والأوقاف ومسؤولية الجماعات المحلية أيضا، عن أي تدابير وأي برامج وأية آليات وأية ميزانيات وضعت لمواجهة هذا الكم من العنف في ظل هذه الجائحة باعتباره أولوية؟
فأكثر من نصف الوافدات بادرن قبل لجوئهن، لمركز النجدة، باتخاذ بعض الإجراءات في حدود قدراتهن تكشف تطورا في سلوك هؤلاء النساء ومقاومة لهذا العنف ومحاولة الخروج من دائرته.
ووزعت الدعاوى كالتالي: رفع دعوى النفقة بنسبة 46,39%، ورفع دعوى الطلاق بنسبة 7,21%، وضع شكاية 35,05%، وكتابة محضر لدى الشرطة أو الدرك حيث وصلت إلى 4,12%، ذهاب للمستشفى لا يقل عن 2,06%، الهروب من بيت الزوجية اللجوء للأهل او الجيران او الأقارب بنسبة 4,12%.
وبالمقابل، عبرت هؤلاء الناجيات عن تشبتهن بحقوقهن وحقوق أبنائهن، التي نصت عليها كل القوانين المغربية، بدءا بالدستور كأعلى سلطة والقانون 13/103 لمناهضة العنف ضد النساء، ولكن تفعيلها وانعكاسها على أوضاعهن غير ملموس.
كما تم الحصول على العمل والتأهيل والتكوين والسكن بما يحافظ لها ولأبنائها على الكرامة، وتحقيق نتائج لصالحها في دعاواها، التي تتوزع كالتالي الحصول على النفقة 23,42%، التطليق 16,57%، وأخذ حقوقها و حقوق أبنائها (كما عبرن عنها) 13,71%، الحماية من العنف 13,71%، الرجوع لبيت الزوجية% 8، السكن والإيواء 5,7%، الحصول على عمل 5,14%، متابعة الشكاية 4,56%، متابعة إجراءات ثبوت الزوجية وتسجيل، الأبناء %4، تطلب دعم الجمعية 2,28%، تأهيل و تكوين 1,14%، حضانة الابناء 1,14%،التبليغ والتنفيذ 1,14%.
إجراءات للتخفيف
وحسب التقرير فإن السلطة القضائية عممت لائحة، بأرقام هواتف وفاكسات وبريد إلكتروني للنيابة العامة ومحاكم ومستشفيات خلال فترة الحجر الصحي، ووجهت تعليمات لرؤساء النيابات العامة في محاكم الاستئناف والابتدائية لتلقي شكايات ضحايا العنف والبحث فيها.
ومنذ بداية أبريل 2020 عملت وزارة التضامن على إطلاق برنامج لمحاربة كورونا في إطار صندوق مواجهة الجائحة، لتقديم الدعم والمواكبة للنساء ضحايا العنف عن بعد، والتنسيق مع المصالح المختصة لحماية الضحايا والتوجيه والإرشاد نحو الخدمات. وفي بداية ماي 2020 عملت رئاسة النيابة العامة على تمكين النيابات العامة في المحاكم (ابتدائية، استئناف، قضاء الأسرة) من تنظيم منصات خاصة وعقد لقاءات تواصلية عن بعد مع الجمعيات والخبراء للتوصل لحل بخصوص هذه المسألة.
وعمل اتحاد العمل النسائي، على فتح منصة للتواصل مع النساء المعنفات واستقبال اتصالاتهن عن بعد ومتابعة قضاياهن، والاتصال بالشرطة والدرك وخلايا التكفل بالنساء و الطفلات ضحايا العنف، وتوفير الإيواء لبعضهن وإصدار بيانات في العديد من فروع اتحاد العمل، ونشر تقرير عن فترة الحجر ونشر تصريحات لمناضلات الاتحاد، عبر المواقع الإلكترونية والجرائد والمجلات و تنظيم ندوات عن بعد مع العديد من الفاعلين الجمعويين. كان لهذا العمل أثر إيجابي على أوضاع الناجيات، بفتحه أمامهن نافذة على العالم الخارجي، للوصول إلى آليات الحماية رغم كل الظروف الضاغطة.
مقترحات حلول
حرصت لجنة الإعلام والتواصل على إعداد ملصقات خاصة، بالبرنامج تتضمن تعريفا بالمراكز الثلاثة وأرقام الهواتف الخاصة بها، وملصقا خاصا بالخدمات التي تستطيع المراكز تقديمها و ملصقا خاصا بالحقوق الاقتصادية للنساء، ليتم نشرها خلال مراحل البرنامج عبر المواقع الاجتماعية و"فايسبوك" و"إنستغرام".
و قد سجلت رقم مشاهدة مهم، كما نظم لقاء تحسيسي لفائدة النساء ضحايا العنف بمركز الدار البيضاء، حول الإشكالات القانونية التي تعترض النساء خلال هذه المرحلة، و تم عقد لقاء مع رئيسة اللجنة الوطنية للتكفل بالنساء والطفلات ضحايا العنف، التي أوضحت أن الإشكالات التي تعترض الخلايا بعد تجديد هيكلتها، متمثلة بالأساس في الحاجة إلى تكوين هؤلاء المتدخلين الاوائل وفق مرجعيات حقوقية.
كم تم وضع إرشادات تقنية فيما يخص الوقاية، من العنف الممارس من قبل الشريك المعاشر والوقاية من العنف الجنسي، بالاستناد إلى البيانات، كما تم تعزيز استجابة القطاع الصحي لهذين الشكلين من العنف، ودعم الجهود الوطنية من أجل المضي قدما بحقوق المرأة وتوقف العنف الممارس ضدها، بالإضافة إلى التعاون مع الوكالات والمنظمات الدولية من أجل الحد من العنف الممارس ضد المرأة.
مقالات ذات صلة
مجتمع
مجتمع