اقتصاد
هل تسعف الطاقات المتجددة المغرب في تحلية مياه البحر؟
10/06/2021 - 15:42
مصطفى أزوكاح
لم تعد تحلية مياه البحر خيارا، بل ضرورة بالنسبة للمغرب الذي يعتبر بلدا شبه جاف، ما قد يستدعي الانخراط في ذلك المسار، غير أن توفير المتر المكعب بسعر مناسب، يقتضي معالجة مشكل الطاقة عبر استثمار الإمكانيات التي تتيحها الطاقات المتجددة بالمغرب.
يراد من أجل معالجة مشاكل ندرة المياه، التوجه نحو تعبئة موارد غير تقليدية، حيث تعتبر تحلية مياه البحر حلا يمكن اختباره ليس في مدن الجنوب، بل في المدن الكبرى كذلك، خاصة أن الخبراء يشيرون إلى أن المغرب راكم تجرية في إنجاز واستغلال وصيانة محطات تحلية مياه البحر والمياه المالحة.
موارد في تضاؤل
تعد الموارد من المياه محدودة بالمغرب، وتتم تعبئتها، في غالب الأحيان، بواسطة التخزين، حيث أن محدودية الرصيد من المياه، تأتي من ضعف التساقطات وتوزيع غير متكافىء بين المناطق، فأحواض أبورقراق وأم الربيع وتانسيفت وسوس- ماسة وملوية، تعرف طلبا كبيرا على المياه.
ويتوفر المغرب بشكل عام على إمكانيات طبيعية من الموارد المائية، التي تأخذ شكل أمطار، في حدود 140 مليار متر مكعب، من بينها 22 مليار متر مكعب فقط قابلة للتعبئة، موزعة بين 18 مليار متر مكعب من المياه السطحية و4 ملايير متر مكعب من المياه الجوفية، ما يعني 700 متر مكعب للفرد الواحد، وهي حصة كانت التوقعات ذهبت إلى أنها ستهوي إلى 500 متر مكعب في العام الحالي، ما يفرض في تصور خبراء البحث عن موارد مائية جديدة.
ويرى خبراء أن الإمكانيات المائية تخضع لاستغلال مفرط، خاصة علي مستوى المياه الجوفية، في الوقت نفسه تتعرض تلك الموارد لتهديد متمثل في التلوث بالنفايات، بالموازاة مع تراجع منسوب المياه وتراجع الري التقليدي.
من أيت باها إلى الدار البيضاء
ينتظر أن يوفر المغرب محطة لتحلية مياه البحر بجهة الدار البيضاء، التي تعرف طلبا مرتفعا على مياه الشرب. وقد كانت البداية أخيرا، بإطلاق وزارة التجهيز عبر مديرية البحث والتخطيط، لطلب عروض من أجل اختيار مقدم خبرة تهم إجراء دراسة للوسط البحري وعملية المعالجة الأولية لمياه البحر.
غير أن تلك المحطة ليست الأولى التي تنخرط فيها المملكة، ينتظر إنجاز محطتين بآسفي والداخلة، وتشغيل محطة بسوس ماسة، بعد تلك التي أطلقها بالعيون وبوجدور وطانطان وأخفنير.
وأفضى الضغط على الموارد المائية لمنطقة اشتوكة أيت باها المعروفة بنشاطها الزراعي المهم، إلى استغلال المياه الجوفية بطريقة تتجاوز إمكانياتها، يهدد الزراعة في المنطقة، بما له من تداعيات على حياة العمال الزراعيين وفرص العمل.
ودفع ذلك الحكومة إلى بلورة مشروع من أجل إنقاذ الرصيد المائي في المنطقة عبر تحلية مياه البحر، حيث أن هذه المحطة التي اقتضت استثمارا بثلاثة ملايير درهم، تتوفر على قدرة معالجة تصل إلي 75 مليون متر مكعب، وستبدأ بإنتاج 265 ألف متر مكعب في اليوم، قبل أن تصل إلى قدراتها القصوى المحددة في 450 ألف متر مكعب في اليوم.
وينتظر أن تساهم المحطة التي ينتظرأن تشتغل في العام الحالي، في توفير المياه الصالحة للشرب لساكنة المنطقة وإتاحة مياه السقي في مساحة تصل إلى 15 ألف هكتار في اشتوكة أيت باها.
وشرع في الخطوات الإجرائية لمشروع تحلية مياه بحر الدار البيضاء بقدرة استيعابية تصل إلى 300 مليون متر مكعب، حيث ستكلف تلك المحطة التي تعد الأكبر في العالم، حسب وزير التجهيز والنقل واللوجستيك والماء، عبد القادر اعمارة، 10 ملايير درهم.
ويأتي هذا المشروع، تبعا لما صرح به الوزير بمجلس المستشارين، ردا على سؤال حول "التدابير المتخدة لمعالجة ندرة المياه"، بعدما تم الانتهاء من تحلية مياه البحر باشتوكة أيت باها وتقوية صبيب محطات تحلية المياه بالأقاليم الجنوبية، في الوقت الذي تنجز دراسة التكامل ما بين استعمالات محطة الداخلة.
شرط التكلفة
يتصور الخبير في قطاع الطاقة المهدي الداودي أن تحلية مياه البحر، لم تعد خيارا بالنسبة لبلد مثل المغرب، الذي يعرف مناخا شبه جاف، معتبرا أن الخصاص على مستوى المياه يفرض على المملكة التوجه نحو تحلية مياه البحر خاصة في ظل توفرها على واجهتين بحريتين.
ويؤكد الداودي، في تصريح لـSNRTnews، على أن السعي وراء خفض سعر المياه التي ستتأتى عبر التحلية، معتبرا أن من حسن حظ المغرب أن التكنولوجيا ذات الصلة بتحلية مياه البحر مافتئ ثمنها ينخفض في الخمسة عشرة ونصف الأخيرة، وهي أثمة مرشحة للانخفاض أكثر في الأعوام المقبلة.
ويشدد على أنه يفترض حل مشكل كلفة الطاقة التي تتدخل بما بين 60 و70 في المائة في الإنتاج، ما ينعكس على الثمن النهائي، الشيء الذي يفرض في تصوره التعويل أكثر على الطاقات المتجددة التي يتوفر المغرب على مشاريع مهمة فيها.
غير أنه يرى أنه رغم التوجه نحو انخفاض سعر الكهرباء الذي توفره محطات الطاقات المتجددة والتي يمكن أن تساهم في خفض تكلفة المنتج النهائي لمحطات تحلية مياه البحر، إلا أنه يشدد على ضرورة معالجة مشكلة استمرارية إنتاج الطاقة المتجددة وتخزينها.
ويوضح بأن الطاقات المتجددة يرتهن إنتاجها للشمس أو الرياح؛ إذ أن غياب هذين العنصرين يوقف الإنتاج، ما يطرح مشكلة الاستمرارية، مشيرا إلى أنه حتى في حالة معالجة مشكلة الاستمرارية، يتوجب إيجاد حل لإشكالية تخزين الطاقة الذي لا يستغرق وقتا طويلا.

مقالات ذات صلة
اقتصاد
مجتمع
اقتصاد