مجتمع
"كورونا".. معنى الطفرة والمتحور والسلالة
06/04/2021 - 20:03
وئام فراجيعيش المغرب على غرار باقي دول العالم أزمة صحية ناتجة عن انتشار فيروس كورونا للمتلازمة التنفسية الحادة "سارس كوف 2"، المسبب لمرض كوفيد- 19، ويشهد هذا الفيروس تطورا كبيرا منذ ظهوره في مدينة ووهان الصينية في أواخر سنة 2019، نتج عنه ظهور ثلاث سلالات سريعة الانتشار، من بينها المتحور البريطاني الموجود بالمملكة.
الطفرة
أوضح البروفيسور مصطفى الناجي، الاختصاصي في علم الفيروسات، ومدير مختبر الفيروسات بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، أن أي جسم لديه معلومة جينية خاصة به، والتي تسمى بالحمض النووي، وهذا الجينوم يتكون من سلسلة من "النكليوتيد"، وهي في علم الأحياء بمثابة الحروف الأساسية التي تكتب بها الجينات.
وأضاف الناجي، في حديثه مع "SNRTnews"، أن حدوث طفرة في الفيروس يعني وقوع تغيير في ترتيب مادته الوراثية، علما أن بعض هذه الطفرات قد لا تترك أثرا كبيرا على الفيروس، فيما يؤثر بعضها في قدرته على الانتقال والعدوى. وأوضح الاختصاصي في علم الفيروسات في هذا الإطار، أن تغيير هذا الترتيب يعطي كنتيجة متحورا جديدا من الفيروس.
المتحور
وبناء على ذلك، أبرز الناجي أن "التحور" والذي بات يعرف أيضا بالسلالة المتحورة، هو نسخة من الفيروس تضم مجموعة من الطفرات، وينتج ذلك عن حدوث تغيير في البروتين "سبايك" لفيروس كورونا، والذي يستخدمه الفيروس لدخول الخلايا وإصابتها.
وعلى الصعيد العالمي، يضيف مدير مختبر الفيروسات بكلية الطب بالدار البيضاء، تم تحديد 14 متحورا من فيروس كورونا، منذ بدء انتشاره، إلا ان الحديث الآن يهم فقط ثلاثة متحورات الأكثر انتشارا وهيمنة في العالم؛ وهي المتحور البريطاني والجنوب إفريقي والمتحور البرازيلي.
السلالة
وللابتعاد عن أي لبس بهذا الخصوص، يوضح الناجي أن سلالة الفيروس هي الأصل، وبعد ذلك تحدث له مجموعة من التغييرات، تبدأ بظهور طفرات متنوعة وعند تأثير هذه الطفرات على البروتين الخاص بالفيروس بشكل يجعله يتغير تماما، نتحدث عن متحورات جديدة، أو سلالات جديدة للفيروس.
السلالة البريطانية
ويعرف المتحور البريطاني، الذي كشفت وزارة الصحة عن وجود 89 حالة منه بسبع جهات بالمملكة، باسم "بي.1.1. 7" (B.1.1.7)، وتحتوي هذه السلالة على مجموعة من الطفرات من أبرزها طفرة: "إن 501 واي" (N501Y): وهي التي تجعل الفيروس أكثر انتشارا وفق ما كشفت عنه دراسات علمية.
وأوضح الناجي في هذا الإطار، أن الدراسات العلمية مازالت قائمة حول خصوصية هذا الفيروس ومتغيراته، مشيرا إلى أن كل ما يجب معرفته لحد الآن هو أن السلالة البريطانية سريعة الانتشار بـ70 في المائة مقارنة بالسلالة الأصلية للفيروس، ما يتطلب أخذ المزيد من الحيطة والحذر والالتزام بكافة الإجراءات الاحترازية التي تفرضها الحكومة لمحاصرة الوباء.
وأشار مدير مختبر الفيروسات بكلية الطب، إلى أن خطورة السلالات المتحورة تكمن في تعويضها للسلالة الأصلية للفيروس، عبر انتشارها بشكل واسع، مؤكدا إمكانية انتشار هذه السلالة بشكل كبير خلال الأشهر القادمة بالمملكة، على غرار ما حدث في مجموعة من البلدان الأجنبية.
وذهب في هذا الإطار إلى أن الحديث عن السلالة البريطانية لا يعني ارتباطها بالبلد الذي ظهرت فيه، "بل يمكن أن يحدث نفس التغيير في طفرات الفيروس في بلد آخر، ويظل اسمه مرتبطا بالبلد الأول لتمييزه عن باقي السلالات".
وبخصوص إمكانية ظهور سلالات جديدة، أكد الناجي أن وزارة الصحة الوحيدة المخول لها الكشف عن هذه المتغيرات بناء على المعطيات التي تستمدها من ائتلاف المختبرات الذي أعلنت عنه مؤخرا.
أكثر من 30 ألف طفرة
من جهته، أكد الدكتور الطيب حمضي، طبيب وباحث في السياسات والنظم الصحية، أن فيروس كورونا تعرض لأكثر من 30 ألف طفرة منذ ظهوره في شهر دجنبر لعام 2019، مشيرا إلى أن البلدان التي تتوفر على يقظة جينومية مثل المغرب تتمكن من اكتشاف هذه المتغيرات، والإعلان عنها، لتفادي سرعة انتشارها.
وفي ما يتعلق بالخلط في المفاهيم المتعلقة بالفيروس، أوضح حمضي، أن سلالة الفيروس هي الدرجة الأكبر من التحور، وتظهر سلالات جديدة بعدما يأخذ الفيروس شكلا جديدا، مشيرا إلى أن استعمال عبارة "سلالة بريطانية" يأتي فقط في سياق إعلامي من أجل التبسيط، إلا أن الأصح هو "المتحور البريطاني"، لأن هذا المتحور لم يصل بعد لدرجة سلالة.
وحول إمكانية ظهور متحور مغربي، أوضح حمضي، في تصريح لـ"SNRTnews"، أن هذا المتحور، في حال ظهوره وتأكيده، لن يكون أكثر خطورة من باقي المتحورات، مشيرا إلى أنه لن يكون أكثر أو أقل عدوى، وعملية المقارنة ستتم بناء على السلالة الأصلية للفيروس.
وأكد أن العلماء والباحثين في علم الفيروسات الوحيدين الذين يهمهم نوع السلالة، فيما يبقى على المواطنين أخذ الحيطة والحذر من الفيروس بشكل عام.
وأضاف أن بيان وزارة الصحة الأخير تحدث فقط عن انتشار السلالة البريطانية في 7 جهات بالمملكة، ما يعني أنها السلالة الوحيدة المثيرة للقلق في الوقت الراهن.
معايير دولية
بدوره، أكد البروفيسور عبد الفتاح شكيب، اختصاصي في الأمراض المعدية بالمستشفى الجامعي ابن رشد بالدار البيضاء، أن المغرب اكتشف متحورا واحدا لحد الآن وهو المتحور البريطاني، والذي بلغت نسبة انتشاره 27 في المائة.
وأوضح اختصاصي الأمراض المعدية والطب الوقائي، أن ائتلاف المختبرات التابع لوزارة الصحة يشتغل بمعايير دولية سواء في ما يتعلق بعملية "séquençage" الرامية للبحث عن وجود متغيرات جديدة للفيروس، أو من خلال المعدات المعتمدة لهذا الغرض.
وسبق لمحمد رجاوي، مدير المعهد الوطني للصحة بالرباط، أن كشف لـ"SNRTnews"، أن اختبارات الكشف عن السلالات الجديدة للفيروس، أو ما يعرف بـ"séquençage" هي عملية معقدة، مقارنة باختبارات الكشف عن فيروس "كوفيد-19"، في نسخنه الأصلية التي تجرى عبر تقنية الـ"PCR".
وأشار إلى أن الكشف عن الطفرات الجديدة يتم عبر احترام تام لتقنيات دقيقة أثناء تحليل العينات، باعتبار أن ليست جميعها تخضع لتقنية الـ"séquençage".
يذكر أن وزارة الصحة أعلنت، يوم الاثنين 05 أبريل 2021، أن جهاز المراقبة الجينومية لفيروس كورونا المستجد بالمغرب، الذي وضعته الوزارة، مكن من كشف وتأكيد تداول المتغير البريطاني وانتشاره في 7 جهات بالمغرب.
وكشفت الوزارة، في بلاغ لها، عن تحديد 89 سلالة للمتغير البريطاني، دون تأكيد أي متغير آخر ذي أهمية بالمغرب.
وذكر البلاغ أنه منذ بداية جائحة فيروس كورونا المستجد، انتشرت عدة آلاف من المتغيرات وسوف تظهر أخرى، مشيرا إلى أن ظهورها يعتبر مع مرور الوقت عملية طبيعية في تاريخ الفيروسات، ترتبط بالطريقة التي تتكاثر بها هذه الكائنات الدقيقة.
مقالات ذات صلة
مجتمع
مجتمع
مجتمع