اقتصاد
كيف تتأقلم الزراعات مع التغيرات المناخية وندرة المياه بالمغرب؟
27/04/2024 - 16:14
وئام فراج
أثرت التغيرات المناخية التي يشهدها المغرب على مجموعة من الزراعات بمختلف أشكالها، وذلك بحكم الإجهاد المائي وموجة الجفاف الحادة التي تم تسجيلها في الآونة الأخيرة. فكيف تأقلمت هذه الزراعات مع التغيرات المناخية؟ وهل يمكن الحديث عن "تحديث للخريطة الفلاحية" بالمغرب؟
دفعت ندرة المياه سلطات بعض الأقاليم إلى منع إنتاج عدد من الزراعات المستنزفة للماء، وتم تقييد زراعة البطيخ الأحمر والأصفر في الجنوب الشرقي إثر التراجع الحاد للفرشة المائية بالمنطقة، فيما باتت مناطق أخرى تشهد زراعات جديدة لم تعتدها من قبل إثر توفر الموارد المائية بها.
"زراعات جديدة"
وفي هذا الإطار، أوضح الباحث الزراعي كمال أبركاني، أستاذ في الكلية المتعددة التخصصات بالناظور، أن العديد من الفلاحين كانوا يعتقدون أن سنوات الجفاف لن تستمر طويلا، إلا أن التغيرات المناخية التي يشهدها العالم وأثرت بشكل سلبي على مختلف الزراعات بالمغرب، تطلبت اتخاذ إجراءات للتأقلم مع الوضعية الراهنة.
وأبرز أبركاني، في تصريح لـSNRTnews، أن "الخريطة الزراعية" بمعنى الزراعات التي كانت تعرف في منطقة ما، باتت تتحكم فيها عدة عوامل؛ على رأسها مدى توفر الموارد المائية إما السطحية أو الجوفية.
ولفت الباحث الزراعي إلى ظهور بعض الزراعات الأخرى مثل النباتات الطبية والعطرية وزراعة الكينوا التي بدأت تظهر مؤخرا في بعض المناطق ولو بنسبة قليلة، بالإضافة إلى زراعات جديدة من قبيل الزراعات النباتية (دوار الشمس وبذور اللفت) التي ازداد الإقبال عليها نظرا لارتفاع أسعار الزيت، وذلك بعدما كانت هذه الزراعات تعرف بمحدودية مردوديتها.
كما أصبح الفلاحون يستثمرون في الزراعات ذات القيمة المضافة مثل الفواكه الحمراء والفواكه الصغيرة، يضيف أبركاني، "بالإضافة إلى نوع آخر من الزراعة أصبح المغرب يتجه نحوه وهو الزرع المباشر للحبوب، إذ يهدف المغرب في أفق سنة 2030 لزرع مليون هكتار"، مبرزا أن هذه الزراعة تندرج ضمن الزراعات الحافظة التي لا تستهلك الكثير من الماء وتكلفتها أقل.
وأبرز الباحث الزراعي، أن المغرب كان يزرع حوالي 50 ألف هكتار من الحبوب المباشرة، ليطور هذه العملية الآن لتصل إلى 200 ألف هكتار في كافة أرجاء المملكة.
وخلال حديثه عن التغيرات الطارئة على الزراعات، تطرق أبركاني إلى بروز زراعة الخروب واللوز في الفترة الأخيرة، موضحا أن هذه الأشجار مقاومة للجفاف، كما لها أهداف تتعلق بالحياد الكربوني الذي يتجه نحوه المغرب.

تأقلم الزراعات مع التغيرات المناخية
وخلص الأستاذ الجامعي المتخصص في التكنولوجيا الحيوية الزراعية إلى أن التغيرات المناخية لها دور كبير في تحديث "خريطة الزراعات" بالمغرب، مبرزا أن السلطات تعمل على اتخاذ العديد من الإجراءات الرامية للحفاظ على الزراعات المحلية والموارد المائية.
وأشار، في هذا الإطار، إلى العمل على إنشاء محطة لتحلية مياه البحر في الداخلة، مبرزا أن هذا المشروع سيسمح بزرع 5000 هكتار خصوصا من الزراعات المغطاة، وذلك بالنظر للموقع الاستراتيجي لمدينة الداخلة الذي يسمح باستثمارات في هذا المجال.
كما ستظهر زراعات أخرى مستقبلا، يقول أبركاني، والتي ستساهم في تأقلم خريطة الزراعة بالمغرب مع التغيرات المناخية؛ وهي الفرز الجيني، أو الزراعات المقاومة للجفاف، "بحيث أصبح البحث الزراعي يعمل على ابتكار حبوب مقاومة للجفاف في مجموعة من المناطق نظرا لاستهلاكها لنسبة أقل من الماء".
وللتكنولوجيا الرقمية أيضا دور كبير في هذه العملية، وفق الباحث الزراعي، "خصوصا الاستشعار الفضائي الذي يعد مهما في عملية الزرع من أجل تحديد الموقع المناسب للزرع، نظرا للاحتباس الحراري، إذ يقدم هذا الاستشعار مؤشرات للمناطق الجيدة للزراعة أو التي يجب تجنبها".
كما تلعب المؤشرات الاقتصادية دورا هاما في تحديد هذه المناطق الزراعية، فضلا عن مؤشرات أخرى مثل توفر الماء ونوعية النبتة ومدى مقاومتها للجفاف والتكنولوجيا الرقمية والفرز الجيني؛ إذ تتطلب المرحلة الراهنة، وفق أبركاني، زرع منتوج يوفر مردودية وربح أعلى لكن بأقل خسارة من حيث الموارد المائية.

مقالات ذات صلة
مجتمع
اقتصاد
مجتمع
مجتمع