مجتمع
هيئة النزاهة ومحاربة الرشوة تستعرض حصيلة محاربة الفساد
06/12/2023 - 13:52
مراد كراخي | حمزة باموقال محمد بشير الراشدي، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، إن هذا التقرير يرصد تطور ظاهرة الفساد بالمغرب على مرى 25 سنة، كما يقدم توصيات من أجل أن تكون السياسات العمومية في محاربة هذه الظاهرة، مستقبلا، أكثر وقعا على المواطنين والفاعلين الاقتصاديين والمجتمعيين.
وأوضح الراشدي، في تصريح لـSNRTnews، أن الوضع الحالي يبقى غير مرضيا فخلال ربع قرن لم تستطع المملكة تحسين تنقيطها أو درجتها في مؤشرات محاربة الرشوة والفساد، رغم المخططات والاستراتيجية الوطنية المعتمدة في هذا المجال.
وتابع أن كيفية اعتماد هذه السياسات، والتي يغلب عليها غياب الالتقائية، إضافة إلى عدم المضي بعيدا في تنزيل هذه المخططات يساهم بشكل كبير في عدم تحقيقها للنتائج المرجوة.
تراجع في مؤشرات محاربة الفساد
أفادت الهيئة بأن المغرب تراجع بخمس نقاط في "مؤشر مدركات الفساد" خلال السنوات الأربع الأخيرة، وذلك بحصول المملكة على درجة 38 بالمائة في هذا المؤشر برسم سنة 2022.
وأبرزت الهيئة، احتلال المغرب المرتبة 9 على المستوى العربي في هذا المؤشر، مسبوقا بكل من الإمارات وقطر والسعودية وسلطنة عمان والأردن وتونس والكويت والبحرين، ومتبوعا بـ12 دولة، وكذا احتلاله مرتبة وسطى على المستوى الإفريقي، مسبوقا بـ11 دولة.
وتأكد للهيئة أن التقاطعات بين معدلات الفساد بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وتراجع الأداء الديمقراطي والضغوط المفروضة على الحريات المدنية والسياسية، تتقاطع معها نتائج مؤشر الحرية التي أكدت التجاوب السلبي للمغرب مع المؤشرات الفرعية المتعلقة بالحقوق السياسية والمدنية.
وتابع التقرير أن المغرب سجل كذلك تراجعا في مؤشر الفعالية القضائية ومؤشر نزاهة الحكومة، المتفرعين عن مؤشر الحرية الاقتصادية، مسجلا كذلك أن نتائج سلبية في المؤشرات الفرعية المتعلقة بالعدالة الجنائية وغياب الفساد والحقوق الأساسية والحكومة المنفتحة، وهي المؤشرات المنبثقة عن مؤشر سيادة القانون.
ورصدت الهيئة ضعفا على مستوى المتابعات في قضايا الفساد، داعية إلى ضرورة تجاوز الإكراهات التي تشكل كوابح حقيقية أمام انخراط واع ومسؤول لكافة المعنيين في القيام بواجب التبليغ عن أفعال الفساد، مشددة على ضرورة توعية المواطنين بمخاطر الفساد، مع توفير أنواع من الضمانات والحماية لسائر المعنيين بالتبليغ.
وحذرت من أن التداعيات الوخيمة للفساد تساهم في إضعاف دينامية التنمية، وإعاقة بنيات الإنتاج، وتعميق الاختلالات الاقتصادية والاجتماعية، بما يساهم في جعل تطور الاستثمار لا يرقى، لا كميا ولا نوعيا، إلى مستوى الإمكانيات الحقيقية للبلاد، وفي عرقلة نموذج إنتاجية الشغل، والرفع من التكاليف، وترسيخ الاقتصاد غير المهيكل، وإشاعة مظاهر اقتصاد الريع، وتفكيك مقومات التماسك الاجتماعي عبر تنامي التفاوتات الاجتماعية والمجالية.
الفساد يشغل المغاربة
أكدت الهيئة أن الفساد يحتل المرتبة السادسة ضمن انشغالات المغاربة القاطنين بعد جودة الخدمات الصحية والرعاية (56 في المائة)، والقدرة الشرائية وتكلفة المعيشة (50 في المائة)، والتوظيف والبطالة (46 في المائة)، والمرتبة الثالثة بالنسبة للمغاربة المقيمين بالخارج.
وأفادت بأن الفساد يشكل مصدر قلق أكبر بالنسبة للمغاربة المقيمين بالخارج مقارنة مع المواطنين القاطنين بالمغرب، حيث اعتبر 17 في المائة من المواطنين القاطنين أن الفساد يشكل أحد انشغالاتهم الرئيسية الثلاث، في حين يصل هذا المعدل إلى 33 في المائة بالنسبة للمغاربة المقيمين بالخارج.
ومن بين انشغالات المغاربة المقيمين بالخارج يحتل الفساد مع المخاوف المرتبطة بالبطالة والتوظيف المرتبة الثانية بعد جودة خدمات الصحة والرعاية (53 في المائة، كما يحتل الفساد المرتبة الخامسة من بين العوامل الكامنة وراء هجرة المغاربة المقيمين بالخارج حيث ذكر بنسبة 5 في المائة، بينما يبقى السببان الرئيسيان للهجرة هما تحسين الظروف المعيشية (79 في المائة) والبحث عن عمل (69 في المائة).
ويرى معاربة العالم، وفق التقرير أن الفساد (63 في المائة) وتعقيد الإجراءات الإدارية (67 في المائة) هما العائقان الرئيسيان اللذان يمنعانهم من الاستثمار في المغرب، وفق نتائج البحث، ويعتقد المواطنون القاطنون أن الفساد منتشر في المغرب بنسبة أعلى مقارنة بالمغاربة الذين يعيشون في الخارج.
وفي ما يتعلق بتجارب المواطنين مع حالات الفساد، صرح مواطن من بين أربعة أنه سبق وتعرض هو أو شخص من أسرته على الأقل لإحدى حالات الفساد خلال الفترة المرجعية للبحث، وهم ذلك قطاعات مختلفة من بينها الدرك، والنقل، والشرطة، والصحة في القطاع العام، والعدالة، والإسكان، والتعمير والعقار في القطاع الخاص، والقيادات والباشويات.
توصيات
واستعرضت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها توصياتها لتجاوز الممارسات التي رصدها التقرير، من خلال توجهات استراتيجية تتمثل في: التربية والتكوين وتعزيز قيم النزاهة والحوكمة المسؤولة، وإرساء مقاربة هادفة للشفافية وجودة الخدمات العمومية، والنهوض بالشراكة بين القطاع العام والخاص لتحسين مناخ الأعمال.
ودعت الهيئة إلى اعتماد تشريعات من أجل تجفيف بؤر الفساد، والعمل على إعادة بناء الثقة لانخراط واسع وتعبئة مجتمعية ضد الفساد، وخلق بيئة ضامنة للردع ومكافحة الإفلات من العقاب، منبهة إلى أن الأهداف الاستراتيجية لهذه التوجهات والسياسات المنبثقة عنها تُسهم في تحقيقها جميع السياسات العمومية والإجراءات ذات الصلة التي تتخذها مختلف الجهات الفاعلة.
ودعت الهيئة إلى جعل التحول الرقمي موجّها نحو المواطن، ومهيكلا وموجها لإصلاحات أساسية، ومبنيا على الثقة الرقمية وموفرا للبيانات المنفتحة، بالإضافة إلى مستوى ثالث يتعلق بالدعم والمواكبة وإدارة التغيير، مشيرة إلى أن مساهمة التحول الرقمي في تحقيق إصلاحات هيكلية قادرة على خلق دينامية لتغيير لا رجعة فيه، في مجال النزاهة والوقاية من الفساد ومحاربته.
وشددت على ضرورة توجيه الجهود نحو تأسيس منظومة متماسكة لتأطير ومعالجة وضبط وضعيات تنازع المصالح، تجاوبا مع مقتضيات الدستور، وتفعيلا لالتزامات المغرب في إطار الاتفاقيات الأممية والإقليمية لمكافحة الفساد، وتفاعلا مع التداعيات الخطيرة لهذا السلوك.
ودعت الهيئة إلى توفير أرضية لتشجيع الصحافة الاستقصائية من خلال تعزيز حرية الصحافة والنشر، بما يسمح للصحفيين بإنجاز مهامهم بمهنية ويقوي إحساسهم بأنهم شركاء في محاربة الفساد، وتفعيل القانون المتعلق بالحصول على المعلومات، واعتبار المنابر الإعلامية قناة مفتوحة للتبليغ، وتشجيع المقاولات الصحفية بناء على نموذج اقتصادي متحرر من هيمنة الرأسمال ومن تأثيره على استقلالية وموضوعية العمل الصحفي.
مقالات ذات صلة
مجتمع
مجتمع
اقتصاد
سياسة