إفريقيا
سيندي .. جنوب إفريقية تتطهر من الأحكام المسبقة عن المغرب
25/10/2022 - 11:20
عبد الرحيم السموكني | فهد مرونانتهت قصة اكتشاف المغرب مغايرة لكل التوقعات والأحكام المسبقة لما قبل صعود سيندي إلى الطائرة المتجهة إلى أقصى شمال القارة، عبر الدوحة.
فكيف كانت رحلة سيدة الزولو إلى بلد كانت تعتقد أنه جزيرة منعزلة؟ كليشيهات كثيرة تحطمت، بالنسبة لصحافية ومنتجة جنوب إفريقية، على صخر رحلة تستحق أن تروى لكثيرين في بلدها.
في إفريقيا عبر آسيا
كانت الرحلة من جوهانسبورغ إلى وجدة طويلة ومتعبة لسيندي ولوثر مصور الفيديو المرافق لها، أكثر من تسع ساعات، مع احتساب ترانزيت في الدوحة لأكثر من خمس ساعات، قبل الوصول إلى الدارالبيضاء، ثم الطيران في رحلة داخلية صوب وجدة.
لم ينل التعب من شعلة الفضول لدى الصحافية الجنوب إفريقية. فقد كانت مبتسمة في وجه الجميع، وسباقة إلى المبادرة والتعرف على الجميع، وكم ساعدها رأسها الحليق في لفت انتباه الحاضرين.
تقول سيندسوا ماييزا، وهي عشرينية جنوب إفريقية، تشتغل منتجة وصحافية في قناة جهوية في ولاية كوازولو ناتال، إن زيارتها الأولى إلى المغرب صححت لديها أفكارا كثيرة، وحطمت لديها كليشيهات عديدة.
وتبرز الصحافية الجنوب إفريقية، التي حضرت لتغطية فعاليات الدورة الحادية عشر لمهرجان الفيلم المغاربي بوجدة، أن هناك تباعدا بين المغاربة والجنوب إفريقيين، بسبب إرث سياسي تاريخي، تقول "لقد أتيت إلى المغرب، وأنا أحمل أفكارا مسبقة، لكن عندما التقيت الناس، وزرت الأمكنة وبحثت، تبين في ما بعد أنها خاطئة بالمرة".
المغرب جزيرة .. القنب والغذاء
كانت تعتقد سيندي بأن المغاربة، ورغم انتمائهم إلى إفريقيا، يعيشون في جزيرة منعزلة، وكانت تعتقد أيضا أن هناك عنصرية كبيرة اتجاه السود، في هذا الجزء الشمالي "الأبيض" من إفريقيا.
حرص الثنائي الصحافي الجنوب إفريقي على مشاهدة الأفلام المغربية التي عرضت في وجدة، وكم كانت سعادتهما كبيرة بوجود الترجمة النصية بالإنجليزية في هذه الأفلام.
تقول سيندي "إنه لمن المؤسف أن يسود نوع من التباعد بيننا. شخصيا، عندما قررت زيارة المغرب، كان لدي أصدقاء ومعارف كثر في مجال الأعمال، طلبوا مني إيفادهم بمعلومات صحيحة عن المغرب".
تحكي الصحافية الشابة أن اسم المغرب يتردد حاليا في مجال المال والأعمال الجنوب إفريقي، لسببين؛ قراره منح تراخيص لاستعمال القنب الهندي في الصناعة الصيدلانية والطبية، وهو ما يتماشى مع سياسة بريتوريا، التي قننت مؤخرا استخدامه".
وتضيف سيندي "إدمان الكحول في جنوب إفريقيا أخد أبعادا اجتماعية مأساوية، وبالتالي فتقنين القنب الهندي والماريجوانا يدخل ضمن خانة محاربة إدمان الكحول، كما أن هناك رجال أعمال طلبوا مني معلومات حول الاستثمار في مجال الصناعة الغذائية".
تعتبر سيندي ماييزا أن تواجدها لمدة أسبوع في المغرب وبين المغاربة، حول سفرها من رحلة عمل استكشافية إلى قصة حب سحري، مع بلد كانت تحمل عنه أفكارا خاطئة. "لقد اكتشفت شيئا مميزا، وهو أنكم بلد روحي، هناك روحانية كبيرة، والناس ودودون للغاية، كرماء للغاية، لا أتحدث فقط عن اللقاءات المهنية أو الدعوات الرسمية. لا، لقد تجولت في وجدة وزرت أسواقها، وتعاملت مع الناس في الشارع، ورقصت الركادة في حلقة قرب سوق مليلية، وحصل تواصل إنساني بيني وبين الناس، وهذا أمر مهم، جعلني أقع أسيرة حب للمكان والناس والطعام أيضا".
غالبا ما طغت أسئلة سيندي على المؤهلات الاقتصادية للمغرب، وترى أن من بين أكبر المفاجآت التي طبعت زيارتها إلى المغرب هو مستوى البنية التحتية، "لقد ذهلت عندما زرت الناظور، وخصوصا بحيرة مارشيكا، كنت أرفع نظري صوب الجبل لألمح الاخضرار. اعتقدت وكأنني وسط أحراش إفريقيا لكنني في الواقع كنت أطل أيضا على البحر الأبيض المتوسط، إنه أمر مدهش، لقد اكتشفت بلدا مزدهرا وشعبا طيبا، عكس ما كنت أعتقد، ويعتقد الكثير من الجنوب إفريقيين".
تقر سيندي بأنه بإمكان قطبي القارة نسيان الماضي والعمل معا، باعتبار أنهما قوتان قاريتان؛ واحدة في الشمال والثانية في الجنوب، "يمكن أن أفهم أن تكون لدي صور نمطية عن المغرب، بحكم خلفيتي الإيديولوجية، فأنا قادمة من بلد عانى الفصل العنصري، وأعتقد أن علينا نسيان الماضي، والتطلع إلى المستقبل".
جمال وقوة
منح تخلص سيندي من شعرها بالكامل لحضورها ألقا كبيرا، لكنه أيضا يخفي قصة تتعلق بالصور النمطية. تعمدت سيندي حلق شعرها بالكامل قبل المجيء إلى المغرب بأيام قليلة، وتعترف أنها أرادت، عبر ذلك، الوقوف على ردود فعل المغاربة، خاصة وأنها علمت أن العرب عموما يرون في شعر المرأة نصف جمالها".
تقول سيندي "أردت أن اختبر ردة فعل مجتمع أزوره لأول مرة، ولدي أفكار مسبقة عنه، كيف سينظر لامرأة صلعاء. وللإشارة، فإن حلق شعر المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء دلالة على القوة. إنه تقليد شهير لدى قبائل الزولو بالتحديد، لكن الأهم، هو عوض أن أكون مستفزة صرت محبوبة من قبل المغاربة، لقد كانوا ينظرون إلي بإعجاب في كثير من المرات، وتلقيت الكثير من الإطراء".
ولم يخف صحافي يشتغل في التلفزيون الأول الإيطالي أن صلعة سيندي كانت مثيرة لكثير من الحاضرين، وغيرت مفهوم الجمال والارتباط الوثيق بالشعر، كعلامة أنوثة بارزة، على الأقل لديه، وهو ما يتفق معه مسؤول المركز الجهوي للاستثمار بالمدينة، ومفاده أن الجمال جمال روح وعقل.
مقالات ذات صلة
إفريقيا
سياسة
إفريقيا
رياضة