اقتصاد
الخبير الرهج : هذه مبررات إصلاح الضريبة على الدخل للموظفين والأجراء
21/09/2022 - 16:55
وئام فراجفي هذا الحوار، يتطرق محمد الرهج، الخبير الجبائي والأستاذ بالمعهد العالي للتجارة وإدارة المقاولات بالدار البيضاء، إلى ثلاثة إصلاحات يجب، بحسبه، أن تشمل نظام الضريبة على الدخل من أجل مواكبة التضخم الذي تسجله المملكة، ويرتقب أن يصل هذه السنة إلى 7 في المائة.
ما الذي يبرر مراجعة الضريبة على الدخل؟
يجب التذكير بأن التوصيات المنبثقة من المناظرة الوطنية الثالثة للجبايات بالصخيرات لسنة 2019، ألحت على ترسيخ مبدأ التضريب على أساس الدخل العام بالنسبة إلى الضريبة على الدخل، وتم الاتفاق عليها بالإجماع، لكن لم تُطبق بعد.
وقد حان الأوان للمرور إلى مرحلة التنفيذ، وهذا ما سيظهر خلال صياغة مشروع قانون المالية لسنة 2023، الذي يجب أن يتضمن قرارات متعلقة بإصلاح الضريبة على الدخل، لكونها أول الإصلاحات الخاصة بالنظام الجبائي.
ولعل الظرفية الحالية المتسمة بارتفاع التضخم الذي انتقل من أقل من 2 في المائة إلى أكثر من 7 في المائة يبرر إعادة النظر في الضريبة على الدخل، بما يخفض الضغط عن الأجراء والموظفين، الذين تضررت قدرتهم الشرائية.
في نظركم، كيف يمكن إصلاح نظام الضريبة على الدخل؟
توجد ثلاثة أنواع من الإصلاحات يجب إدخالها على نظام الضريبة على الدخل من أجل مواكبة التضخم الذي ينهك القدرة الشرائية للمواطنين، أولها العمل على مراجعة شرائح الدخل الخاضعة للأقساط، لأن نسبة الضريبة تصاعدية فيما الشرائح لم تتغير منذ سنة 2010، ما يستدعي مراجعتها بشكل يلائم الوقت الحالي ومتطلباته.
وحددت المديرية العامة للضرائب 6 شرائح للدخل تتجلى في :
الأشخاص الذين يقل دخلهم عن 30 ألف درهم سنويا، وهم المعفيون من الضريبة على الدخل.
الأشخاص الذين يتراوح دخلهم السنوي بين 30 ألف درهم ودرهم واحد (30,001) و50 ألف درهم، وتحدد نسبة الضريبة على دخلهم في 10 في المائة.
الأشخاص الذين يتراوح دخلهم السنوي بين 50 ألف درهم ودرهم واحد (50,001) و60 ألف درهم، وتحدد نسبة الضريبة على دخلهم في 20 في المائة.
فيما تحدد نسبة الضريبة بالنسبة للأشخاص الذي يتراوح دخلهم السنوي ما بين 60 ألف درهم ودرهم واحد (60,001) و80 ألف درهم في 30 في المائة.
وتحدد نسبة الضريبة على الدخل بالنسبة للأشخاص الذين يتراوح دخلهم السنوي ما بين 80 ألف درهم ودرهم واحد (80,001) و180 ألف درهم في 34 في المائة.
أما الأشخاص الذين يفوق دخلهم السنوي 180 ألف درهم فيؤدون 38 في المائة من الأجر ضريبة على الدخل.
وهذه الشرائح لم تعد كافية في الوقت الراهن، إذ يجب على الحكومة توسيعها وخلق شرائح إضافية.
كيف يمكن توسيع هذه الشرائح؟
نعم، هي النقطة الثانية في الإصلاح؛ إذ يجب مراجعة الشريحة الأولى غير الخاضعة للضريبة، والتي لا يتعدى دخلها السنوي 30 ألف درهم.
وهناك مجموعة من الاقتراحات، في هذا الإطار، إذ يوجد من يقترح أن ترفع هذه الشريحة إلى 36 ألف درهم سنويا؛ أي عدم خضوع الأجراء الذين يتقاضون 3000 درهما شهريا للضريبة، كما يوجد من يقترح رفعها إلى 60 ألف درهم سنويا، أي إعفاء الأشخاص الذين يتقاضون ما يعادل 5000 درهم في الشهر من الضريبة، والحكومة ترفض المقترح الأخير، وتتجه نحو اعتماد الأول (36 ألف درهم سنويا).
ماذا عن الشرائح الأخرى؟
يلاحظ أن الضريبة على الدخل تخترقها الكثير من الاختلالات. فنحن نرى وضعا غير سوي على مستوى التصاعدية. إذا كانت المعدلات المطبقة على الشرائح الأولى تنتقل من 0 إلى 10 في المائة ومن 10 في المائة إلى 20 ومن 20 في المائة إلى 30 في المائة، فإننا في الشرائح العليا نسجل نوعا من التخلي عن تلك التصاعدية Progressivité، حيث إن الفرق بين المعدلات المطبقة لا يتجاوز أربع نقاط، ما يؤشر على نوع من التراجعية Regressivité.
ويفترض في الإصلاح المقبل للضريبة على الدخل، بالإضافة إلى رفع مبلغ الأجر المعفى، العمل على تبني مقاربة تقوم على التدرج البطيء على مستوى معدلات الضريبة المطبقة على شرائح الدخول الأجرية كأن يكون الفارق بين معدل وآخر 5 نقاط.
كما يتوجب رفع عدد شرائح الأجور، بما يتيح الإحاطة بجميع الأجور. فإحداث شرائح إضافية مع التدرج في التصاعدية من شأنه أن يساهم في الإنصاف الجبائي.
وماذا عن الإصلاح الثالث؟
يهم الإصلاح الثالث تحقيق العدالة الجبائية، إذ تتعلق الضريبة على الدخل بمجموعة من الدخولات وليس فقط الأجور، إلا أن الأجور تهيمن على مداخيل الإدارة الجبائية، فحسب آخر إحصائيات المديرية العامة للضرائب، تشكل نسبة الضريبة على الدخل بالنسبة للأجراء والموظفين ما يعادل 73,29 في المائة، فيما حوالي 26 في المائة تتمثل في دخولات التجار والصناع والمهن الحرة والأطباء والمحامين والموثقين وغيرهم، ما يعني غياب عدالة جبائية في استخلاص الضرائب.
كما أن هذه الدخولات غير خاضعة للضريبة بمفهوم العدالة الجبائية؛ أي أن بعض الأشخاص يُمكن أن يصرحوا بالمبلغ الذي يريدون وليس بالدخل الحقيقي، ولا يتم اقتطاعه بشكل فوري وواضح مثل الأجير أو الموظف، ناهيك عن التهرب الضريبي والغش الجبائي الذي يستدعي المحاربة لإنجاح الإصلاح الضريبي بصفة عامة.
بالإضافة إلى ذلك تخضع بعض الأنشطة أيضا لمعدلات منخفضة من الضريبة، تتراوح بين 10 في المائة مثل حالة دخولات الكراء، و20 في المائة بالنسبة إلى دخولات الأرباح العقارية وهي نسبة "إبرائية" فقط، أي لن يصرح بها من جديد.
لهذا، إصلاح نظام الضريبة على الدخل يتطلب توحيد الضريبة أولا، وأن تكون جميع الدخولات، كيفما كان نوعها، خاضعة لضريبة واحدة وبنفس الأسعار، مع إلغاء "النسب الإبرائية" من أجل مساواة الضريبة مع الدخل، والوصول إلى نتيجة بسيطة يشتغل بها النظام الرأسمالي وهي: "À revenu égal impôt égal"؛ أي كيفما كان نوع المهنة التي يزاولها الشخص؛ سواء كان تاجرا أو صاحب مهنة حرة أو غيرها، يجب أن يدفع الضريبة نفسها، حسب نسبة الدخل.
ويمكن القول إن إصلاح الضريبة على الدخل بما يخفف الضغط عن الموظفين والأجراء سيمكن من دعم قدرتهم الشرائية، خاصة إذا خصمت عند احتسابها التكاليف التي تتحملها بعض الأسر من أجل تمدرس الأبناء.
مقالات ذات صلة
اقتصاد
سياسة
سياسة
سياسة