مجتمع
ندرة المساحات الخضراء تؤرق البيضاويين
13/06/2021 - 11:31
حليمة عامرتشتكي ساكنة العاصمة الاقتصادية من قلة المنتزهات والحدائق العمومية، التي يمكن اللجوء إليها لكسر رتابة الأسبوع، في ظل زحف الإسمنت على الكثير من المساحات الفارغة، دون أن يوازي ذلك إنشاء حدائق ومساحات خضراء تخفف على ساكنة العاصمة الاقتصادية معاناتهم.
حي إسمنتي
"مساء كل جمعة، يحب إبني أن يلعب كرة القدم، وللأسف لا أجد له، بجوار محل سكننا، مكانا مناسبا ليمارس فيه هوايته المفضلة، لأنه لا توجد حدائق عمومية، أو فضاءات فارغة بالقرب من حي الألفة، باستثناء ساحة الفردوس"، تقول فاطمة الزروالي، من ساكنة حي الألفة.
تستنكر فاطمة الزروالي، في تصريح لـSNRTnews، غياب فضاءات خضراء بالحي الذي تقيم فيه، والتي يمكن لابنها، البالغ من العمر 10 سنوات، أن يمضي بها أوقات فراغه، حيث ترى أن حَيَها تغلب عليه المشاريع الإسمنتية والعمارات التي تكاد تخفي المعالم الخضراء.
وتعتقد أن هذه المشكلة لا تتعلق بها لوحدها فقط، فكثير من معارفها يعانون من قلة المنتزهات والحدائق العمومية بالدار البيضاء، خاصة الفضاءات الخاصة باللعب، التي يمكن اللجوء إليها للتخفيف من حدة الرتابة اليومية.
منتزهات قاتلة
وتتواجد بالقرب من الحي الذي تقطن به فاطمة الزروالي بالألفة ساحة يتيمة، تحيط بـ"بحيرة الألفة"، المعروفة بـ"ضاية شنيدر"، والتي كانت، من قبل، ملجأ لعدد من الطيور المهاجرة وتوفر للساكنة منظرا طبيعيا، وتشكل ملاذا آمنا للأطفال، قبل أن تتحول إلى مستنقع، تنبعث منه الروائح الكريهة ويستحيل معه ترك الأطفال ليلعبوا بجواره.
وتشدد "فاطمة" على أنه كثرت، خلال السنوات الأخيرة، حوادث الغرق بـ"بحيرة الموت"، ما يجعلها غير قادرة على اصطحاب ابنها للعب بهذا الفضاء.
فضاءات مغلقة
وتزخر مدينة الدار البيضاء بعدة فضاءات خضراء، أغلبها بالمناطق الحضرية التي توجد بمركز المدينة، كحديقة الإسيسكو أو كما يسميها البيضاويون "جردة مردوخ"، فضلا عن حديقة الجامعة العربية.
وفي هذا الصدد، أوضح عبد الكريم لهوايشري، رئيس اللجنة الدائمة لحكامة المنظومة الوطنية للتربية والتكوين بمجلس جماعة الدار البيضاء، في تصريح لـ"SNRTnews"، أن "مدينة الدار البيضاء تتوفر على أزيد من 400 هكتار من المساحات الخضراء، مع العديد من المنتزهات والحدائق العمومية والتي توفر العديد من الأماكن والممرات للمشي والاسترخاء".
وأضاف المتحدث ذاته "أنه رغم وجود هذه الحدائق، إلا أنها تتعرض للتهميش من طرف المواطنين، حيث أصبحت مكانا للنفايات واحتضان المتشردين وبائعي المخدرات".
وأردف لهوايشري "بالنسبة لسياسة توزيع المساحات الخضراء بين أنحاء مدينة الدار البيضاء، فإنها ترتبط ببرامج ومخططات التهيئة لجماعة الدار البيضاء منذ قديم الزمان"، حيث اعتبر أن "غالبية المواطنين يشتكون من هذه القضية وكأنها جديدة، في حين أنها مسألة إرث معماري وتراكم لسنوات".
ميزانية ثقيلة
ويرى المسؤول الجماعي أن "المدن الجديدة بدأت تعمل بمعايير التهيئة الحضرية، التي تراعي تجهيز مساحات خضراء"، مشددا على أن "الاكتظاظ السكاني الذي تعرفه مدينة الدار البيضاء يعيق تهيئة المساحات الخضراء".
واسترسل قائلا "إذا أراد المجلس إنشاء فضاءات خضراء جديدة بهذه الأحياء، فتلزمه ميزانية كبيرة، لأنه ينبغي إزالة بعض الأحياء وتنقيل ساكنتها إلى مناطق أخرى، الأمر الذي يفترض العمل وفق مجموعة من الإجراءات القانونية، منها تعويض هذه الساكنة، غير أن المساطر القانونية لنزع الملكية جد معقدة وتحتاج إلى وقت كبير".
خطر الأمراض النفسية
من جهة أخرى، توصي الطبيبة النفسانية سعاد بنسودة ﺑﺿرورة اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ زﯾﺎدة اﻟﻣﺳﺎﺣﺎت اﻟﺧﺿراء ﻓﻲ المدن، نظرا لانعكاساتها على نفسية الأطفال، لأن الأطفال الذين ينشأون في وسط أخضر ينخفض خطر تعرضهم لإصابات نفسية مع مرور السنوات.
وتقول بنسودة إن "الأطفال الذين يكبرون وسط الغابات أو الحدائق أو المنتزهات يكونون أقل عرضة للإصابة بأمراض نفسية، مقارنة بأقرانهم الذين ينشأون في محيط ليس به مثل هذه الخضرة".
وتعتقد الطبيبة النفسانية أن "خطر الإصابة باضطراب نفسي يتراجع تدريجيا، كلما كان الإنسان محاطا منذ صغره بمساحات خضراء"، وأضافت: "لذلك فإن المساحات الخضراء جد ضرورية في مرحلة الطفولة"، مشيرة إلى أن نشأة الإنسان في المدينة، ليست سيئة بالضرورة، طالما تحيط به مساحات خضراء.
مقالات ذات صلة
نمط الحياة
اقتصاد
مجتمع