رياضة
هشام الدكيك .. صنع في المغرب
20/04/2024 - 20:53
صلاح الكومريأخذ هشام الدكيك على عاتقه قيادة المنتخب المغربي داخل القاعة سنة 2010، كمدرب متطوع، مكافحا بدون عقد أو منح أو حوافز أو مكافآت، متسلحا فقط بعزيمته وإرادته وإيمانه في قدراته وثقته في إمكانياته على انتشال الأسود من القاع إلى القمة، مؤمنا بالمثل القائل من كد وجد ومن سار على الدرب وصل.
حين تولى هشام الدكيك (51 سنة)، تدريب المنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة سنة 2010، كانت "الأسود" تحتل المركز 102 في التصنيف العالمي. كانت تفتقد للرؤية واستراتيجية عمل، وقتها، شكك بعض أعضاء جامعة الكرة في قدرة الدكيك على النجاح، بل هناك من توقع له الفشل في أول محطة.
بداية الكفاح
قبل استلام الدكيك لمهمته سنة 2010، كان المنتخب المغربي يعاني سوء النتائج، وفي إحدى المباريات، برسم التصفيات الإفريقية، انهزمت العناصر الوطنية بحصة عريضة في قاعة ابن ياسين بالرباط، فتوجه الدكيك، وكان وقتها عميدا للنخبة الوطنية، إلى أحد مسؤولي الجامعة، وقال له: "أستطيع إخراج المنتخب المغربي من وضعيته الحالية إذا تكلفتُ بمهمة تدريبه"، فرد عليه المسؤول الجامعي: "هل جننت، هل تريد قنبلة موقوتة؟"، فأجاب الدكيك بنبرة الواثق: "فلترمي إليّ هذه القنبلة، وستراني كيف أجعلها نجمة عالمية".
في هذا السياق يقول محمد الجفال، الإعلامي والعضو السابق في اللجنة المركزية لكرة القدم داخل القاعة بجامعة الكرة سنة 2010، في اتصال هاتفي مع "SNRTnews": "اكتشفت في هشام الدكيك طموحا كبيرا ورغبة في النجاح، فاقترحته على باقي أعضاء اللجنة، قلت لهم إنه يستحق فرصة إظهار قدرته في قيادة الفريق الوطني، كان واثقا من قدراته رغم أن كرة القدم داخل القاعة لم تكن تحظ بالاهتمام اللازم وقتها، إذ كانت تعاني ضعف وغياب الإمكانيات المادية واللوجيستية".
رغم أن الدكيك، ابن مدينة القنيطرة، لم يكن يتقاضى راتبا، ولا حتى منحا أو حوافز مالية، إلا أنه قرر التضحية، وبإمكانيات بسيطة جدا، لدرجة أنه كان يتكفل، أحيانا، بتوفير المعدات والألبسة الرياضية للعناصر الوطنية من ماله الخاص، ونجح في أول اختبار له، حين قاد النخبة الوطنية إلى التأهل لكأس العالم سنة 2012، في التايلاند.
ناضل الدكيك من أجل النجاح في مهمته، في الوقت الذي كان بعض المقربين منه وكثيرون في محيط "الفوتصال" ينتظرون سقوطه في أول محطة.
في هذا السياق يقول الدكيك (خلال حفل استقبال المنتخب الوطني يوم 1 يوليوز 2022، بعد تتويجه بكأس العرب في السعودية): "أذكر أنه في الماضي، كنت أحضر إلى مقر الجامعة، من الساعة الثامنة صباحا، طلبا لخوض تجمع تدريبي للمنتخب الوطني، وأظل في الانتظار إلى غاية السادسة مساء، وأسمع أحيانا، من يقول، هل مازال داك الشخص ينتظر هناك...".
يقول محمد الجفال، في هذا السياق: "لم يكن المنتخب الوطني يأخذ الإمكانيات التي يستحقها، كان يكتفي بتجمعات تدريبية في مدينة القنيطرة، وفي قاعة الهلال الأحمر بمدينة المهدية، بعد ذلك تيقنّا أن الدكيك، الحائز على الإجازة في الاقتصاد، لديه ما يؤهله للذهاب بعيدا مع النخبة الوطنية، فساعدناه على خوض دورات تكوينية خاصة بالمكوّنين في الاتحاد الإفريقي لكرة القدم وفي الاتحاد الدولي".
وأضاف الجفال، أن الانطلاقة الحقيقية للمنتخب الوطني داخل القاعة، كانت بعد الفوز ببطولة كأس إفريقيا في جنوب إفريقيا، في 24 أبريل 2016، موضحا: "تزامن فوز المنتخب الوطني بالبطولة مع مجيء الرئيس فوزي لقجع، إذ أن الأخير حرص على توفير جميع الإمكانيات اللازمة للعناصر الوطنية، من خلال إقامة تجمعات تدريبية خارج المغرب ومواجهة منتخبات عالمية، ناهيك عن تخصيص أجور ومنح مستقرة للاعبين والطاقم التقني، وهذا ما جعل المنتخب المغربي، في السنوات الأخيرة، يسير في خط تصاعدي إلى أن صار من أبرز المنتخبات العالمية، والفضل في ذلك يعود إلى هشام الدكيك، الذي آمنا بقدراته منذ أول يوم له مع الأسود".
حصد الثمار
كانت الانطلاقة الحقيقية لهشام الدكيك مع المنتخب الوطني، خلال الفوز بكأس إفريقيا في جنوب إفريقيا سنة 2016، في وقت لم يكن أحد المتفائلين يتوقع تتويج النخبة الوطنية وقتذاك في البطولة القارية.
زكى الدكيك، الذي تدرج في جميع الفئات العمرية لفريق النادي القنيطري، نتائجه الإيجابية مع النخبة الوطنية بالتأهل، للمرة الثانية، إلى نهائيات كأس العالم لسنة 2016، في كولومبيا، ثم الفوز بكأس إفريقيا، للمرة الثانية على التوالي، سنة 2020 بمدينة العيون، حيث حصد كل من أشرف سعود، رضا الخياري، أنس العيان، على التوالي، جوائز هداف البطولة، أفضل حارس، أفضل لاعب، ثم بلوغ دور ربع نهائي كأس العالم في مونديال ليتوانيا، محققا إنجازا تاريخيا لم يسبق أن حققه أي منتخب عربي أو إفريقي، إضافة إلى التتويج بالبطولة العربية 3 مرات متتالية سنوات 2021، 2022، 2023، ناهيك على التتويج بكأس القارات سنة 2022 في التايلاند.
يعتبر هشام الدكيك، حاليا، من أبرز مدربي كرة القدم داخل القاعة على الصعيد العالمي، استنادا إلى الاتحاد الدولي "فيفا"، الذي وصفه بـ"الخبير الاستراتيجي"، مشيرا إلى أنه المدرب الوحيد في العالم الذي شارك في المونديال لـ3 مرات متتالية مع منتخب واحد، ويسير نحو مشاركة رابعة على التوالي.
حسب أحد المقربين منه، فإن الدكيك، بقدر حرصه على الالتزام بخططه التكتيكية في المباريات والتداريب، بقدر ما يحرص، في حياته الشخصية، على الانضباط والالتزام واحترام المواعيد، وهذا الأمر تدركه العناصر الوطنية جيدا، فتجدها تسير على النهج نفسه، وهذا الأمر مصدر قوة المنتخب المغربي.
يحب الدكيك العمل في صمت، بما توفر له من إمكانيات، يفضل البقاء بعيدا عن الأضواء والصخب، فتجده هادئ أثناء الفوز، لا يفرح كثيرا، وحكميا في الخسارة، يحزن ولا يبدي ذلك، لكن دائما يطمح إلى الأفضل والعمل والاجتهاد المتواصل بهدف مواصلة حصد الثمار.
مقالات ذات صلة
رياضة
رياضة
رياضة
رياضة