مجتمع
حلي قديمة في الصويرة تكشف أقدم استعمالات الإنسان للرموز
23/09/2021 - 07:12
SNRTnewsتتوالى الاكتشافات التاريخية في المغرب، إذ بعد اكتشاف جمجمة أقدم إنسان عاقل على وجه الأرض بجبل ايغود باليوسفية، وتفكيك لغز أدوات حادة وجدت قبل سنوات في كهف في بلدة الهرهورة، عثر فريق دولي من باحثين متخصصين في علم الآثار، على أقدم قطع الحلي التي تم اكتشافها في العالم حتى الآن في الصويرة.
عثر علماء من المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث بالرباط، التابع لوزارة الثقافة والشباب والرياضة، وجامعة أريزونا بالولايات المتحدة الأمريكية ومختبر ما قبل التاريخ بالبحر الأبيض المتوسط أوروبا-أفريقيا التابع للمركز الوطني للبحث العلمي بفرنسا، على 32 صدفة بحرية في مستوى أركيولوجي مؤرخ ما بين 142 ألفا إلى 150 ألف سنة في مغارة بيزمون بالصويرة
وبحسب نتائج دراسة نشرت بالمجلة العلمية الأمريكية Advances Science، هذه القطع الأثرية مصنوعة من أصداف بحرية تسمى "تريتيا جيبوسولا" والمعروفة سابقا بناساريوس جيبوسيلوس. وتعد من أقدم قطع الحلي التي تم اكتشافها في العالم حتى الآن.
هذه الأصداف البحرية المكتشفة كانت تستخدم من طرف الإنسان على الأرجح كقلادة، وقد تدل بذلك على سلوك رمزي قديم جدا، تقول الدراسة.
مثل هذه الأنواع من الأصداف البحرية اكتُشفت سابقا في مواقع أثرية بالشرق الأوسط في طبقات أركيولوجية يعود تاريخها إلى حوالي 135 ألف سنة وفي جنوب إفريقيا حوالي 76 ألف سنة. كما تم اكتشافها أيضا بمواقع أثرية أخرى بشمال إفريقيا، في طبقات أركيولوجية يتراوح تاريخها ما بين 116 ألفا و35 ألف سنة.
أقدم سلوك
وتكمن أهمية الاكتشاف الذي تم القيام به بمغارة بيزمون في نتائج التأريخ الذي تم خلاله استعمال تقنية التأريخ العالي الدقة، الذي يرتكز على اختلال التوازن الإشعاعي بين اليورانيوم والثوريوم. حيث أظهرت هذه النتائج قدم هذا السلوك الرمزي بمغارة بيزمون بآلاف السنين مقارنة بالاكتشافات السابقة، ليعتبر أول سلوك من نوعه عرفه الإنسان خلال الفترة الجيولوجية القديمة المعروفة بالبلايستوسين.
وبمغارة بيزمون، تظهر على سطح العديد من الأصداف المكتشفة آثار حث ولمعان ناتجة عن احتكاك فيما بينها، مما يدل على أن هذه الأصداف كانت معلقة وفي حركة متواصلة، كما يحمل البعض منها آثار صباغة بالمغارة الحمراء، وهي صبغة أوكسيد الحديد الطبيعية التي تم تحديد طبيعتها عن طريق الدراسة المجهرية.
ويعد هذا الاكتشاف بمغارة بيزمون أقدم دليل مادي مباشر على وجود نظام للتبادل والتواصل بين أفراد المجموعة الواحدة وخارجها أيضا، وهو سلوك يتضح الآن أن أصوله قديمة من خلال ما تم العثور عليه بالمغارة بيزمون.
وبناء على الملاحظات المجهرية للأصداف لتحديد طبيعة تحويلها إلى حلي وحسب المهدي السحاسح، المؤلف المشارك في المقال وطالب بسلك الدكتوراه بالمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث بالرباط، فقد أظهر تحليل الأصداف أن الإنسان بمغارة بيزمون كان يرتديها.
أصل السلوك الرمزي للإنسان
ووفق ما أكده عبد الجليل بوزوكار، من المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، تمنح هذه الأصداف معلومات قيمة حول أصل السلوك الرمزي للإنسان مثل نشأة اللغة.
وأشار فيليب فرنانديز من مختبر ما قبل التاريخ بالبحر الأبيض المتوسط أوروبا-أفريقيا وأحد المؤلفين الرئيسيين للدراسة العلمية، إلى أن مجموع هذه الحيوانات الأحفورية التي تم العثور عليها في بيزمون تشهد على مناخ قاحل للغاية بالمنطقة مع تواجد ممرات بين وسط غرب المغرب وجنوب الصحراء الإفريقية، بالإضافة لممرات اختفت حاليا.
وبحسب محمد محي الدين من جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء-المحمدية والمؤلف المشارك في هذه الدراسة، يشير هذا إلى أن الصحراء لم تكن أبدا حاجزا أمام مثل هذه الهجرات.
وتتم الأبحاث بمغارة بيزمون بالصويرة تحت إشراف عبد الجليل بوزوكار من المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث بالمغرب، وستيفن كون من جامعة أريزونا بالولايات المتحدة الأمريكية وفيليب فيرنانديز من مختبر ما قبل التاريخ بالبحر الأبيض المتوسط أوروبا-أفريقيا بفرنسا.
كما تعرف الأبحاث مشاركة مجموعة من الباحثين من مؤسسات أخرى، من المغرب جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء -المحمدية والمركز الوطني للطاقة والعلوم والتقنيات النووية، ومن الولايات المتحدة الأمريكية قسم الأنثروبولوجيا بجامعة هارفرد، ومن ألمانيا معهد ماكس بلانك للأنثروبولوجيا التطورية في لايبزيغ وجامعة توبنغن. ومن اسبانيا جامعة لاس بالماس ومن إنجلترا جامعة شيفيلد.
مقالات ذات صلة
مجتمع
مجتمع
نمط الحياة