الرضاعة الطبيعية .. الصحة العالمية تؤكد على ضمان حق الأمهات العاملات

وتؤكد منظمة الصحة العالمية أن الدول ينبغي أن تكفل للأمهات المرضعات الحق في الرضاعة الطبيعية داخل مكان العمل، وإتاحة نظام رعاية صحية يراعي المرأة والرضاعة الطبيعية. فهل يكفل المغرب هذا الحق للأمهات العاملات؟ وهل يوجد قانون ينص على إتاحة حيز زماني للرضاعة الطبيعية؟

ماذا تقول مدونة الشغل؟ 

تنص مدونة الشغل على أن للأم الأجيرة الحق في إرضاع طفلها لمدة نصف ساعة، مرتين في اليوم. كما ينبغي على المؤسسات التي يتعدى عدد الأجراء بها 50 أجيرا إنشاء قاعة للرضاعة للنساء. 

تنص المادة161 من مدونة الشغل على أنه " يحق للأم الأجيرة، أن تتمتع يوميا، على مدى اثني عشر شهرا، من تاريخ استئنافها الشغل إثر الوضع باستراحة خاصة، يؤدى عنها الأجر باعتبارها وقتا من أوقات الشغل، مدتها نصف ساعة صباحا، ونصف ساعة ظهرا، لكي ترضع مولودها خلال أوقات الشغل.

وتكون هذه الساعة مستقلة عن فترات الراحة المعمول بها في المقاولة. يمكن للأم الأجيرة، أن تتفق مع المشغل على الاستفادة من هذه الساعة المخصصة للرضاعة في أي وقت من أيام الشغل".

جاء في المادة 162 أنه : " يجب تجهيز غرفة خاصة للرضاعة داخل كل مقاولة، أو على مقربة منها مباشرة، إذا كان يشتغل فيها ما لا يقل عن خمسين أجيرة، تتجاوز سنهن السادسة عشرة.يمكن استعمال غرف الرضاعة روضا لأطفال الأجيرات العاملات بالمقاولة".

وورد في المادة 165 أنه "يعاقب بغرامة من 2000 إلى 5000 درهم عما يلي :

-  رفض تمتيع الأم الأجيرة، بفترة الاستراحة الخاصة، المستحقة لها، خلال أوقات الشغل، من أجل إرضاع مولودها، أثناء المدة المنصوص عليها في المادة 161؛

-  عدم التقيد بأحكام المادة 162، المتعلقة بإحداث الغرفة الخاصة بالرضاعة، وعدم التقيد بالنصوص التنظيمية الجاري بها العمل، فيما يتعلق بشروط قبول الرضع، وتجهيز غرف إرضاع المواليد، وحراستها، وتوفير مستلزماتها الصحية".

 غير أن مصدرا من مفتشية الشغل، يؤكد أن الملاحظ أن غالبية المؤسسات والشركات لا تحترم المقتضيات المتعلقة بإحداث غرفة خاصة للرضاعة.

و أوضح المحامي حاتم بكار، في تصريح لـSNRTnews، أن الأم الأجيرة، ينبغي أن تتفق مع مشغلها على توقيت محدد تخصصه للرضاعة خلال ساعات العمل، وفقا لما تنص عليه مدونة الأسرة.

وأشار بكار إلى أن هذه الشروط يمكن تضمينها في عقد العمل الذي يتم إبرامه بين المشغل والأم الأجيرة.

وكان المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، قد أوصى بإطلاق خطة وطنية لفتح دور حضانة عمومية أو داخل المقاولات في جميع تراب المملكة.

ودعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في تقرير له أصدره سنة 2021 بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، أنه من الضروري إطلاق خطة وطنية لفتح دور حضانة عمومية أو داخل المقاولات في جميع تراب المملكة، واعتماد مرونة أكبر في توقيت تمدرس الأطفال، ووضع تدابير فعالة ومحددة للتمييز الإيجابي هدفها ضمان المناصفة في الولوج إلى مناسب المسؤولية في الوظيفة العمومية.

وتنص المادة 163 من مدونة الشغل على أنه "يمكن إنشاء دار للحضانة بمساهمة عدة مقاولات متجاورة بمنطقة معينة مع تجهيزها وفق الظروف الملائم".

لماذا الرضاعة الطبيعية مهمة؟

في جواب عن هذا السؤال، يوضح الدكتور سعيد عفيف، طبيب أطفال ورئيس الجمعية المغربية لعلوم الصحة، أن حليب الأم مهم لصحة الطفل ونموه، لأنه يوفر جميع العناصر الغذائية اللازمة لنمو الرضع. حيث يحتوي هذا الحليب على الفيتامينات الأساسية والعناصر التي تقوي الجهاز المناعي، مما يجعله غذاء متكاملا. بالإضافة إلى ذلك، فإن الرضاعة الطبيعية تخلق رابطا نفسيا قويا بين الأم والطفل، مما يعزز علاقتهما. 

ويشير عفيف، في تصريح لـSNRTnews، إلى أنه يلاحظ تراجع عدد النساء اللواتي يخترن الرضاعة الطبيعية، موضحا أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية (INDH) ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية عملتا على إطلاق برنامج مشترك بهدف تعزيز الرضاعة الطبيعية. 

علاوة على ذلك، أضاف عفيف أن حليب الأم يقوي الجهاز المناعي للطفل بفضل غناه بالغلوبولين المناعي، وهي عناصر أساسية للوقاية من الالتهابات. وقد أظهرت العديد من الدراسات أن الأطفال الذين يرضعون طبيعيا ينمون بشكل أفضل ولديهم مقاومة أفضل للفيروسات.

بالإضافة إلى ذلك، تسهم الرضاعة الطبيعية أيضا في التطور العصبي للطفل. وعلى الرغم من أن الرضاعة الصناعية تعد بديلا عندما تكون الرضاعة الطبيعية غير ممكنة، إلا أنها لا تعوض أبدا فوائد حليب الأم من حيث النمو والتطور النفسي والعصبي، كما يوضح الدكتور عفيف.