مجتمع
ورزازات.. عندما أنعشت الثلوج آمال الفلاحين
28/03/2023 - 15:21
يونس أباعلي | محسن لكاطعانسابت مياه الثلوج في نهر إميني وشِعاب إقليم ورزازات، نازلةً من مرتفعات تيشكا التي غطتها الثلوج بكثافة أخيرا. ولأن الماء يجعل كل شيء حيا، فقد عادت الحياة إلى شريطٍ يضم عشرات الدواوير التي تأمل تحقيق تنمية فلاحية، تستغل المؤهلات الطبيعية الموجودة، لاسيما أن الجماعات الـ17 في الإقليم معنية بالمخطط الفلاحي الجهوي، المُعد في إطار تنفيذ استراتيجية الجيل الأخضر 2020-2030، التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس.
لم يشهد إقليم ورزازات مثل ثلوج فبراير الماضي منذ سنة 1986 تقريبا، كما أكد السكان في أحاديثهم لـSNRTnews، خصوصا في تيشكا والدواوير المطلة على جهة مراكش آسفي، بعيدا بأزيد من 90 كلم عن مدينة ورزازات. لذلك كان الطقس قاسيا عليهم، خصوصا أنهم لم يستعدوا له بالزاد الكافي، في وقت كان حطب التدفئة قليلا بسبب تداعيات الجفاف.
تحولت مرتفعات تيشكا إلى كتل عملاقة شاهقة من الثلج، لا يظهر منها الغطاء النباتي، اختفت حقول السفوح، وتبعثرت اتجاهات التنقل، وتاهت مسارات الوديان، وانعزل البيت عن جاره.
مرت أربعة أيام من الحصار التام، قبل أن يستبشر السكان خيرا بعد فتح المسلك الرئيسي الرابط بين تيزي نتيشكا وجماعة تيديلي، مرورا بدواري "إغرم نوكدال" و"أكويم"، اللذين تجمدت فيهما الحركة تماما، فقد أغلقت الثلوج المحلات التجارية والمقاهي، وألحقت أضرارا ببعض واجهات المتاجر.
كان شقّ هذا المسلك الضيق وسط الثلوج "طوق نجاة"، لأن الكاسحات والجرافات وصلت بصعوبة إلى مداخل الدواوير، وبدأت تفتح المسالك الفرعية المؤدية إلى السكان.
الفرج
في تلك الأيام البيضاء، بقدرِ ما كان صعبا على سكان دواوير إغرم نوكدال وتيديلي وأكويم وتيانانت وإمسكرن وأكرد نودوز وإنكال وإمرزكان، وغيرها من الدواوير، التي تنقّلت بينها SNRTnews طيلة أربعة أيام، أن يمضوا أياما محاصرين بين الثلوج بدون ماء ولا كهرباء، وبعدها أياما أخرى من الجُهد والتعب لإزاحة الثلوج من فوق ومحيط منازلهم وفي المسالك التي يتنقلون منها يوميا، بالقدر ذاته كانوا يعلمون أن من وراء هذه المعاناة فرجٌ، لأن الحقول والنبات والأشجار والوديان المدفونة تحت الثلوج، كانت حينها تروي ظمأها كما يرتوي جوف الأرض.
التقينا بمحمد حينما كان يسير فوق قنطرة "أكويم"، على نهر "إميني"، بحذائه البلاستيكي الطويل حد الركبة وطربوشه الصوفي الغليظ وبملابس زائدة، إذ هذا هو السلاح الذي كان لدى الجميع هنا لمواجهة البرد وشق الطريق وسط الثلج.
كان منشرحا منبسطا بما يراه، خصوصا أنه استقر هنا، واختار الاعتماد على الفلاحة بعد سنوات من العمل في مجال الاتصال. أكد أن شعوره هذا يعمّ الجميع، وهذا ما يظهر في ملامح السكان رغم ما حلّ، فعينٌ على الضرر، وأخرى على تلك الحقول والأشجار والوديان التي عادت إليها الروح.
رمى بصره بعيدا نحو الحقول ومجرى مياه النهر التي أصبحت ذات لون طيني، ولفّ إلى الجهة الأخرى ملوحا بيده نحو تلك الهضاب البيضاء، قائلا : "نعم هناك ضرر كبير، لكن هاته الثلوج أتت في وقتها. هنا نعتمد على الأشجار المثمرة والحبوب والفواكه، لذلك سنجد ماء كافيا للسقي، بعدما عانينا من الجفاف واضطررنا للجوء إلى الآبار".
محمد لفت إلى أن فترة الجفاف دفعت كثيرين إلى حفر الآبار على عمق يتراوح بين 8 أمتار إلى 40 مترا، لذلك تمكنوا من الوصول إلى مستوى يُمكنهم من بيع منتوجاتهم، خصوصا الذرة والحبوب بأنواعها والتفاح.
تنمية مسقية
ما بعث على الأمل هو أنه على امتداد أزيد من 90 كلم، من دواوير جماعتي "تيديلي" و"إغرم نوكدال" في تيشكا، نحو مدينة ورزازات (الطريق الوطنية رقم 9)، انتعشت مجموعاتٌ ذات نفع اقتصادي تضم جمعيات وتعاونيات، بما يجعلها قادرة على تحدي قلة المطر في الصيف ونزول درجات الحرارة في الشتاء إلى مستوى يضر بالمنتوج الفلاحي.
وبفضل التساقطات المطرية والثلجية التي شهدتها المنطقة في الفترة الأخيرة، سجل سد يعقوب المنصور الذهبي نسبة ملء مرتفعة مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية، إذ بلغت النسبة 26 في المائة. وبعد هذه التساقطات سجل السد المذكور إلى جانب سد مولاي علي الشريف 8 ملايين متر مكعب في 24 ساعة فقط، أي ما يعادل سنة من حاجيات المدينة للماء الشروب.
اتفق فلاحو المنطقة، الذين القتهم SNRTnews، على أن الجفاف أضرّ بهم كثيرا، الصغار منهم خصوصا، إذ في إقليم تقلّ فيه الأمطار جفّت الأنهار والعيون، ولم يعد في جوف الأرض ماء، وحتى على سطحها لم يعد يجري في القنوات ليصل إلى الحقول والضيعات.
لذلك اضطروا إلى الاعتماد أكثر على الآبار والسقي بالتنقيط، خصوصا أن مخطط المغرب الأخضر يدعمه بنسبة قد تصل إلى 100 في المائة، كما بدأوا الاعتماد على الطاقة الشمسية، إذ ظهرت مشاريع فلاحية بجانب نهر "إميني" تعتمد الألواح الشمسية لضخ الماء لسقي الأشجار المثمرة وبعض الزراعات.
سعيد، وهو فلاح آخر، حلّ بـ"أكويم" لاقتناء بعض حاجيات المنزل، أكد أن فلاحين ذهبوا في اتجاه اعتماد الطاقة الشمسية لإنشاء ضيعات فلاحية يستغلونها أيضا لتربية المواشي، وبدأوا غرس الأشجار المثمرة بكثرة إلى جانب بعض أنواع الخضر.
أكد أن الآبار ساهمت في اعتماد السقي بالتنقيط، لذلك يتلقى فلاحون الدعم من لدن الوزارة، من خلال منحهم الأنابيب والألواح الشمسية وكل ما يلزم من لوجستيك.
وإلى جانب الفلاحة، يعتمد كثيرون في هذه المنطقة الجبلية على الرعي، إذ في كل دُوار توجد أسر ورعاة رُحل، يمتلكون رؤوسا من الأغنام والمعز.
كما ينتظم "الكسّابة" في إطار تعاونيات وجمعيات، رغم أنهم يصطدمون بغلاء الأعلاف وقلة الكلأ وجفاف العيون بسبب قلة التساقطات. ففي جماعة تيديلي، يرأس محمد بلفضوز جمعية للكسابة، رؤوس الأغنام المتوفرة لديها تفوق الألفين، وأكد في حديثه لـSNRTnews أن هناك أزيد من 40 تعاونية وجمعية في تيديلي تشتغل في الميدان نفسه، بمدخول متوفر رغم الدعم القليل باستثناء تلقيهم أدوية للماشية.
تعبئة الماء.. أولى الرهانات
انتقلنا إلى المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي بورزازات، ليبرُز لنا أكثر كيف ينتظم العمل الفلاحي هنا. يوجد في الإقليم ما يزيد عن 440 تعاونية، و221 جمعية سقوية، تنشط في مختلف السلاسل (الزعفران، التفاح، اللوز، الزيتون، العسل، النخيل...)، عدد منها بدأ ينتظم في شكل "مجموعات ذات نفع اقتصادي" حول وحدة للتثمين، بهدف تنظيم الفلاحين وتثمين وتسويق منتجاتهم، بشكل مماثل نوعا ما لـ"التجميع الفلاحي" الذي أتى به مخطط المغرب الأخضر، والذي يهدف إلى تنظيم الفلاحين بناء على عقد مبرم بين المُجمّعين الذين يمتلكون وحدات التثمين والمنتجين، على أساس الالتزام بشروط في عمليات تجميع واقتناء وتسويق المنتوج.
في لقائنا به بمكتبه أكد الحسن أحجو، رئيس مصلحة الإرشاد والتنظيم الفلاحي، أن التدخلات التي تندرج في إطار استراتيجية الجيل الأخضر، ترتكز، أولا، على تعبئة المياه، باعتبارها عاملا محددا للإنتاج الفلاحي، إذ استهدفت استصلاح السواقي وتبليطها لتحسين نجاعة نقل الماء وإيصاله إلى الضيعات الفلاحية وحماية الأراضي من الانجراف.
وإلى جانب محورَيْ تكثيف الإنتاج، عبر توزيع الأغراس وصيانة الأشجار، والتثمين، يراهن المكتب أيضا على التنظيم المهني للمنتجين الفلاحيين، كما أوضح أحجو في لقائه مع SNRTnews، إذ لفت إلى أن مجموعات ذات النفع الاقتصادي تم إحداثها لتسيير وتشغيل وحدات التثمين الموجودة (التفاح، الزيتون، تكسير اللوز، تخزين التمور).
المسؤول نفسه أبرز أن العمل مع التعاونيات يرتكز على مواكبتهم وتحسين التدبير الإداري والمالي والحكامة، ومحاولة تأطير عملية تسويق منتوجاتها.
وشدد على أن التساقطات الأخيرة سيكون لها نفع كبير، وستساهم في إنعاش الفرشة المائية وملء السدود في الإقليم، وبالتالي توفر الماء مدة طويلة، بما يساعد على التقدم في إنجاز المشاريع المبرمجة.
نفع اقتصادي جماعي
فلسفلة هذا التنظيم بدأت تنتشر ويعتمد عليه الفلاحون والمهنيون والكسّابة، خصوصا مع قلة التساقطات، وقد كانت له آثار إيجابية على هذه الفئات، على مستوى الإنتاجية والمردودية والتسويق بطرق أفضل من السابق.
فعلى سبيل المثال توجد حوالي 10 تعاونيات لإنتاج التفاح في منطقة تلوات المعروفة بهذا المنتوج، يجمعها سقف مجموعة واحدة تسهر على هذه السلسلة من البداية إلى النهاية.
وكذلك الشأن بالنسبة لسلسلة الزعفران (تقريبا 24 تعاونية)، واللوز (حوالي 15 تعاونية) فيما تنتظم تعاونيات سلسلة التمور في إطار مجموعة ذات نفع اقتصادي، وينتظم مهنيو سلسلة الورد العطري ضمن فيدرالية بيمهنية.
وقد تأسست أول مجموعة ذات نفع اقتصادي سنة 2015، تستهدف سلسلة الزعفران، أما آخر مجموعة تأسست فكانت في سلسلة التفاح.
وكما شرح عبد الله عبد اللاوي، رئيس مصلحة الإنتاج النباتي بالمكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي بورزازات، عجّل خلقُ هذه المجموعات بإعداد مشاريع في هذه المناطق الجبلية، بهدف الزيادة في الإنتاج، عبر توسيع المساحات وإعادة تأهيل الأشجار القديمة القائمة وتهيئة السواقي...
ولا يتم العمل بهذا الشكل من التنظيم إلا بناء على جوانب تنظيمية وقانونية لكي تتأسس، كما يؤكد في اتصاله بـSNRTnews، إذ أن هذه التعاونيات ملزمة بشروط ودفتر تحملات، كما أن العمل كله يكون تحت مراقبة وترخيص مكتب السلامة الصحية للمنتجات الغذائية (ONSSA)، وكل هذا بمواكبة وتكوين مالي وتسييري، ويُخصص لوجستيك وموارد، وتُؤطر عملية التسويق، كل هذا ضمن دعم تتلقاه هذه التعاونيات والجمعيات من طرف الوزارة الوصية وشركائها (المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، عمالة ورزازات، المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي).
ويرى عبد اللاوي أن هذا العمل الذي يجري في الإقليم، بمثابة ثقافة تكاد تكون إجبارية، نظرا لصعوبة تلبية حاجيات الفلاح والمهني والسكان دون عملٍ جماعي، كما أن الحاجة إلى تثمين المنتوج تدفع إلى هذا النوع من التنظيم، بما يُمكن في الأخير من تحسين المردودية والتسويق بأفضل السبل، فضلا عن كون هذه المجموعات ساهمت، خصوصا، في الاستعمال المعقلن للسقي، مشيرا إلى أن الفوضى كانت هي السائدة قبل اعتماد هذا العمل الجماعي. في وقت يسير الفلاح الصغير في نسقٍ آخر يلعب فيه بين الاكتفاء الذاتي بما يُنتجه، وبين التسويق إن توفر المحصول الكافي من الأشجار المثمرة والزراعات المتوفرة.
مشاريع لمزيد من الصمود
شكل مخطط المغرب الأخضر 2008-2020 الدعامة الأساسية لبرنامج التنمية الفلاحية بإقليم ورزازات، حيث بلغ مجموع المشاريع المبرمجة بالمنطقة، والتي شملت جميع الجماعات الترابية، 14 مشروعا بمبلغ اجمالي يقدر ب 720 مليون درهم.
وتعد هذه المشاريع مهيكلة للتنمية الفلاحية والقروية، وهي عبارة عن عمليات مندمجة تستهدف أهم السلاسل الفلاحية التي تُميز الإقليم، ومنها التفاح والنخيل والتين واللوز وتربية النحل، والزعفران، والزيتون والثوم ... إلى جانب رهانات أخرى تتعلق بالإعداد الهيدروفلاحي لاستصلاح شبكات الري وتثمين المنتوج وهيكلة سلاسل الإنتاج.
منذ انطلاق هذا المخطط في 2008، عرفت تدخلات المكتب الجهوي طفرة مهمة ساهمت بشكل كبير في تنمية القطاع الفلاحي وتحسين دخل الفلاحين ومربي الماشية وخلق دينامية كبيرة بالوسط القروي.
وتتلخص هذه التدخلات بالإقليم، كما تُظهر الأرقام التي وفرها المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي بورزازات لـSNRTnews في: تهيئة وتأهيل شبكة الري عبر استصلاح 195 كلم من شبكة الري وبناء سدين باطنيين لتحسين الفرشة المائية وحفر 11 ثقبا مائيا، وحماية الأراضي الفلاحية على طول 10 كلم.
كما تروم التدخلات دعم وتأهيل 9 سلاسل إنتاج فلاحية شملت أساسا سلسلة التمور واللوز والتفاح والزعفران والزيتون والتين والثوم وتربية النحل. وتوزيع 168440 فسيلة نخيل وتنقية 49530 عش نخيل، وتوزيع 740 800 من أغراس اللوز وصيانة ازيد من 295 800 شجرة، وتوزيع 622 200 من أغراس الزيتون وصيانة أزيد من 47 000 شجرة، توزيع 592 800 من غراس التفاح وصيانة أزيد من 186 600 شجرة، وتوزيع 341 000 من أغراس التين، وتوسيع زراعة الزعفران على مساحة 100هكتار، واقتناء وتوزيع 271 رأس من غنم الدمان، واقتناء وتوزيع 973 خلية نحل مملوءة واقتناء وتوزيع 1300 خلية نحل فارغة.
أيضا من المشاريع بناء وتجهيز12 وحدة لتثمين منتوجات مختلف سلاسل الإنتاج، وبناء وتجهيز وحدة لتثمين التمور بسعة 100 طن، وبناء وتجهيز وحدة لتخزين التفاح بتلوات، وتجهيز وتأهيل وحدتين لتثمين الزيتون بسكورة، وترميز الزعفران و3 أصناف من التمور.
هيكلة سلاسل الإنتاج عبر التنظيم المهني والدعم والمواكبة، هو أيضا من بين المشاريع في الإقليم، عبر إحداث 187 تعاونية إضافية ما بين 2010 و2020، وإحداث كذلك 4 مجموعة ذات النفع الاقتصادي من أجل تسيير وحدات التثمين، ودعم ومواكبة التنظيمات المنهية الفلاحية.
موازاة مع هذه البرامج تستفيد جماعات تلوات وإغرم نوكدال وتيديلي وخزامة وسيروا وإمي نولاون وغسات من مشروع تنمية المناطق الجبلية لإقليم ورزازات بتكلفة تبلغ 178 مليون درهم الممول في إطار الصندوق الدولي للتنمية الفلاحية.
وتراهن وزارة الفلاحة والتنمية القروية والصيد البحري والمياه والغابات على تعبئة 1,01 مليار درهم في إطار استراتيجية "الجيل الأخضر 2020-2030"، لمواصلة تنفيذ المشاريع الفلاحية من الجيل الجديد.
تسويق جماعي
تحتضن ورزازات مشروعا يعكس فلسفة التنظيم السائدة التي تبتغي تثمين ما يزخر به الإقليم، حيث يوجد مركز للتسويق التضامني، تابع لمؤسسة محمد الخامس للتضامن، تسهر عليه جمعية "روزا لتنمية المرأة القروية" مفتوح في وجه كل التعاونيات، إذ يحتضن منتوجات ما يقارب 60 منها.
المركز، الذي يعتبر منصة للتسويق، يضم منتوجات مجالية محلية الإنتاج، كالزعفران، والحناء، والتوابل، والكسكس، والعسل، والأعشاب الطبية (المورينكا)، والعطور، ومواد التجميل، وغيرها، ويتيح للتعاونيات البعيدة والقريبة فرصة عرض منتوجاتها للبيع، خصوصا الموجودة في المناطق النائية.
وعلى غرار المعمول به في علاقة المجموعات ذات النفع الاقتصادي والتعاونيات، لا تلج المنتوجات هذا المركز دون أن تخضع لمعايير وشروط محددة، أهمها الجودة، وهي التي تُحدد السعر الذي سيُباع به المنتوج.
وقد سوّق المركز منتجات محلية يتميز بها الإقليم، ككسكس التمر، الذي لا يعرف كثيرون أنه موجود، إلى جانب عشبة "المورينكا" المفيدة لمرضى السكري، والزعفران، وماء الورد، وغيرها من المنتجات التي يؤكد القائمون على المركز أنها تلقى الإقبال، خصوصا من لدن الزوار والسياح الأجانب.
خلايا متوحدة
للوقوف على سير العمل الميداني، انتقلنا إلى جماعة أيت زينب، على بعد 25 كلم عن المدينة. هنا توحّدت تعاونيات النّحالين وكوّنت "اتحاد التعاونيات الأطلس الكبير ورزازات لتربية النحل".
في وحدتهم هذه يشتغل أزيد من 70 تنظيما من مختلف جماعات الإقليم الـ17، بما مجموعه 500 مستفيد، يستغلون وحدة لتثمين العسل، بهدف تحسين دخل مربي النحل وتثمين منتجات الخلية، وإنشاء منصة للتسويق وفضاء للبيع.
هذا المشروع الذي يستقبل نحو 4000 خلية، كلّف إنجازه 2,3 مليون درهم، بتمويل من المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وبمساهمة أيضا من المستفيدين منه.
رئيس الاتحاد، عمر جود، قال إن العمل بوحدة التثمين هاته يتم باحترام معايير السلامة الصحية، إذ إنه مرخص من طرف المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، بفضل استفادتهم من تجهيزات حديثة وفرتها وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات.
وكما شرح جود لـSNRTnews، يسعى المشروع إلى إنتاج 40 طنا من العسل ومشتقاته، إذ يجلب إليه المهنيون المنخرطون هذا المنتوج من أعالي الجبال، حيث يرعى النحل في الغطاء النباتي المتوفر، ويُعرض المنتوج للبيع سواء محليا أو وطنيا، بعد أن يمر عبر مراحل علاج علمية.
يؤكد جود أن السنتين الماضيتين، على الأقل، كانتا صعبتين، بسبب الجفاف، إذ لم يجد النحل أين يرعى، وبالتالي لم ينتج العسل، لكن على العموم كما يقول انتعش القطاع في المنطقة، وأصبح الناس يشتغلون بطريقة عصرية، وبالتالي حسّنت التعاونيات مدخولها، وبحصولها على الترخيص الصحي تمكنت من ولوج المعارض الوطنية.
هنا يُستقبل المنتوج القادم من مراعي النحل لاستخلاص العسل ووضعه في مناضج بعد تصفيته، قبل أن يُعبأ في قنينات زجاجية، بعدها يتم تسويقه محليا ووطنا.
هذا التنظيم مكّن المهنيين من تحقيق التنافسية والتسويق في ظروف جيدة، وبالتالي الانتعاش اقتصاديا لتغطية غلاء المواد الأولية والتنقل والقنينات الزجاجية، كما يبرز المتحدث نفسه، والذي أكد أن ما يتم القيام به انعكس إيجابا على المنطقة، لأنها تُنمي سلسة تربية النحل المرتبطة أيضا بسلاسل أخرى، آملا في تكثيف خلايا النحل وتحسين منتوج وأداء التعاونيات.
هكذا هي فلاحة ورزازات؛ انتعشت الآمال بعد الثلوج، وصار ممكنا لهذه التنظيمات المهنية، بعد جفاف طال، وفي إقليم يعرف أمطارا قليلة، أن تستمر في السير نحو تحقيق تنمية فلاحية قروية، متسلحة بالمؤهلات المتوفرة وبطريقة عملها وبدعم وزارة الفلاحة وشركائها.
مقالات ذات صلة
مجتمع
مجتمع
مجتمع
مجتمع