اقتصاد
2021 .. نموذج تنموي لانبثاق المغرب
21/12/2021 - 08:53
SNRTnews"بلغنا مرحلة لا تقبل التردد أو الأخطاء، ويجب أن نصل فيها إلى الحلول للمشاكل، التي تعيق التنمية ببلادنا. وهنا أقول، بأننا لا ينبغي أن نخجل من نقط الضعف، ومن الأخطاء، التي شابت مسارنا، وإنما يجب أن نستفيد منها، وأن نتخذها دروسا لتقويم الاختلالات، وتصحيح المسار"، هكذا تحدث جلالة الملك محمد السادس في الخطاب، الذي وجهه للأمة، بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب في 2019، حيث ركز على المهام المسندة للجنة الخاصة للنموذج التنموي الجديد والأولويات التي يفترض أن تنكب على تناولها.
في ماي الماضي، سلمت اللجنة للجنة النموذج التنموي تقريرها. وفي الخطاب الذي وجهه للأمة بمناسبة عير العرش في يوليوز الماضي، شدد جلالة الملك على أن تفعيل النموذج التنموي يعد مسؤولية وطنية تستدعي مشاركة كل الطاقات والكفاءات، قائلا: "وكما كان الشأن في مرحلة الإعداد، فإننا نعتبر تنفيذ هذا النموذج، مسؤولية وطنية، تتطلب مشاركة كل طاقات وكفاءات الأمة، خاصة تلك التي ستتولى المسؤوليات الحكومية والعمومية، خلال السنوات القادمة".
طموح وأهداف
تبنى النموذج التنموي، الذي سلم في ماي لجلالة الملك، كطموح مشترك الانتقال إلى مغرب مزدهر، مغرب الكفاءات، مغرب الادماج والتضامن، مغرب الاستدامة والجرأة، مؤكدا أن هذا الطموح يستوجب تعبئة كل إمكانيات البلاد عبر وضع العنصر البشري في صلب أولويات السياسات العمومية، سواء باعتباره فاعلا أو مستفيدا من مسيرة التنمية، مؤكدا على أن هذا الطموح يتوافق مع الانتظارات المستعجلة المعبر عنها من طرف المواطنين التواقين إلي المشاركة والتمكين والاعتراف.
وشدد تقرير النموذج التنموي، على أن هذا الطموح يجب ترجمته إلى أهداف محددة تتمثل في احتلال المملكة مكانتها ضمن الثلث الأول في تصنيف الدول في عدة مجالات في أفق 2035، وضمان امتلاك 90 في المائة من التلاميذ للتعلمات الأساسية، والرفع من معدل التأطير الطبي للملاءمة مع معايير منظمة الصحة العالمية.
ويراهن النموذج على تقليص نسبة الشغل في القطاع غير المهيكل إلى 20 في المائة، ورفع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل إلى 45 في المائة عوض 22 في المائة حاليا، والوصول إلى نسبة رضا المواطنين عن الإدارة والخدمات العمومية تزيد عن 80 في المائة.
ويرنو النموذج إلى الانتقال إلى مستوى جديد من نمو الناتج الداخلي الخام، حيث يتوقع نسبة 6 في المائة كمعدل اعتبارا من 2025. قبل الانتقال إلى 7 في المائة اعتبارا من 2030، علما أن ذلك المعدل لم يتعد 3 في المائة في الأعوام الأخيرة، بما لذلك من تأثير على ضعف فرص العمل المحدثة.
تجاوز المعيقات
ويتميز تقرير النموذج التنموي عن تقارير أخرى، حسب شكيب بنموسى، في كونه لم يركز على ما يجب فعله، بل تم التأكيد على كيفية بلوغ عدد من الأهداف، ما فرض تخصيص جزء من التقرير لمرجعيات التنمية التي يمكن أن تعزز العمل المشترك ورفع مستوى الذكاء الجماعي، مع التشديد على كيفية خلق دولة قوية تحمي المواطنين وتشجع المبادرة، ومجتمع قوي يتجاوز العراقيل ومنفتح على الابتكار.
حرص التقرير على وضع تشخيص لحصيلة السياسات التي نهجها المغرب في جميع المجالات ونواقصها، محددا الرافعات التي يمكن أن تساعد على تفعيل التوصيات التي تضمنها، وهو يبقى رهينا بتملك المواطنين لمضامين التقرير وتوافق الفاعلين من أصحاب القرار على الرؤية التي ستفضي إلى بلوغ الأهداف المساعدة على النهوض بالمغرب.
وقد رصدت اللجنة، قبل تحديد تلك الأهداف، أربع معيقات تحد من مردودية النموذج التنموي الحالي، والتي تتمثل في غياب الانسجام بين الاستراتيجية التنموية والسياسات العمومية المعلن عنها وضعف الانتقائية بين السياسات، وبطء التحول الهيكلي للاقتصاد جراء التكلفة المرتفعة لعوامل الإنتاج التي تعيق تنافسية المقالات وضعف الانفتاح على فاعلين جدد أكثر إبداعا وتنافسية، ومحدود قدرات القطاع العام في صياغة بلورة خدمات عمومية سهلة الخلوة وذات جودة، والشعور بضعف الحماية القضائية وعدم القدرة على التوقع الذي يحد من المبادرات بسبب الجودة بين بعض القوانين والواقع الاجتماعي وقضاء يعاني من ضعف الثقة إضافة إلي ثقل البيروقراطية وتعثر سبل الإنصاف.
وأكدت اللجنة التي بلورت تقرير النموذج التنموي الجديد، على أنه ليس برنامجا سياسيا أو حكوميا، بل هو رؤية تعكس انتظارات وأهداف عبر عنها من استطلعت آراؤهم من هيئات سياسية ونقابية واقتصادية وجمعيات ومواطنين.
اعتبر شكيب بنموسى، رئيس اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي الجديد، أن التقرير لم يأت من فوق، فهو ثمرة مشاركة مواطنين، والتي أظهرت انتظارات لها علاقة بجودة بعض الخدمات العمومية ومستوى العيش وتفعيل المصعد الاجتماعي، والشغل اللائق والحماية الاجتماعية، وسياسة القرب وحماية بعض الموارد الطبيعية.
وشددت اللجنة على أن التقرير ينطلق من تلك الانتظارات، كي يحاول اقتراح إجابات وتوجهات أساسية، يمكن أن تحدث تحولا في التصور العالم لتنمية البلد في المستقبل، ما يعني أنه يجب البناء على المكتسبات، مع الاستعداد للتحولات الواجبة، مشددا على أنه إذا كانت هناك تعبئة واسعة على الصعيد المركزي والترابي، يمكن رفع درجة تملك النموذج، ما سيعطي فرصة لتفعيله.
ميثاق من أجل التنمية
وفي سبيل ترسيخ النموذج التنموي الجديد كمرجعية مشتركة للفاعلين، حثت اللجنه على ترجمته في صيغة "ميثاق وطني من أجل التنمية"، حيث سيشكل هذا الميثاق لحظة توافقية لانخراط جميع الفاعلين في مجال التنمية حول طموح جديد للبلاد، ومرجعية مشتركة تقود وتوجه عمل جميع القوى الحية بكل مشاربها.
يمكن للميثاق، حسب تصور التقرير، أن يمثل الآلية الكفيلة بتجديد علاقات الدولة مع الفاعلين في مجال التنمية، من أحزاب سياسية، ومؤسسات دستورية، وقطاع خاص، وشركاء اجتماعيين، ومجالات ترابية، تتلخص في "تحمل المسؤولية، والتمكين، والتفريع، والشراكة، والاستدامة والإدماج"، حيث سيشكل هذا الميثاق التزاما معنويا وسياسيا قويا أمام جلالة الملك والأمة برمتها.
وإذا كان التقرير شدد على أهمية الميثاق من أجل التنمية، الذي يتضمن نوعا من الإجماع الذي يسمح بقابلية إنجاز بعض الإصلاحات والطموحات، فإن تصور، كذلك، آلية للتتبع، تحت إشراف جلالة الملك، الذي يمكن أن يتيح نوعا من الانسجام على المدى البعيد في تنفيذ السياسات بعد ملاحظة نوع من العمل غير المنسق بين الفاعلين.
وتجلى أن أن اقتراح آلية التتبع والتحفيز يأتي من أجل خلق الانسجام في السياسات العمومية، بالنظر إلى الطابع الاستراتيجي الذي يميزها، على اعتبار أن هناك أوراشا تتجاوز مدة ولاية حكومة واحدة، إذ يمكن للجميع القيام بدوره في إطار من التنسيق والانسجام.ا
مقالات ذات صلة
مجتمع
اقتصاد
مجتمع
مجتمع