رياضة
التأهل إلى ربع نهائي المونديال ممكن
06/12/2022 - 14:47
يونس الخراشيفي سنة 1950، وحين كان البرازيليون يستعدون لمواجهة الأوروغواي، في المباراة النهائية، بملعب ماراكانا الشهير، طلب مسؤولو المنتخب الأوروغوياني من لاعبيهم ألا يخسروا بأكثر من أربعة أهداف، على اعتبار أنهم أنجزوا أقصى ما كان مطلوبا منهم. في الأخير، كذب هؤلاء كل التوقعات، وربحوا المباراة، ليبقى إنجازهم مكتوبا في سجلات التاريخ.
وتكررت الحكاية لمرات كثيرة، حتى إن منتخب الدنمارك، الذي حل ضيفا، في آخر لحظة، على نسخة 1992 من كأس أوروبا للأمم، التي جرت بالسويد، مكان يوغوسلافيا، المتخبطة في الحرب الأهلية، سيتجاوز كل الخطوط، ليصل إلى النهائي. ثم سيحدث المفاجأة الكبرى، بأن يتفوق على ألمانيا الغربية بهدفين لصفر، ويربح اللقب.
الرياضة ليست هي الرياضيات. بل الرياضات فقط. ولذلك بالضبط تجذب الناس في بقاع العالم، ولا سيما عبر كرة القدم، التي تخالف التوقعات، وتجعل من لا يؤمنون بالتحديات يكتشفون إلى أي حد هناك إمكانيات لكي ينتصروا، ويصبحوا أبطالا. فقط عليهم أن يؤمنوا بما يملكون من إمكانيات، ويقدروها حق قدرها، ويعدوا أنفسهم جيدا، وبخاصة ألا يزدروا منافسيهم. فأقصر طريق إلى الهزائم هي استصغار الخصوم.
بالنسبة إلى وليد الركراكي، فالأمور واضحة ولا لبس فيها. فهو يعي جيدا أن هذه المباراة، بل وكل مباريات خروج المغلوب، ستدور في رؤوس اللاعبين وكرسي الاحتياط ومستودع الملابس، والفندق أيضا، قبل أن تجرى على الملاعب. ذلك أن الجانب النفسي هنا سيكون حاسما، بحيث سيربح من سيظل مركزا مائة في المائة إلى آخر أنفاس المواجهات، وسيؤدي الثمن غاليا من سيفتر تركيزه، أو يسهو، أو تغلب عليه، في لحظة ما، شهوة اللعب الفردي والجمالي.
الإيجابي في الحكاية أن وليد الركراكي يعرف، عن خبرة وتجربة ودراسة، أن منتخب إسبانيا قوي أداء، مثلما يعرف، جيدا، بأن المنتخب الوطني يتوفر على لاعبين من العيار الثقيل، يمكنهم أن يقلبوا الموازين في كل لحظة. وهو يدرك بأن الثقة في النفس مهمة، ولكن ليس استصغار الخصم. وهو، فوق ذلك كله، يعرف بأن للمباراة بينهما مفاتيح، أبرزها اقتناص الفرص التي ستتاح عند الهفوات. فلا مجال لأي مغامرة إلا في حالة وحيدة، عند اغتنام هفوة إسبانية، بمراوغة، أو تصيد خطأ، أو إحداث ارتباك لدى الخصم.
لاعبون كثر في المنتخب الوطني، يتقدمهم الحارسان ياسين بونو ومنير الكجوي، يعرفون كرة القدم الإسبانية، وسبق لهم أن واجهوا كبارها في مباريات مشهودة. وحتى من لم يسبق لهم أن لعبوا في الدوري الإسباني، مثل حكيم زياش، فهم يعرفون تلك المدرسة جيدا، وسبق لهم، بشكل أو بآخر، أن واجهوا أقطابها، أو تعرفوا عليهم عن كثب، في مناسبات مثل أبطال أوروبا، أو الدوري الأوروبي.
هذا يشكل واحدة من أكبر نقط القوة لدى أسود الأطلس، ذلك أنهم لا يتهيبون مواجهة منافس يعرفون طريقته في اللعب، ويملكون معلومات كافية، وبالتفاصيل والجزئيات، عن كل لاعبيه، ومدربه، وبقية الأشياء التي تشكل مقوماته الأساسية، من حيث الجانب التكتيكي والأدائي، دفاعا وهجوما. والعكس ليس صحيحا، وإن بنسبة أقل. وهو ما يعني أن الضغط سيقع أكثر على كاهل الإسبانيين.
ومما يجعل الفوز في مباراة اليوم ممكنا، أن المنتخب الوطني المغربي فاز تقريبا في آخر مباراة بين المنتخبين، جرت في كأس العالم بروسيا سنة 2018، لولا أن التحكيم كان منحازا إلى الإسبان، بحيث ارتكب أخطاء سجلها التاريخ، وستظل تسائله باستمرار. ومن كانوا في ملعب مدينة كالينينغراد، صيف سنة 2018، وقفوا على هذه الحقيقة، بعد أن لقن أسود الأطلس درسا جميلا في الكرة لمنتخب الاستحواذ على الكرة لأكثر وقت ممكن.
وبالرجوع إلى تلك المباراة، ومقارنة الأسلوب الذي لعبت به بالذي يفترض أن تلعب به مباراة اليوم، يستنتج بأن النهج لن يتغير كثيرا. فالمتوقع من وليد الركراكي أن يغلق المنافذ، في انتظار فرصة ينقض عليها أحد أسوده. أما المتوقع من لويس إنيريكي أن يحاول استثمار الاستحواذ بالعبور من الطرفين، عسى أن تصل منهما كرة أو كرات تصلح لكي تحول إلى المرمى المغربي.
لنكن واقعيين، فما تحقق حتى الآن يعد إنجازا كبيرا بالنسبة إلى كرة القدم المغربية. فمن ناحية، وبوصوله إلى مونديال قطر 2022 يكون المغرب قد تأهل مرتين متتاليتين إلى كأس العالم. ومن ناحية ثانية، أعطى أسود الأطلس صورة قوية عن مستوى رفيع للكرة المغربية. كما أن الجمهور المغربي، في المملكة وخارجها، أثبت للعالم تناغمه مع منتخبه، ووقوفه، جملة واحدة، وراءه في اللحظة الحاسمة. والصورة لا تحتاج إلى تعليق أكثر.
من ضمن ما ردده وليد الركراكي، وهو يصبح مدربا لكرة القدم، أن الطاقة الإيجابية مهمة للغاية في إدراك الإنجازات. وهذا صحيح. فبالمنطق، والواقع، لا يمكن لأي كان أن ينجح في أي رهان وهو مقتنع، داخليا، بأنه لا يستطيع ذلك. فالطاقة الإيجابية عامل حاسم في كسب الرهانات، بعد رفع التحديات. وبالفعل، فهي تملك سحرا أشبه بسحر الكرة نفسه. وفي كل الأحوال، هي أقرب طريق إلى الفوز والفرح.
شكرا أسود الأطلس، وبالتوفيق.
مقالات ذات صلة
رياضة
رياضة
رياضة
رياضة