إفريقيا
مدرسة مجانية لتعليم السينما بهدف تصدير أفلام نوليود
27/06/2022 - 15:55
أ.ف.بويعمل الفريق في نموذج مخملي لغرفة الاعتراف الموجودة في الكنائس على تصوير فيلم بعنوان "سامحني يا أبتِ".
وبعبارة "واحد، اثنان، ثلاثة، أكشن"، تطلق المخرجة الشابة المشهد، فيما كان مهندس الصوت لا يزال بتعليمات من أستاذة يعدّل موقع عصا الميكروفون التي يحملها.
ومع أن في رصيد إستر أباه البالغة الثلاثين عدداً من الأفلام القصيرة والأغنيات المصوّرة التي تولت إخراجها في نيجيريا، قالت لوكالة فرانس برس إنها بانضمامها إلى الأكاديمية "ارادت ان تتعلم كيفية صنع افلام من منظور مختلف".
وتسعى هذه الأكاديمية الكائنة في لاغوس، العاصمة الثقافية النابضة لنيجيريا وكل غرب إفريقيا، إلى تدريب الشباب العاملين في نوليوود، وهي الصناعة السينمائية النيجيرية القوية جداً، بهدف التمكن من إنتاج أفلام قابلة للتصدير إلى خارج القارة الأفريقية.
واللافت أن المشاركة في هذا البرنامج التدريبي متاحة مجاناً للراغبين، وهو أمر نادر في نيجيريا، وهو ممول بالكامل من سلطات ولاية لاغوس التي أدركت أن شبابها الموهوبين والطموحين هم ثروة حقيقية، ومصدر لتوفير عدد كبير من فرص العمل في حال تنظيم القطاع بشكل أفضل.
وقالت مديرة المدرسة ثيرت كورستين لوكالة فرانس برس "نريد لطلابنا أن يتمكنوا من سرد القصص النيجيرية لجمهور دولي بصيغة تجعلها في متناول العالم أجمع".
وتضم الأكاديمية كل المهن السينمائية، من إخراج وتمثيل وإنتاج وسيناريو وصوت وإدارة فنية، وجميع المعلمين فيها من النيجيريين أو الجنوب إفريقيين أو الكينيين ذوي الخبرة الدولية.
أوساط الشباب الأثرياء
حتى وقت قريب، لم يكن غزو السوق العالمية هدفاً تسعى إليه بنشاط نوليوود التي تنتج أكثر من 2500 فيلم سنوياً، وتستند إلى دولة يبلغ عدد سكانها 215 مليوناً ولها تأثير ثقافي كبير جداً في القارة.
فمنذ ظهور نوليوود في ثمانينات القرن العشرين، كان معظم المخرجين النيجيريين ينجزون أفلامهم في غضون أسابيع قليلة بأقل من 20 ألف دولار.
وكانت هذه الأفلام "ممولة في نيجيريا، وتتوجه إلى جمهور نيجيري"، على ما لاحظ عالِم الأنثروبولوجيا المتخصص بنوليوود في جامعة "سيانس بو" للعلوم السياسية في مدينة بوردو الفرنسية أليساندرو جيدلوفسكي.
ولكن في مطلع العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، أدت القرصنة الهائلة التي قوضت النموذج الاقتصادي للصناعة السينمائية، إلى انتقال بعض الموزعين تدريجياً نحو "سوق أكثر رسمية".
وتزامن ذلك مع ظهور القنوات الفضائية ودور السينما الجديدة... وخصوصاً البث التدفقي لقاء بدل مادي. وأشار جيدلوفسكي إلى أن هؤلاء سعوا إلى استهداف النخبة النيجيرية والشتات الأفريقي الأكثر ثراءً.
وما لبثت الموازنات أن زادت وتغيّر نوع الأفلام، وبرزت على رأسها الأفلام الكوميدية الرومانسية التي تصور أوساط الشباب الأثرياء في لاغوس.
وأدى ظهور منصات البث التدفقي العالمية الرئيسية من مثل أمازون ونتفليكس إلى انفتاح نوليوود على جمهور عالمي أوسع بكثير. وقال الاستاذ في "إيبوني لايف كرييتيف" المخرج النيجيري دانيال أورياهي إن "أفلاماً من أميركا الجنوبية وآسيا ودول غير معروفة تقريباً في أوروبا تحقق نجاحاً لدى عرضها عبر المنصات، لذلك تبين لكثر من المخرجين النيجيريين أن أفلامهم يمكن أن تُشاهَد على نطاق عالمي".
لكنه شدد على أن هذا الأمر "يتطلب تطابق الأفلام مع معايير مختلفة، من حيث السرد أو التقنية".
سمعة سيئة
من هذا المنطلق، تشجع الأكاديمية كتاب السيناريو والمخرجين على تجربة أنواع أخرى، كالدراما أو الأفلام البوليسية مثلاً. أما الممثلون فيجري تدريبهم على التمثيل بشكل مختلف لمحو سمعتهم - السيئة - في عالم السينما، إذ يُتهمون بالافتقار إلى الواقعية أو المبالغة في دورهم.
وقال أورياهي "نحن نتحدث بصوت عالٍ، ونتحمس، ونعظّم الأمور كلها وهذا ينعكس في أفلامنا. ولكن يمكنك التعبير عن الأفكار نفسها من دون المبالغة في التمثيل، بحيث يجد المشاهد في آسيا نفسه في شخصيات افلامنا".
وأدركت شركة "إيبوني لايف" القوية للإنتاج جيداً هذه المعايير المختلفة، وليس من قبيل المصادفة أنها أصبحت واحدة من الشركاء الرئيسيين لنتفليكس في نيجيريا.
وبادرت الشركة إلى إطلاق هذه المدرسة الجديدة لتدريب العاملين في نوليوود، وكذلك لرصد أفضل المواهب. ورصدت شركة الإنتاج مثلاً ضمن الدفعة الأولى من خريجي المدرسة الممثلة جينوفيفاأوميه التي أصبحت نجمة "بلاد سيسترز"، وهو أول مسلسل نيجيري تشترك في إنتاجه نتفليكس، ووفرتها اعتباراً من مطلع ماي الفائت.
كذلك تمت الاستعانة بطلاب آخرين كمتدربين في فيلم يتم إعداده مع أمازون. وكثرت المشاريع، وفي عام 2021 وحده، حققت نوليوود إيرادات بقيمة 660 مليون دولار لنيجيريا، أي 2,3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لأكبر اقتصاد في إفريقيا.
ولهذا القطاع قدرات كامنة ضخمة، بحسب المحللين الماليين. وبالتالي بات في إمكان إستر أباه ورفاقها أن تحلم، ليس فقط في لوس أنجليس بل كذلك في لاغوس، بمسيرة سينمائية زاهرة.
مقالات ذات صلة
نمط الحياة
نمط الحياة
نمط الحياة
اقتصاد