فن و ثقافة
الدجاج.. ما أشهى طاجينه بالزعفران!
25/04/2021 - 01:30
يونس الخراشيبينما كان استهلاك الأسماك عند مغاربة العصر الوسيط وما قبل الاستعمار غير أساسي، فإن استهلاكهم للدجاج، ولحوم الطيور والطرائد، عموما، ذا أههمية، وبخاصة لدى علية القوم، ممن كانوا يمارسون الصيد، لأجل الترفيه والمتعة، ويأكلون لحوم الطرائد أيضا لأجل الاستمتاع بتذوقه الأطباق المنوعة.
في بحثه الجميل، بعنوان "من مظاهر التغذية في تاريخ المغرب الوسيط"، الذي كتبه لمجلة "أمل"، العدد 16، الصادر سنة 1999، يتحدث الحسن فقادي، الأستاذ الباحث بالدار البيضاء، عن علاقة خاصة لمغاربة العصر الوسيط بالدجاج، باعتباره من اللحوم، ويقول: "إلى جانب اللحوم الحمراء تستهلك اللحوم البيضاء، في فاس حيث كانت تباع أعداد كبيرة من الدجاج، تسمن فوق سطوح البيوت داخل أقفاص، ويختص سوق الطيريين ببيع الطيور كتلك التي تؤكل"، ثم يمضي موضحا: "ويشكل هذا الصنف من الدواجن والعصافير لدى الطبقة المترفة إحدى الأطباق المفضلة، كاللوزية والكافورية: دجاج بالبصل واللوز، والحوتية: دجاج يطبخ في قدر ثم يحمر في مقلاة، ويؤكل مع البيض المشقوق وصفو المرق... والمفتت والمخلل وغيره، فضلا عن الطيور كالحمام والزرازير: تطبخ في قدر مع البصل والأفاويه، ثم تحمر في مقلاة، أو تحشى بلحم بعضها بعد دقه مع باللوز، وبعد نضجها في قدر، تحمر في طاجين بالزعفران في الفرن".
ولا يقف الباحث عند هذا الحد، في حديثه عن طبخ الدجاج، بل يمضي متسائلا: "ثم ماذا عن ولائم الأعراس؟"، ويقول: "تقدم فيها خرفان كاملة مشوية، وفطائر بالعسل تحت أنغام الموسيقيين وأمداح المنشدين، هذا إذا كانت العروس بكرا، أما إذا كانت ثيبا، فإن الأمور تمر في جو أقل احتفالية، ويقتصر الطعام على لحوم البقر والغنم والدجاج المطبوخ، وخضر مختلفة".
وحين يطرح علينا سؤال أي اللحوم غير هذه كان المغاربة يقبلون عليها في العصر الوسيط؟ يجيب الباحث، قائلا: "إلى جانب لحوم الأنعام والدواجن، يتناول بعض الناس لحوم الطرائد، خصوصا في الجبال الغنية بالوحيش، في حين لا يعيرهم بعضها أي اهتمام. ويصيد بعض أهالي نواحي أنقاد (دار المرابطين) النعام، لكثرتها، بالخيل. ووصف الإدريسي لحومها بأنها باردة يابسة، وتستعمل شحومها ضمن وصفات للطب التقليدي. كما يصيد سكان درع النعام، صغيرا، فيعلف ويسمن ثم يأكلون لحمه الذي يشبه قليلا مذاق الدجاج، لكنه كريه الرائحة. وكان البعض، كأهل الزهد والتصوف، يصيدون السلاحف ليقتاتوا بلحمها".
في الأخير، يختم الباحث بهذه الوقفة، فيقول: "إذا كانت عامة الرعية وفقراؤها يمارسون أحيانا الصيد البري من أجل سد رمقهم، فإن الصيد عند حكامها وعلية قومها، إنما يكون من أجل المتعة والترفيه. فقد وصف لنا الوزان عملية صيد عندما كان ضمن بطانة ملك فاس، محمد الشيخ الوطاسي، في غابة دكالة، بواسطة الكلاب السلوقية والصقور، وأصاب في صيده الحمام والإوز الوحشي والأرانب والأيول... وحول لحوم حيوانات الصيد، خص ابن رزين فصلا من كتابه عن كيفية تحضير لحومها طبخا وشواء، مثل الغزال والبقر الوحشي والأرنب والقنفد".
مقالات ذات صلة
فن و ثقافة
فن و ثقافة
فن و ثقافة