نمط الحياة
الثقافة الحسانية .. عناية ملكية وتثمين مؤسساتي
06/11/2021 - 12:35
وئام فراجحظي التراث الحساني بعناية ملكية خاصة تجلت أساسا في الفصل الخامس من الدستور المغربي لسنة 2011، الذي نص على أن "الدولة تعمل على صيانة الحسانية، باعتبارها جزءا لا يتجزأ من الهوية الثقافية المغربية الموحدة، وعلى حماية اللهجات والتعبيرات الثقافية المستعملة في المغرب".
مشاريع ثقافية
كما تروم التوجهات الملكية إلى تثمين هذه الثقافة والتاريخ والفضاء الصحراوي الحساني، وذلك وعيا بأهمية الحفاظ وصيانة التراث الذي يضمن التنمية المستدامة للأقاليم الجنوبية للمملكة.
وفي هذا الإطار، قالت أستاذة التراث بكلية اللغات والفنون والعلوم الإنسانية ابن زهر بأكادير، عزيزة عكيدة، إن تثمين الثقافة الحسانية بالمملكة بدأ يتأسس كرؤية فعلية من خلال دستور 2011، الذي نص على كون الثقافة الحسانية رافدا من روافد الثقافة الوطنية.
وأضافت عكيدة، في تصريح لـSNRTnews، أن النموذج التنموي الجديد بالأقاليم الجنوبية للمملكة، أعطى، بدوره، مكانة كبيرة للثقافة الحسانية، عبر إنجاز مجموعة من المشاريع تتضمن الأنشطة الثقافية والفنية وتأهيل وترميم التراث الثقافي الحساني من خلال تنظيم مهرجانات ومعارض وورشات تكوينية وتسجيل مواقع النقوش الصخرية ضمن التراث الوطني.
كما أطلقت وزارة الثقافة باعتبارها الراعي الأول للشأن الثقافي، مجموعة من المشاريع المهمة في الجهات الجنوبية الثلاثة والتي تهم جرد وتثمين التراث اللامادي والمادي.
وفي السياق ذاته، تقول عكيدة، أولى المجلس الوطني لحقوق الإنسان في مقاربته للحقوق الثقافية أيضا عناية فائقة للثقافة الحسانية عبر إجراءات كثيرة؛ أهمها أحقية إدماج الحسانية في منظومة التربية والتكوين، فضلا عن إطلاق مشروع جرد المواقع الصخرية وصيانتها.
مأسسة حقيقة للتراث الحساني
الفاعل السياسي أيضا أصبح يعي جيدا دور الثقافة في الرفع بالتنمية، وفق المتحدثة ذاتها، وذلك عبر الانخراط في مشروع صيانتها وتثمينها ودعم المهرجانات والملتقيات التي تعرف بالتراث والهوية المحلية.
ولفتت إلى أن المؤسسات الرسمية والمؤسسات الموازية كلها أصبحت تصب في الاعتناء بتثمين وصيانة الثقافة الحسانية، فضلا عن إعطائها مكانة خاصة؛ من بينها أكاديمية المملكة المغربية، التي أصدرت مؤخرا كتاب "التبراع" الخاص بالشعر الصحراوي، ما يوضح، وفق الأستاذة الجامعية، أن "هذه المؤسسة أصبحت بدورها تنخرط في مقاربة المواضيع التراثية خاصة التراث الحساني".
كما يتضح الانفتاح على الثقافة الحسانية، تقول المتحدثة ذاتها، في الدرس الأكاديمي بالجامعات المغربية، موضحة أن كلية اللغات والفنون والعلوم الإنسانية، بأكادير، أصبحت تدرس الثقافة الحسانية، وكانت السباقة في الانفتاح على هذه الثقافة كمادة مستقلة تدرس في مسلك التراث والفنون والسياحة والإعلام، إضافة إلى الندوات والنوادي التي تهتم بتاريخ جنوب المغرب.
وتواصل الأستاذة عزيزة بالتذكير أنه بالرغم من الجهود المبذولة "مازلنا لم نصل إلى ما نصبوا إليه بشكل كبير، ومازلنا نتوق إلى مأسسة حقيقية لهذا التراث عبر إنشاء معهد ملكي نموذجا للثقافة الحسانية، ومسالك وشعب ووحدات وبنيات بمراكز الدكتوراه خاصة بتأطير الباحثين والطلاب في هذه الثقافة وآدابها، واستثمار العنصر البشري من حاملي شهادات الدكتوراه في هذه المؤسسات الجامعية من خلال خلق مناصب أساتذة جامعيين".
كما شددت على أهمية تشجيع الكتابة والنشر الذي يهم هذه الثقافة وتخصيص تحفيزات لباحثي الجهات الثلاث وغيرهم من أجل استثمار مقدراتهم العلمية والأكاديمية بشأن تحقيق إشعاع علمي حول هذه الثقافة.
إضافة إلى ضرورة تجسير وتوطيد العلاقات التشاركية المندمجة بين مؤسسات الدولة الرسمية وهيئات المجتمع المدني من مراكز أبحاث وجمعيات من أجل رد الاعتبار لهذه الثقافة وحمايتها وتثمينها وتحقيق الإشعاع المنشود، لكن في مقابل كل ذلك، تقول عكيدة، تبقى حصيلة تثمين الثقافة الحسانية مشرفة.
صيانة الثقافة الحسانية
أستاذ الأنثروبولوجيا بجامعة محمد الخامس بالرباط، رحال بوبريك، أكد بدوره، على أن الدستور المغربي اعتبر الثقافة الحسانية رافدا من روافد الهوية المغربية، وذلك في فصله الخامس، الذي أشار إلى ضرورة صيانة الحسانية.
كما أشار، في تصريح لـSNRTnews، إلى أن وزارة الثقافة خصصت 3 مديريات، في جهة كلميم واد نون، والعيون الساقية الحمراء وجهة الداخلة وادي الذهب، تعمل تحت إشرافها على تعزيز الثقافة الصحراوية بالمنطقة.
وأكد بوبريك، وجود إرادة مهمة لتثمين الثقافة الحسانية الصحراوية على مستوى ما تعبر عنه الدولة، مشيرا إلى أن وزارة الثقافة تقوم حاليا بإعداد دراسات حول عناصر من التراث الثقافي اللامادي بالمنطقة قصد تقديمها للتسجيل في قائمة التراث الثقافي اللامادي باليونيسكو مستقبلا، ومن أجل حماية هذا التراث، إلا أن تثمين التراث الحساني مازال يتطلب، بحسبه، تكثيف الجهود من أجل العناية بهذه الثقافة والحفاظ عليها.
وفي هذا الصدد، شدد الأستاذ الجامعي على ضرورة إدماج مكونات الثقافة الحسانية في المقررات الدراسية والمناهج التربوية التابعة لوزارة التربية الوطنية، موضحا أن المملكة تتجه نحو الجهوية الموسعة، ما يستدعي تدريس مقومات الثقافة الحسانية في المدارس الموجهة للناشئة، سواء في المقررات الدراسية أو الأنشطة الموازية.
إشعاع الثقافة الحسانية
كما ركز، في مداخلته، على العناية بالحسانية أكاديميا، عبر الاهتمام بقواعدها وتدريسها، وخلق شعب مختصة في هذا المجال على مستوى سلك الماستر أو الدكتوراه لتشجيع الباحثين الشباب على العناية بالبحث الأكاديمي المتعلق بالثقافة الحسانية.
أما على مستوى وزارة الثقافة، أكد بوبريك، على ضرورة تكثيف عمليات جرد مكونات التراث المادي وغير المادي في الأقاليم الجنوبية وتوثيقه، وتشجيع نشر دراسات الباحثين إبداعات الفنانين والشعراء.
كما يجب، بحسبه، تشجيع الفنانين في منطقة الصحراء ومواكبتهم ودعم مختلف أشكال التعبير الفني والمسرحي والإبداعي عموما، وكذلك دعم حضور الفن والموسيقى الحسانية في مهرجانات وطنية ودولية أيضا، من أجل إشعاع الثقافة الحسانية على المستوى الدولي.
إضافة إلى مجموعة من التدابير الأخرى التي يجب اتخاذها لحماية التراث الحساني، "علما أن جزءا منه مهدد بالانقراض أمام عدم استقرار ساكنة المناطق الجنوبية وظاهرة الترحال"، يقول بوبريك.
مقالات ذات صلة
مجتمع
نمط الحياة
نمط الحياة
نمط الحياة