رياضة
ياسين بونو .. المقاتل المبتسم
01/06/2023 - 21:30
يونس الخراشييصدُقُ على ياسين بونو قول المتنبي: "إذا رأيتَ نيوبَ الليث بارزةً .. فَلا تَظُنَّنَّ أنَّ اللَيثَ يبتَسِمُ". فبينما يغري هدوؤه الخصوم بتسجيل الهدف، سرعان ما يكتشفون، وقد تصدى لضرباتهم، بأنهم وقعوا في فخ الابتسامة، وصاروا صيدا بعد أن كانوا يحلمون بالاصطياد.
اتخذ ياسين بونو، من مواليد 5 أبريل 1991 بكيبيك الكندية، الزاكي بادو مثاله الأكبر في حراسة المرمى، وهو يبدأ مسيرته الكروية مع فريقه الأم الوداد الرياضي، ليقلده في أدق التفاصيل، ولاسيما في طريقته التي تصدى بها، مرات ومرات، لضربات الجزاء أو الترجيح، وأدخلت البهجة إلى قلوب المغاربة في مناسبات لا تنسى.
ثم شاءت الصدف، وبعد سنوات من المعاناة والعمل المتفاني، أن يقف ياسين بونو مكان الزاكي بادو، أولا في مرمى الوداد الرياضي، ولاحقا في مرمى المنتخب الوطني، وهو ينتقل، يا للمصادفة، للعب في الدوري الإسباني، الذي سبقه إليه الحارس المثال، الزاكي، حينما كان يحرس مرمى نادي مايوركا، وأبلى البلاء الحسن.
بدأ بونو، الحارس المبتسم، رحلته مع المرمى سنة 2010، من الوداد الرياضي، حيث لم يحالفه الحظ كثيرا كي يبرز قدراته الهائلة. غير أنه، وهو ينتقل إلى الاحتراف بالدوري الإسباني، أولا عبر أتليتيكو مدريد، ولاحقا عبر سرقسطة وخيرونا، فإشبيلية، سيكون قد بلغ الأوج، وصار واحدا من كبار الحراس عبر العالم، إن لم يكن الأكثر بريقا ولمعانا على الإطلاق.
وفي نهائيات كأس العالم بقطر، حيث سينهي المنتخب الوطني المغربي المنافسات رابعا في الترتيب العالمي، بعد كل من الأرجنتين وفرنسا وكرواتيا، سيدوِّن ياسين بونو صفحة ذهبية بامتياز، معلنا، للجميع، عن قوة خارقة في حراسة المرمى، بحيث أدهش المغاربة بتصدياته، وبرودة دمه، وأعجز الخصوم برشاقته، وسرعة بديهته، مؤرخا لظهور لافت، سيظل منقوشا في الأذهان.
ولكن هناك شيئا ما وراء ابتسامة بونو الجميلة والمثيرة في آن. فبينما قال، مرة، وهو يجلس مع الناخب الوطني وليد الركراكي، في ندوة صحفية على هامش مباراة من مباريات كأس العالم بقطر، "جينا غير مقصرين، حتى لقينا راسنا في نصف النهائي"، بكى، وهو يتحدث مع وسيلة إعلام إسبانية، إذ تذكر بداياته، وكيف عانى لكي يشق طريقه مع فريقه الأم، وينال حظه، وربما حقه، في حراسة المرمى؛ حلمه الأبدي الذي حمله وهنا على وهن، إلى أن صار واقعا على العشب.
يملك ياسين بونو كل مميزات الحارس النموذجي. ففضلا عن عشقه الجارف لحراسة المرمى، فهو طويل القامة؛ متر و95 سنتمترا، بحيث يضيق الفجوة أمام أي مهاجم، ومن كل الزوايا، بالإضافة إلى أنه سريع الحركة والبديهة، بحيث يملك القدرة على تتبع الكرات، وأكثر من ذلك القدرة على تحويل اتجاهه في رمشة عين، حين تغير الكرة مجراها لسبب أو آخر. ثم إن بونو يحرك يديه بسلاسة تماما مثلما يحرك رجليه، فتجده يتصدى لضربة جزاء أو ترجيح بالقدم، أو باليد، دون أدنى عناء. وفوق هذا وذاك، فهو يرسل الكرات إلى المهاجمين بدقة عالية، وفي وقت قياسي، بما يشكل عاملا مساعدا لأي فريق يرغب في كسب تأخر الخصوم في ملعبه، ليفيد من المساحات الفارغة في الهجمات المضادة.
ليس هذا وحسب، فبونو، الذي ملأ الدنيا وشغل الناس سواء وهو في مرمى إشبيلية أو المنتخب الوطني، أو حتى هو بعيد عنهما، في مناسبات مختلفة، ولأسباب متباينة، يملك حس التهديف، بحيث يصعد، حين يلزم الأمر، ليساعد زملاءه في التسجيل، أو ليسدد ضربة جزاء أو ترجيح، قد تكون حاسمة، دون أن تثير قلقه، أو تشوش على ابتسامته، وهدوء أعصابه.
إنه حارس مثالي بامتياز. حارس سيبقى اسمه مدونا، لفترة طويلة جدا، في تاريخ الكرة العالمية. وسيصبح، مثل بقية النجوم العالميين، مثالا يحتذى، في حراسته، وأيضا في ابتسامته. وأي شيء أجمل، في الدنيا، من ابتسامة الأبطال؟
مقالات ذات صلة
رياضة
رياضة
رياضة
رياضة