رياضة
كرة القدم النسوية.. الاحتراف "الناعم"
23/01/2021 - 21:47
صلاح الكومريعهد جديد دخلته كرة القدم النسوية في المغرب مع بداية السنة الحالية 2021، شعاره "الاحتراف"، وهدفه تطوير الممارسة والرقي باللعبة وتوسيع قاعدة ممارساتها والوصول إلى 9000 لاعبة في أفق سنة 2024. لهذا، أخذت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم على عاتقها التكفل بتأدية أجور اللاعبات، وتوفير الإمكانيات المادية واللوجيستيكية للأندية، بما فيها وسائل النقل والأمتعة والملاعب، في إطار تقنين وتطوير المنظومة الكروية النسوية في المملكة.
يوم الأحد 3 يناير 2021، أعطى فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، وخديجة إلا، رئيسة العصبة الاحترافية لكرة القدم النسوية، إشارة الانطلاقة الرسمية لأول بطولة احترافية نسوية في تاريخ كرة القدم المغربية، وكان ذلك على هامش مباراة الجيش الملكي، بطل الموسم الأخير، أمام ضيفه أطلس 05 الفقيه بنصالح، برسم الجولة الأولى من الموسم الرياضي الاحترافي 2020/2021.
موسم جديد، يشهد الكثير من التغييرات الإيجابية، تقطع العهد مع الممارسة الهاوية للمواسم السابقة، وهي تغييرات، تحرص الجامعة الملكية، ومعها العصبة الاحترافية، على تنزيلها، تدريجيا، على أرض الواقع، تفعيلا لمشروع تطوير كرة القدم النسوية، بدعم من الاتحاد الدولي للعبة "فيفا"، وأيضا تفعيلا لتوصيات المناظرة الإفريقية لكرة القدم النسوية، التي عقدت بمدينة مراكش يومي 5 و6 مارس من سنة 2018.
خارطة الطريق
يوم الخميس 6 غشت 2020، كشفت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، ومعها العصبة الاحترافية لكرة القدم النسوية، خارطة طريق احترافية لكرة القدم للسيدات، عبارة عن "اتفاقية عقد الأهداف"، تم تسطير برنامجها والإعداد لها على مدار السنتين الأخيرتين.
ووقعت الجامعة الملكية المغربية "اتفاقية عقد الأهداف" مع كل من العصبة الوطنية لكرة القدم النسوية، والعصب الجهوية، والإدارة التقنية الوطنية، للنهوض بكرة القدم النسوية.
وتضمن الشق الرياضي لهذه الاتفاقية، حسب ما جاء في بلاغ مشترك بين المؤسستين، "إطلاق بطولة احترافية بقسميها الأول والثاني، بداية من الموسم الكروي الحالي 2020/2021"، و"تأسيس بطولة وطنية لفئة أقل من 17 سنة وبطولات جهوية للفئات الصغرى".
وفي الشق المالي، تضمن عقد الأهداف بين الجامعة والعصبة، الرفع من قيمة المنحة السنوية المخصصة لأندية كرة القدم النسوية من 20 مليون سنتيم إلى 120 مليون لأندية القسم الوطني الأول، ومن 10 ملايين سنتيم إلى 80 مليون سنتيم لأندية القسم الوطني الثاني، وتخصيص مبلغ 10 ملايين سنتيم لكل عصبة جهوية (11 عصبة) للنهوض بكرة القدم النسوية.
وإضافة إلى ذلك، يتضمن عقد الأهداف، في شقه التقني، مواكبة تدبير الأندية إداريا وماليا من طرف الإدارة التقنية الوطنية والمديرية المالية للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، والرفع من عدد ممارسات كرة القدم لـ90 ألف لاعبة في أفق سنة 2024، وتكوين 1000 إطار تقني خاص بأندية كرة القدم النسوية.
وحرصا على تنزيل جميع أهدف الاتفاقية على أرض الواقع، اشترطت الجامعة الملكية المغربية على الأندية الالتزام التام بجميع بنودها، من أجل الاستمرار في التوصل بمنح الدعم السنوي.
الجامعة تجهز أرضية الاحتراف
قبل انطلاق الموسم الرياضي الحالي، توصلت جميع الفرق المنتمية إلى القسمين الأول والثاني، بـ30 حافلة من النوع الصغير (14 حافلة لأندية القسم الأول و16 حافلة لأندية القسم الثاني)، من أجل حل مشاكل تنقها، كما تعهدت الجامعة بالتكفل بمصاريف التنقلات الطويلة، في حال استعمال الطائرة.
ووضعت الجامعة على عاتقها، أيضا، في "عقدة الأهداف"، التكفل بتأدية الرواتب الشهرية للاعبات فرق القسمين الأول والثاني، وتحويلها مباشرة إلى حساباتهن البنكية، فضلا عن التكفل بالرواتب الشهرية لـ7 أفراد من الطاقم التقني لكل فريق في القسمين الأول والثاني، كما وضعت الجامعة على عاتقها التكفل بالمعدات الرياضية للأندية، في حدود 50 ألف درهم لكل فريق.
وتؤدي جامعة الكرة مبلغ 3500 درهم شهريا لكل لاعبة في القسم الأول (25 لاعبة في كل فريق)، ومبلغ 2600 درهم شهريا لكل لاعبة في كل فريق في القسم الثاني.
وفي المجموع، تؤدي جامعة الكرة أجور 350 لاعبة في القسم الأول، و400 لاعبة في القسم الثاني، كما تؤدي أجور 98 إطار تقنيا في القسم الأول، 112 إطارا في القسم الثاني.
وارتأت جامعة الكرة، حسب مصدر "SNRTnews"، التكفل مباشرة بأجور اللاعبات والأطر التقنية، لعدة اعتبارات، أولها، تفادي تأخر توصلهن بأجورهن من طرف المكاتب المسيرة لفرقهن، كما كان الشأن في المواسم السابقة، وثانيا، من أجل ضمان مصدر دخل لهم من كرة القدم، وثالثا من أجل تشجيع الفتيات الموهوبات على ولوج عالم كرة القدم، وبالتالي توسيع قاعدة ممارسة كرة القدم النسوية في المغرب.
وحسب المصدر ذاته، فإنه في المواسم السابقة، كانت أجور اللاعبات، في بعض فرق القسمين الأول والثاني، لا تتعدى 1500 درهم شهريا، ولا يتوصلن بها في موعدها المحدد، بل إن بعض اللاعبات، يقول المتحدث ذاته، يتوقفن عن ممارسة كرة القدم بسبب عدم توصلهن بأجورهن.
لقجع يشدد على المساواة
قبل 3 أيام من اليوم العالمي للمرأة، وبالضبط في 5 مارس 2018، تحدث فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية، خلال المناظرة الإفريقية لكرة القدم النسوية، وقال إن المساواة بين الجنسين الذكور والإناث، يجب أن تشمل جيع القطاعات في الحياة الاجتماعية والرياضية، بما فيها كرة القدم.
وفي هذا السياق، قال لقجع: "نحن حريصون، في إطار خارطة الطريق التي وضعتها الجامعة الملكية المغربية، على تطوير كرة القدم المغربية، والنهوض بكرة القدم النسوية، وحريصون، كذلك، على تبادل التجارب والخبرات مع أشقائنا الأفارقة في هذا المجال، بما يخدم الرياضة الإفريقية، ويساهم في دماج شابات وشباب إفريقيا".
ونوه لقجع، في خطابه بخصوص كرة القدم النسوية، بما حققته المرأة المغربية، من مكتسبات، وقال: "تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك، الذي لطالما عبر عن قناعاته بأن تحقيق النمو الشامل والمستدام لن يتأت إلا من خلال المساهمة الفعالة للنساء، وتعزيز انخراطهن في تنمية بلادهن ونهضتها، نتطلع إلى النهوض بكرة القدم السنوية في المغرب وإفريقيا"، مضيفا: "ما يلاحظ، أن الهوة مازالت متسعة بين كرة القدم لدى الرجال ونظيرتها النسوية رغم ما تم بذله من مجهودات في السنوات الأخيرة، خاصة على مستوى المنتخبات الوطنية، والتحدي أمامنا اليوم، هو وضع تصور لتطوير منظومة الكرة القدم النسوية، وجعلها قائمة الذات، تنبني على توفير ظروف توسيع قاعة الممارسة أولا، وتنظيم بطولات احترافية نسوية، وتقوية التكوين، والبنية التحتية المرتبطة بالممارسة النسوية".
إلا: مرحبا بالاحتراف
عبرت خديجة إلا، رئيسة العصبة المغربية لكرة القدم النسوية، عن سعادتها بإطلاق مشروع احتراف الكرة النسوية في المغرب لأول مرة، مشيرة إلى أن تنزيل برامج هذا المشروع يأتي بالتدرج.
وقالت إلا، في ندوة صحفية عقدت في 6 غشت 2020، مباشرة بعد توقيع "عقدة الأهداف" مع الجامعة الملكية المغربية: "في إطار الاستراتيجية التي سنها رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، الهادفة إلى تطوير كرة القدم النسوية، نحن الفرق الوطنية، سعيدون جدا بهذه المرحلة، التي تتميز بإطلاق بطولة احترافية في القسمين الأول والثاني".
وشددت خديجة إلا، رئيسة فريق "الجمعية البلدية النسوية لكرة القدم العيون"، على حرصها على تنزيل مشروع احتراف كرة القدم النسوية، في جميع فرق في القسمين الأول والثاني. وقالت في هذا السياق: "كما نعرف، فإن تنزيل أي تغيير، يكون صعب جدا على الفرق في البداية، ونحن عصبة كرة القدم النسوية، نعلن، من هذا المنبر، أننا سنواكب كل الفرق، مرحلة بمرحلة، إلى أن نحقق الأهداف المرجوة، بهدف النهوض بكرة القدم النسوية، على المستويين المحلي والإفريقي".
موسم الهجرة نحو الاحتراف
بعد أن اعتمدت جامعة الكرة، والعصبة الاحترافية، التابعة لها، مشروع الاحتراف، انطلاقا من الموسم الحالي، فضلت الكثير من اللاعبات، الممارسات في قسم الهواة، مغادرة أنديتهن، والانضمام إلى أندية في القسمين الأول أو الثاني، لكي يضمنّ توصلهن بأجور شهرية، في وقتها المحدد.
واستنادا لمصدر مسؤول في كرة القدم النسوية، فإن اللاعبات في قسم الهواة لا يربطهن أي عقد مع فرقهن، إذ أنهن يوقعن، فقط، على التزام بالانضمام إلى هذا الفريق أو ذاك لمدة محددة، ولا تتم المصادقة عليه لدى السلطات المحلية، وفي الغالب يغادرن فرقهن فجأة، قبل نهاية المدة المحددة في الالتزام، بسبب عدم توصلهن بمستحقاتهن، والتي تكون، غالبا، عبارة عن منح الفوز في المباريات فقط، ولا تتعدى في أغلب الأحوال 300 درهم.
وتسبب رحيل اللاعبات لأندية القسم الأول والثاني في أزمة لدى أندية الهواة، التي وجدت نفسها قد خسرت، فجأة، لاعبات سهرت على تكوينهن لمدة تزيد عن 3 سنوات، في إطار السعي للصعود إلى القسم الثاني، وبالتالي وجدت هذه الأندية نفسها بدون موارد بشرية ولا موارد مادية، وأصبحت مهددة بالتوقف نهائيا عن أنشطتها الرياضية وإعلان حلّها.
الزاولي: الاحتراف خدم فرق على حساب أخرى
رحبت زينت أمين الزاولي، رئيسة فريق الاتحاد الرياضي البيضاوي النسوي، الممارس في قسم الهواة، بمشروع الاحتراف، لكنها في المقابل، استنكرت عدم استفادة أندية الهواة من هذا المشروع.
وقالت الزاولي، في تصريح لـ"SNRTnews"، إن أغلب أندية الهواة، تعجز، أحيانا، عن توفير مصاريف التنقل لخوض مبارياتها، ولا تستطيع توفير أجور شهرية أو منح للاعبات والمدربين، إذ أنها لا تتوصل بمنح من جامعة الكرة، وتظل في انتظار منحة المجالس البلدية، والتي في الغالب، تكون هزيلة جدا.
وأضافت الزاولي، حفيدة الراحل العربي الزاولي، الرئيس والمدرب الأسبق لفريق الاتحاد البيضاوي، أن بعض الأندية في قسم الهواة، ليس لديها مدخول من أي جهة، على غرار الاتحاد البيضاوي، الذي ظل يناضل، لمدة 3 سنوات، من أجل توصله بمنحة قيتها 12 ألف درهم فقط من مجلس المدينة.
وترى المتحدثة ذاتها أن أندية الهواة هي القاعدة الأساسية لتطور كرة القدم النسوية، لأنها منبع المواهب، مضيفة: "لهذا على جامعة الكرة، والعصبة، والمجالس المنتخبة، الالتفاف إلى هذه الأندية، وأن يشملها، هي الأخرى، مشروع تطوير الممارسة الكروية النسوية في المغرب".
مقالات ذات صلة
رياضة
رياضة
رياضة