نمط الحياة
ضريبة الشهرة على السوشيال ميديا
24/06/2021 - 09:16
نضال الراضينوبات هلع وصعوبة في النوم واضطرابات نفسية، يعاني منها بعض "المؤثرين"، بسبب التعليقات السلبية التي تطالهم والتي قد تصل لحد التهديد والتنمر والسخرية من الشكل.
"السوشيال ميديا استزفت ثقتي بنفسي"
في هذا الصدد، تكشف "زينب"، 26 سنة، عارضة أزياء و"مؤثرة"، بأنها اضطرت إلى غلق جميع حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي لفترة مؤقتة، بسبب ما وصفته بـ"التنمر"، الذي كانت تتعرض له باستمرار على حسابها الخاص على "إنستغرام"، مؤكدة على أنها لم تعد تتحمل الرسائل والتعليقات السلبية التي كانت تتوصل بها من طرف بعض المتابعين.
"أصبحت أعاني من الأرق والشعور الدائم بالقلق، بسب التعليقات السلبية، بالرغم من أنني أشارك محتوى عاديا وغير مستفز أو مثير للجدل، فأنا أشارك بعض تفاصيل حياتي اليومية المرتبطة بنمط العيش، كجلسات التصوير التي أقوم بها والتمارين الرياضية ونصائح وضع المكياج والعناية بالبشرة"، توضح "زينب".
وتكشف المتحدثة ذاتها كيف أنها كانت تتوصل برسائل على "الخاص"، معظمها تنتقد شكلها أو توجه لها اتهامات وصفتها بـ"الخطيرة"، تشكك في مصادر دخلها المادي وغيرها من الاتهامات، حيث اضطرت في الكثير من المرات إلى حذف التعليقات أو إغلاقها.
هذه الرسائل والتعليقات جعلت "زينب" تبتعد عن "السوشيال ميديا"، التي أكدت بأنها كانت السبب الرئيسي في شعورها بالإحباط وانعدام الثقة في النفس، الذي عرقل نمط عيشها اليومي، بل جعلها تعاني من صعوبات في الانخراط في الأنشطة الاجتماعية، التي كانت تعتاد المشاركة بها.
"أشعر براحة نفسية كبيرة، بعد أن اتخذت قرار الابتعاد المؤقت عن مواقع التواصل الاجتماعي. اضطررت للجوء إلى مختص طلب مني أن أكون 'مناعة' ضد الهجوم السلبي من طرف بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي. أركز الآن على عملي وأحاول إعادة بناء تقتي بنفسي التي استنزفتها 'السوشيال ميديا'"، تصرح "زينب" لـSNRTnews.
استمتاع بالإيذاء
تفيد ثريا الناجي، اختصاصية في العلاج النفسي السلوكي-المعرفي، بأنه بالرغم من أن مشاهير "السوشيال ميديا"، اختاروا إظهار حياتهم اليومية للعلن، إلا أن ذلك لا يعني أنهم يتقبلون التعليقات والرسائل المسيئة، التي قد تؤذي الأشخاص في كرامتهم ونفسيتهم بالإضافة إلى محيطهم العائلي والاجتماعي والمهني.
وفي السياق نفسه، تشير الناجي إلى أنه ثمة فئة كبيرة من مستخدمي هذه المواقع، تركز فقط على رصد المحتوى الخاص بمشاهير مواقع التواصل الاجتماعي، الذي يعتبرونه "مثالي"، فيحاولون تحطيمه بالتعليقات المسيئة، كي لا يفرح "المؤثر" كثيرا بالمحتوى الذي شاركه والذي غالبا ما يشكل "عقدة نقص"، للعديدين ممن يتابعونه، كمشاركة الاستمتاع بالسفر أو "الشوبينغ" أو إظهار امتلاكهم لسيارة جميلة، وغيرها من الصور التي "تستفز" المتابع الذي لا يمتلك حياة مماثلة.
"أغلب الرسائل والتعليقات، تكون عن طريق رمي سهام الاتهامات وفي بعض الأحيان الطعن بالتربية والأخلاق أو انتقاد الشكل أو المحتوى بعبارات لاذعة ومصطلحات قدحية وغالبا ما يعتبر هؤلاء بأنهم يعبرون عن 'رأي'، متناسين بأن ذلك قد يؤثر سلبا على نفسية الأشخاص ونجد أن أغلب مستعملي الأسلوب القدحي في التعليق يبررون أفعالهم بأن الشخص الذي يعمد مشاركة حياته على العلن يجب أن يتحمل جميع التعليقات"، توضح المتحدثة ذاتها.
وترى الاختصاصية النفسانية، بأن معظم المعبرين بطرق سلبية هم أشخاص يعانون من الفراغ، حيث غالبا ما يتعلق الأمر بمستخدمين لا يمتلكون حياة يومية مليئة بالأنشطة، سواء عملية أو دراسية أو اجتماعية، تغنيهم عن الجلوس خلف شاشات الأجهزة الإلكترونية ومراقبة الناس سواء كانوا مشاهير أو أشخاص عاديين، حيث يبحثون عن "شماعة" افتراضية يعلقون عليها فراغهم وفشلهم، عن طريق السب والشتم والطعن في الأخلاق، مستمتعين بالإيذاء النفسي الذين قد يسببونه للغير ومعتقدين بأنهم بذلك قد أثبتوا ذواتهم من خلال القيام بهذه الأفعال.
وعن الفئة العمرية التي تقوم بتوجيه الرسائل والتعليقات المسيئة، تقول الناجي، إن الأمر يتعلق بصغار السن والمراهقين، الذين لم يبلغوا بعد مرحلة النضوج، مبرزة أن هؤلاء لا يفقهون مخاطر السب والقذف على شبكات الإنترنت التي يعاقب عليها القانون.
"كما تتواجد فئة من الشباب ما بين 20 و30 سنة، تقوم بإنشاء حسابات وهمية، بهدف الهجوم والتنمر وإيذاء الغير افتراضيا، هذه الفئة غالبا ما تتضمن الأشخاص الذين فشلوا في تحقيق طموحهم فـ'يتلذذون' بتحطيم الغير، أو الذين يساهم إدمانهم على مواقع التواصل الاجتماعي في العجز عن القيام بأنشطة أخرى". تشرح المتخصصة في العلاج السلوكي المعرفي.
كيف ينعكس "الإيذاء الافتراضي" على المشاهير؟
بهذا الصدد تؤكد ثريا الناجي، على أن المشاهير أو "المؤثرون"، هم أشخاص عاديون شأنهم شأن عامة الناس، بالرغم من أنهم اختاروا كشف خصوصياتهم وإظهار حياتهم اليومية للعلن، إلا أنهم يتأذون من الهجوم والاتهامات والرسائل السلبية التي قد تصل في بعض الأحيان إلى التهديد.
وتضيف :" قد يساهم ذلك في إصابة هؤلاء المشاهير، باضطرابات نفسية، كنوبات هلع مستمرة من خلال الشعور الدائم بالخوف، خاصة بعد مشاركة الفيديوهات أو الصور، كما قد يجدون صعوبات في النوم بسبب التخوف من أن يكتب أحدهم بعض الاتهامات المسيئة، أثناء خلودهم للنوم، فتجد البعض يتصفحون التعليقات على منشوراتهم طوال الليل، بغاية الحرص على حذف كل ما من شأنه أن يسيء لهم وهذا شعور طبيعي، فلا أحد يتحمل الهجوم، فما بالك إذا كان يتعرض له الشخص بشكل يومي".
ولتفادي أن يتأثر مشاهير "السوشيال ميديا"، بالتعليقات المسيئة، تنصح الاختصاصية النفسية بأن يعمل هؤلاء على تطوير ثقتهم بأنفسهم وأن يتصالحوا مع ذاتهم، بالإضافة إلى العمل على تطوير المناعة النفسية ضد كل ما هو مسيء وأن يعتبروا أن تلك الرسائل مجرد "ضريبة شهرة"، معظمها نابع من الفراغ والإدمان على ترصد الأشخاص المشهورين على مواقع التواصل الاجتماعي.
كما تدعو المتحدثة ذاتها "مشاهير السوشيال ميديا" إلى تفادي الدخول في جدال مع هؤلاء، والتبرير والدفاع عن النفس، مشيرة إلى أن ذلك يزيد من رغبتهم في إثارة الجدل والاستفزاز.
وتنصح الناجي بالاكتفاء بعدم الرد، والقيام بعملية "البلوك"، أو الحظر لهؤلاء الأشخاص، بالإضافة إلى حذف التعليقات الجارحة التي قد تؤثر على الشخص، كما تدعو المتحدثة المشاهير على هذه المواقع بتعيين شركات خاصة، بإدارة الحسابات الكبيرة التي قد تتكلف بحظر وحذف كل ما يسيء للشخص المشهور، دون أن يضطر لقراء المحتوى السلبي بشكل مباشر.
وتدعو الناجي الجميع إلى عدم التردد في اللجوء إلى القضاء في حال السب والشتم والتهديدات والتحرش الافتراضي، مشيرة إلى أن ذلك يعد من الحقوق التي يكفلها القانون المغربي، التي لا يجوز التنازل عنها.
مقالات ذات صلة
مجتمع
تكنولوجيا
نمط الحياة