عالم
من هو القرشي زعيم تنظيم الدولة الإسلامية؟
03/02/2022 - 20:39
أ.ف.بقال الرئيس الأميركي جو بايدن إنّ بلاده "أزالت تهديداً إرهابياً كبيراً" بمقتل القرشي الذي فجّر نفسه فجر الخميس خلال عملية عسكرية استهدفت منزلاً كان يقيم فيه مع عائلته في بلدة أطمة في شمال غرب سوريا. والقرشي، واسمه الحقيقي أمير محمّد عبد الرحمن المولى الصلبي، عُرف بألقاب عديدة منها "الأمير" و"الأستاذ" و"المدمّر"، وكان قبل أن يتزعّم التنظيم الجهادي نهاية أكتوبر 2019 خلفاً لأبي بكر البغدادي الذي تمّت تصفيته في عملية أميركية مماثلة، شخصاً مجهولاً لكثير من الخبراء بشؤون الجماعات الجهادية.
وكانت الولايات المتحدة رصدت في غشت 2019 مكافأة مالية تصل قيمتها إلى خمسة ملايين دولار، ضاعفت قيمتها لاحقاً إلى عشرة ملايين، مقابل أي معلومة تقودها إلى المولى.
والقرشي مجاز من كلّية العلوم الإسلامية في جامعة الموصل ويتحدّر من الأقليّة التركمانية في العراق، وهو بالتالي أحد القياديين غير العرب النادرين في التنظيم الجهادي.
وهذا الضابط السابق في جيش صدام حسين التحق بصفوف تنظيم القاعدة في أعقاب الغزو الأميركي للعراق في 2003، وفقاً لمنظمة "كاونتر إكستريميزم برودجكت" "سي إي بي" الأميركية غير الحكومية.
تصفية الأقلية الأيزيدية
في 2004 اعتقلته القوات الأميركية وأودعته سجن بوكا (جنوب العراق) حيث تعرّف إلى البغدادي. وبعد أن أطلق الجيش الأميركي سراحهما لأسباب غير معروفة، عمل المولى جنباً إلى جنب مع رفيقه السابق في السجن والذي سيصبح في 2010 زعيماً لفرع تنظيم القاعدة في العراق قبل أن يؤسّس تنظيم الدولة الإسلامية في العراق ثم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا (داعش).
ووفقاً لـ"سي إي بي" فإنّ "المولى ارتقى بسرعة المراتب العليا لحركة التمرّد، ولُقّب بـ"الأستاذ" و"المدمّر"، بعد أن اكتسب في أوساط الجهاديين سمعة بأنه رجل متوحش، ولا سيّما من خلال قضائه على معارضي البغدادي في صفوف التنظيم.
وسرعان ما انتشرت في تلعفر، مسقط رأسه على بُعد 70 كيلومتراً إلى الغرب من مدينة الموصل، ورش لصنع العبوات الناسفة ومراكز للتخطيط للهجمات الجهادية. ووفقاً للأستاذ في جامعة العلوم السياسية في باريس جان-بيار فيليو، الخبير في شؤون الجماعات الجهادية، فإنّ "أبو عمر التركماني" أدّى "دوراً رئيسياً في الحملة الجهادية لتصفية الأقليّة الأيزيدية من خلال المذابح والطرد والاستعباد الجنسي".
ومنذ تولّيه زعامة التنظيم الجهادي، لم يسجّل أيّ ظهور علني للقرشي الذي سعى لأن يستعيد تنظيمه الزخم الذي كان عليه حين أعلن قيام دولة "الخلافة" على مساحة شاسعة سيطر عليها الجهاديون في سوريا والعراق بين 2014 و2019.
وقال فيليو لوكالة فرانس برس الخميس إنّ "الولايات المتّحدة ردّت بقوّة ودقّة على تحدّ لا يُحتمل بالنسبة اليها وتمثّل بحمام الدم الذي حصل في سجن الحسكة"، في إشارة إلى الهجوم الذي شنّه مقاتلون من تنظيم الدولة الإسلامية في يناير على سجن الصناعة في شمال شرق سوريا لتحرير رفاقهم الجهاديين المحتجزين داخله.
وأضاف أنّ "المولى كان قائداً عملانياً حقيقياً، ومن المحتمل أن يؤدّي القضاء عليه إلى إعاقة صعود قوة التنظيم الجهادي، على الأقلّ موقتاً". من جهته، قال داميان فيريه الذي يدير شركة "جهاد أناليتيكس" المتخصّصة في تحليل المعلومات المرتبطة بالجهاد الدولي والسيبراني إنّ القرشي عمل خلال تزعّمه تنظيم الدولة الإسلامية "على أن تكون ولاية خراسان في تنظيم الدولة الإسلامية (فرع التنظيم في أفغانستان) في موقع الصدارة قبل وقت طويل من وصول طالبان إلى السلطة". ومذّاك أصبحت "ولاية خراسان" مصدر التهديد الرئيسي لنظام طالبان في أفغانستان، لا سيّما مع الهجوم الدامي الذي شنّه التنظيم الجهادي على مطار كابول أثناء انسحاب الولايات المتحدة في غشت 2021.
كذلك فإنّ تنظيم الدولة الإسلامية في عهد المولى شهد صعوداً لافتاً في منطقة بحيرة تشاد، لا سيّما بعد أن بايعه قسم من مقاتلي جماعة بوكو حرام، وكذلك في وسط إفريقيا.
نكسة كبيرة
وبالنسبة إلى فيريه فإنّ "تنظيم الدولة الإسلامية استعاد وهجه في 2020 قبل أن تتراجع عملياته كمّاً ونوعاً خلال العام الماضي"، حتى وإن استمرّ نشاطه في المنطقة العراقية-السورية كما برهن عن ذلك الهجوم على سجن الحسكة.
ومن غير المرجّح أن يشكّل مقتل القرشي ضربة قاصمة للتنظيم إذ إنه، بحسب خبراء، يحضّر على الدوام أشخاصاً لخلافة قادته. والخميس لم تتوافر أيّ معلومات عن الشخص الذي يمكن أن يخلف المولى على رأس التنظيم. وعلى غرار منافسه الرئيسي تنظيم القاعدة، نجح تنظيم الدولة الإسلامية على الدوام في البقاء على قيد الحياة في كلّ مرة قُطع فيها رأسه. وبالنسبة إلى هانز-جاكوب شيندلر، الخبير السابق في الأمم المتّحدة والذي يدير حالياً "سي إي بي" فإنّ مقتل المولى "يشكّل بوضوح نكسة كبيرة" لتنظيم الدولة الإسلامية. وأضاف "بالطبع سيتعيّن عليهم العثور على زعيم جديد، وطرح اسم اليوم سيكون مجرّد تكهّنات (...). لكنّ الخطأ سيكون الاعتقاد بأنّ كلّ شيء انتهى، أو بأنّ الأمور أفضل بعد هذه التصفية، مع الأخذ في الاعتبار العدد المنخفض للهجمات في أوروبا والولايات المتحدة" مؤخّراً.
مقالات ذات صلة
عالم
عالم
مجتمع
إفريقيا