نمط الحياة
الخبز.. لكل فئة دقيقها
27/04/2021 - 01:14
يونس الخراشييقول الحسين فقادي، في بحثه بعنوان "من مظاهر التغذية في تاريخ المغرب الوسيط"، الذي كتبه لمجلة "أمل"، العدد 16، الصادر سنة 1999، إن الخبز شكل المادة الغذائية الرئيسية للمغاربة، لدى سكان البوادي والحواضر على السواء، ويوضح:"وأرقى أنواعه الخبز الأبيض، من دقيق الدرمك Froment، الدقيق الصافي الخالص، ويستهلك من طرف الفئات المترفة، أما خبز عامة الناس وباقي فئات الطبقة الدنيا في المجتمع، فهو خبز الشعير، ويليه خبز الذرة، فالدخن وغيره، مما اصطلح على تسميته الخبز الأسمر والأسود"، ثم يزيد:"ففي المناطق الجبلية، تنبت الحبوب ولكن القمح قليل، لذلك يأكل سكانها خبز الشعير على مدار السنة، فسكان حاحا يأكلون خبز الشعير هو أقرب إلى الرغيف، ينضج بدون خميرة على مقلاة فخارية. ولا يقتصر استهلاك خبز الشعير على العامة من الناس، بل يشمل حتى بعض الأعيان كما هو حال بعضهم في تغسة بالريف. ويقوم جبليون في نفس المنطقة بخلط الدخن مع بذور العنب لاستخراج دقيق يصنع منه خبز قال عنه الوزان "خبزا أسودا كريها شنيعا حقا".
ثم يتحدث الباحث، في الفقرة التالية، عن خبز أهل البسائط (السهول)، فيقول:"إذا كان القمح قليلا في الجبال، فإنه كان وافرا في البسائط، خصوصا الممتدة بين الساحل الأطلنتي وجبال الأطلس. وعن وفرته في تامسنا على سبيل المثال كتب صاحب "وصف إفريقيا" عن البرغواطيين:"تذكر كتب التاريخ أنه في عهد أولئك المبتدعين بلغت وفرة القمح درجة جعلت الناس يستبدلون أحيانا حمل جمل كبير منه بنعلين..."، ثم يزيد قائلا:"ونظرا لوفرة الشعير، فقد كان يخصص جزء منه للعلف، ويصنع من القمح الخبز والتريد. ولم يفت لسان الدين بن الخطيب أن يصف، خلال رحلته سنة 763 هجرية / 1362 ميلادية، من فاس إلى مراكش، مارا بقرى وحواضر تامسنا وغيرها، نمط عيش سكانها بالقول "نعاجهم للامتشاش، وحبوبهم للعلفة والترد، وسمنهم للاتدام..."، ثم يمضي في الوصف:"يطحن أغلب سكان البوادي حبوبهم في أرحاء يدوية وبأيد نسائية. كانت المرأة تطبخ الخبز في التنور، بحيث تلصق أقراص العجين في جوانبه، أو في حفرة فيها رماد شديد الحرارة".
أما في المناطق الصحراوية القاحلة، يقول الباحث، فإن الرحل مثل الملثمين من أهل صنهاجة الساكنين بصحراء المغرب، منهم من يقضي عمره ولا رأى خبزا ولا أكله، إلا أن يمر بهم التجار ويزودونهم بالخبز والدقيق. وبدل الخبز، تصنع قبائل لمطة وصنهاجة من الحنطة المجلوبة طعاما متميزا، وذلك بقليها باعتدال ودقها حتى تصبح جريشا، فتعجن بالعسل والسمن على النار، ثم توضع في المزاود للاستهلاك. وكان هذا الطعام الشهي، حسب الإدريسي، يسمى أسلو. وللخبز قيمة كبيرة عند سكان الصحراء، فقد أهدى يوسف بن تاشفين (500 ه / 1073 م) من بين ما أهدى 12000 خبزة، مع هدايا أخرى، إلى ابن عمه، أبي بكر بن عمر، الذي عاد إلى الصحراء، متنازلا له عن الأمر بالمغرب. وفي زمن الوزان، لم يتعود سكان الصحراء أن يأكلوا الخبز إلا في أيام الأعياد والولائم.
مقالات ذات صلة
نمط الحياة
نمط الحياة
نمط الحياة