رياضة
أكاديمية محمد السادس لكرة القدم .. النموذج الملكي
21/05/2023 - 12:01
يونس الخراشيفقد حث جلالة الملك في الرسالة السامية، غير ما مرة، على التكوين، وهو يقول للمشاركين في المناظرة الوطنية للرياضة:"إن الوضع يتطلب، قبل كل شيء، اتخاذ التدابير المؤسساتية والقانونية الملائمة لمواكبة التطورات المتسارعة التي تعرفها الرياضة العالمية، ولاسيما متطلبات تطوير الاحترافية. كما ينبغي العمل على إيجاد نموذج ناجع يتيح النهوض برياضة النخبة والرياضة الجماهيرية، في إطار من الانسجام والتناغم، وإعطائهما معا نفس الاهتمام في السياسات الرياضية العمومية.
فرياضة النخبة تمكن من الارتقاء بالرياضة الوطنية إلى مستويات عليا، تشكل مثالا يقتدى به، بالنسبة لعموم المواطنين". ثم وهو يؤكد:"وكيفما كان الحال، فإن النتائج الجيدة لا يمكن تحقيقها بدون تهييء جدي واحترافي للفرق الوطنية، للمنافسات القارية والجهوية والدولية، كما أنها تتطلب، بالضرورة، التكوين الجيد والكفاءات في التأطير القانوني والإداري. بيد أن حجر الزاوية في الرياضة الحديثة، يظل هو التمويل، لذلك، ندعو إلى تنويع مصادره، سواء من خلال الرفع من الاعتمادات العمومية المخصصة لقطاع الرياضة، أو بعقد شراكات بين القطاعين العام والخاص".
ولأنه دأب على إعطاء النموذج الذي يتعين اتباعه، فقد دشن جلالة الملك، سنة 2009، أكاديمية محمد السادس لكرة القدم، باعتبارها تفعيلا لمضامين الرسالة الملكية الموجهة إلى مناظرة 2008، بما هي مدرسة للتكوين الرياضي المقرون بالدراسة، وصورة حية لما يتعين أن يكون عليه الوضع بالنسبة إلى الأندية الكروية، الفاعل الأساسي في مجال التنقيب، والتكوين، والتأطير، والمواكبة، فضلا عن التنافس، وتحقيق النتائج، وطنيا وجهويا وقاريا، وعالميا أيضا.
ولم تأت أكاديمية محمد السادس لكرة القدم لكي تنهض، بمفردها، بالتكوين الكروي؛ عبر مسار دراسي ورياضي، بل لكي تعطي الدليل على أن العمل الجيد، والممأسس، والمبني على أسس علمية ومنهجية، من شأنه أن يثمر نجوما براقة، لاسيما وأن المغرب ظل يتوفر، منذ أن عرف الرياضة الحديثة، على مواهب خلاقة، ذاع صيتها عبر العالم، وهي تكتب تاريخا مجيدا في الملاعب، حتى حملتها الجماهير العاشقة على الأكتاف، احتفاء بنجوميتها، واعترافا بقدراتها، وعرفانا لها بما قدمته من متعة لا تضاهى، بكل روح رياضية، وقيم عالية.
ولأن المناسبة شرط، فقد انتبه العالم، دفعة واحدة، إلى هذا النموذج الرياضي الفريد، الذي هو أكاديمية محمد السادس لكرة القدم، حين راح المنتخب الوطني المغربي يطوي المسافات طيا في منافسات كأس العالم بقطر 2022، متقدما إلى الأمام على حساب أعتى المنتخبات الكروية، مؤكدا أنه اسم على مسمى؛ أسود الأطلس.
وهناك، ذكرت أسماء بعينها، لكل من عزالدين أوناحي، ويوسف النصيري، ونايف أكرد، وكلهم نجوم أنتجتهم أكاديمية محمد السادس لكرة القدم، ومعهم ذكر رضى التاكناوتي، الذي كان حارسا احتياطيا لكل من ياسين بونو ومنير المحمدي، ممثلا للأكاديمية، وللبطولة الوطنية أيضا.
وفي هذا السياق قال الاتحاد الدولي: "لا يتوقف الحديث أبدا عن أكاديمية اسباير القطرية ودورها في تقدم الرياضة في البلاد خاصة كرة القدم... لكن هل يعلم أحدكم أن هناك أكاديمية عربية أخرى مشهود لها بالكفاءة! تلك هي أكاديمية محمد السادس لكرة القدم في المغرب، والتي تُعد السر الأهم وراء بروز اللاعبين المغاربة في أوروبا خلال السنوات الماضية، والنتائج الملفتة للمنتخب في كأس العالم".
وأضاف مشيدا بالرؤية الملكية السديدة:"أقر ملك المغرب، محمد السادس، عددا من المشاريع لتنمية البلاد على مختلف الأصعدة في بداية الألفية الجديدة، وقد أصدر عام 2007 مرسوما ببناء وتأسيس أكاديمية محمد السادس لكرة القدم بهدف اكتشاف المواهب في مختلف أنحاء المغرب ورعايتها وتطويرها وتسهيل انتقالها إلى الأندية الأوروبية فيما بعد... افتتحت الأكاديمية عام 2009 بعدما تكلف بناؤها ما يقرب الـ15 مليون دولار، وقد أقيمت في مدينة سلا الجديدة التي تبعد عن الرباط 10 كيلومترات على مساحة 18 هكتار تقريبا وضمت العديد من المرافق الرياضية والصحية والتعليمية وملاعب كرة القدم".
وقد وجد أطر الأكاديمية عنتا كبيرا في الاستجابة لمئات الطلبات من الإعلام الوطني والدولي، لزيارة المنشأة الفريدة، واستكشاف هويتها، واستكناه أسلوبها، والتعرف، عن كثب، على الأسرار التي تخبئها، وأنتجت لاعبين مميزين، أضحى لهم اسمهم على كل لسان عبر العالم. كما وجد هؤلاء الأطر أنفسهم أمام زخم كبير من طلبات الانضمام إليها، لاسيما من شباب مولوعين بكرة القدم، استشعروا، عبر الإنجاز المونديالي، معنى أن تكون مثل أوناحي أو النصيري أو أكرد أو التاكناوتي، فتحظى بحب الجميع، وتحظى باستقبال ملكي سامي، وتوشيح تاريخي، وعطف شعبي حاشد.
جاء في الرسالة الملكية إلى المناظرة الوطنية لسنة 2008 ما يلي:"أيتها السيدات والسادة; لا تخفى عليكم المكانة التي تحتلها الرياضة بكل أنواعها وفنونها، في نفوس المغاربة، وتجذرها في هويتهم الجماعية. ذلكم أننا أمة شغوفة بالرياضة، معبأة، بكل جماهيرها، لنصرة وتشجيع أبطالها، معتزة أيما اعتزاز بما يحققونه من إنجازات ورفع علم المغرب خفاقا في الملتقيات الدولية. كما أن الممارسة الرياضية أصبحت في عصرنا، حقا من الحقوق الأساسية للإنسان. وهذا ما يتطلب توسيع نطاق ممارستها، لتشمل كافة شرائح المجتمع، ذكورا وإناثا على حد سواء، وتمتد لتشمل المناطق المحرومة والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة. وبذلك تشكل الرياضة رافعة قوية للتنمية البشرية وللاندماج والتلاحم الاجتماعي ومحاربة الإقصاء والحرمان والتهميش".
لقد كانت الرسالة واضحة، وجاء النموذج ليجليها أكثر، ويحولها من كلمات إلى أفعال. وبما أنها أثمرت، عبر أكاديمية محمد السادس لكرة القدم، فالمستقبل صار أكثر وضوحا، والطموح أكبر شساعة، بالمزيد من التميز للكرة المغربية، أداء ونتيجة.

مقالات ذات صلة
رياضة
رياضة
رياضة
رياضة