نمط الحياة
المشروبات.. دخول الشاي إلى المغرب
29/04/2021 - 23:32
يونس الخراشييقول الأستاذ أحمد مكاوي، في بحثه بعنوان "استهلاك الشاي والسكر في المغرب، المتعة والضرر"، والذي كتبه لمجلة "أمل"، العدد 16، الصادر سنة 1999، "إذا كانت مادة السكر لم تكن غريبة كليا عن المغرب، بحكم أنه كان أكبر منتجيه ومصدريه في زمن سابق (عهد المنصور السعدي)، قبل أن تضمحل صناعته كليا، فإن الشاي (أو الشاهي أو الأتاي)، كان مادة جديدة تماما. وقد تضاربت الآراء حول البداية الحقيقية لدخول الشاي إلى المغرب، وإن كانت جل الكتابات ترجح أن ذلك تم في عهد مولاي إسماعيل أواخر القرن السابع عشر. ومن المؤكد أن هذه المادة دخلت في سياق الهدايا المحمولة إلى السلاطين وكبار رجال المخزن، واستمر هذا التقليد إلى منتصف القرن التاسع عشر. ولا يمكن الفصل بين مادتي الشاي والسكر على هذا المستوى (الهدايا)، كما على مستوى رواجها التجاري، فهما سلعتان متلازمتان".
ثم يمضي الباحث موضحا، فيقول: "بدأ استهلاك الشاي بالمغرب في إطار ضيق جدا، اقتصر على السلطان وحاشيته، وكبار أعضاء السلك المخزني، بسبب الحصول عليه، إلى جانب السكر، من القناصل والسفراء والتجار، على سبيل الهدية. فمثلا، حين زار السفير الإنجليزي، شارل ستيوارت، المغرب عام 1721، قدم لحاكم مدينة تطوان ومرافقيه الحلوى والشاي. ولما حل سفير إنجليزي آخر، سنة 1727، هو روسيل، منح حاكم تطوان، أيضا، رطلين من الشاي، وأربعة أقراص كبيرة من السكر. وكان من جملة الهدايا التي حملها هذا السفير إلى السلطان صندوقان يحتويان على أربع عشر قطعة من السكر الملكي، وصندوق صغير يحتوي على 18 رطلا من الأتاي. وتواصلت عملية جلب السفارات للسكر والشاي ضمن هداياها المحمولة إلى البلاط، مثلما فعل سوغدو الفرنسي، عندما زار السلطان ابن هشام سنة 1825، أو روسكوت بعده بسنوات (1851)، حينما حل بمراكش، مما يدل على أن البضاعتين كانتا ما تزالان تعتبران من المواد الفاخرة".
وينطلق الباحث إلى ما هو أدق، فيقول: "كما شكل الشاي والسكر جزءا من الهدايا المتبادلة داخل المغرب، فالسلطان ابن هشام، مثلا، حصل من قائده محمد أشعشاع على هدايا تضمنت شايا وسكرا، وأهدى هو نفسه هاتين المادتين إلى أحد الشرفاء. وتطور الأمر لدى السلاطين، فأصبحت وظيفة إعداد الشاي داخل البلاط. وبسبب الأهمية المتزايدة لهذه المادة في ارتباط مع السكر، أضحى المخزن يحتكر جلبه وتسويقه لحسابه... لقد سجل الرحالة والجواسيس والقناصل الأوروبيون، منذ العقود الأخيرة للقرن الثامن عشر، إقبال المغاربة على استهلاك الشاي، إذ لاحظ لويس ذو شينيي عشق المغاربة لهذه المادة. وبعد سنوات، سجل الجاسوس الإسباني، دومينغو باديا (علي باي العباسي)، أنه ليس هناك أي مسلم متوسط الحال لا يتوفر في داره على الشاي لتقديمه في كل أوقات النهار للضيوف الذين يزورونه. غير أن مثل هذه الانطباعات، التي دونها أوروبيون في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر، لا يمكن اعتبارها دليلا على توسعه الشامل في الاستهلاك بالمغرب، فهم كتبوا أساسا عما شاهدوه في المدن الساحلية، حيث الاحتكاك القوي بالأوروبيين؛ كطنجة والرباط والصويرة، وعن الشرائح الاجتماعي العليا والمتوسطة بها".
مقالات ذات صلة
نمط الحياة
نمط الحياة
نمط الحياة