اقتصاد
والي بنك المغرب عن العملات الرقمية : الحل سياسي
19/06/2023 - 12:22
مصطفى أزوكاحذهب والي بنك المغرب، في مائدة مستديرة حول العملات الرقمية للبنك المركزي، المنظمة اليوم الاثنين التاسع عشر من يونيو بالرباط، تحت شعار "دور القطاع العمومي في النقد وسداد المدفوعات - رؤية جديدة"، إلى أن التفكير في العملة الرقمية، على مستوى البنك المركزي، له علاقة بانتشار "الكاش" الذي يمثل 30 في المائة في المغرب، مشيرا إلي أنه تطور كثيرا في ظل الجائحة.
وأضاف في افتتاح المائدة المستديرة الذي شهد مشاركة المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، أنه رغم الجهود التي يبذلها النظام البنكي بالمغرب، فإن نسبة الاستبناك لا تتعدى 51 في المائة، مشيرا إلي أن استراتيجية الشمول المالي أبانت أن الذين يعتبرون أقل استفادة من الخدمات البنكية هم الشباب والنساء والمقاولات الصغيرة جدا، مذكرا كذلك بمغاربة العالم، الذين مثلوا، في العام الماضي، على مستوى التحولات، 8 في المائة من الناتج الداخلي الخام.
وأكد على أن التفكير في العملة الرقمية ليس بعيدا عما ستصبح عليه المهام الأساسية للبنوك المركزية، على مستوى السياسة النقدية والاستقرار النقدي ووسائل الأداء. هذا ما يبرر تشكيل مجموعة عمل بالمغرب حول موضوع العملة الرقمية.
وذهب، في المائدة المستديرة التي تندرج في إطار الأنشطة المبرمجة في أفق انعقاد الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، التي ستحتضنها مدينة مراكش هذه السنة، إلى أنه يتوجب الانخراط في الشمول المالي، مشيرا، في هذا الصدد، إلى أن مجموعة العمل بالمغرب حول العملة الرقمية تفكر في ما يجب أن تكون عليه عملة للتجزئة وعملة للجملة، معتبرا أن الأمر يوجد في بداياته.
وشدد على أن أن التفكير في هذه المسألة يأتي في سياق إدراك أن التغيرات، على مستوى البراديغمات والتكنولوجيا، تفرض الانخراط في هذا الاتجاه، وإلا ستتسع الهوة الرقمية بين البلدان السائرة في طريق النمو والبلدان المتقدمة.
وأكد على أنه، رغم التقديم الحاصل، فإن قضايا أساسية حول مساهمة وتأثيرات العملات على البنوك المركزية مازالت مطروحة، مشيرا إلى أن الدوافع والتحديات تختلف من بلد إلى آخر، خاصة بين البلدان المتقدمة والبلدان الصاعدة والسائرة في طريق النمو.
الحل سياسي
واعتبر الجواهري أنه ما دامت المشكلة عالمية، فإن بداية الحل يجب أن تكون عالمية، عبر وضع قواعد للتقنين، مشيرا إلى أن البعد التكنولوجي لن يكون الأكثر صعوبة، مشددا على أن المشكل يطرح على المستوى السياسي.
وضرب، على هذا المستوى، مثلا بالعلاقات مع الاتحاد الأوروبي والصعوبات التي يطرحها بالنسبة لتحويلات مغاربة العالم، متسائلا حول إمكانية تحقيق قفزة نوعية على مستوى العملات الرقمية في ظل هكذا صعوبات.
واعتبر أن مسألة عملات رقمية للبنوك المركزية تقتضي العمل على ثلاث مستويات، وطنية وجهوية ودولية، داعيا صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وبنك تسويات الاستثمارات إلى العمل من أجل تنسيق التعاون الدولي.
وأكد على أن التعاون يمكن أن يفضي إلى نتائج، ضاربا مثلا بمقاربة المغرب، الذي يستفيد، في سياق التفكير في العملة الرقمية، من دعم صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، كما يوجد المغرب ضمن لجان بنك تسويات الاستثمارات حول الابتكار.
وأضاف أن التفكير في العملة الرقمية دفع إلي ربط صلات مع البنوك المركزية لكندا والنمسا وإنجلترا وفرنسا، معتبرا أن هذا قد يساعد على بناء تغيير كبير، خاصة في الارتباط الكبير للشباب بالتكنولوجيا الرقمية.
خفض كلفة التحويلات
من جانبها، أكدت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، أن تبني البنوك المركزية لعملة رقمية من شأنه أن يخفض كلفة تحويلات المغتربين عبر العالم وتلك التي تقوم بها المقاولات.
ودعت إلي ضرورة الانخراط في الشمول المالي، وهو ما يمكن أن تساهم فيه العملة الرقمية للبنوك المركزية، مطالبة بضرورة رفع تحديات لها علاقة بالإطار التشريعي و البنيات التحتية المشتركة ومسألة الأصول المشتركة، معتبرة، في الوقت نفسه، أن اتخاذ البنوك المركزية قرار حول تبني العملة الرقمية لن يكون قرارا سهلا.
وشددت على أنه هناك شرط كي تنجح مسألة تبني العملات الرقمية، يتمثل في توفير بني تحتية للربط (Connectivité)، معتبرة، في الوقت نفسه، أن يتوجب التقدم في التشريعات المشتركة، كي لا يملأ آخرون الفراغ، في إشارة إلى العملات المشفرة التي يمكن أن تؤدي تأجيج المضاربة.
لماذا عملة رقمية للبنك المركزي؟
وتسعى أغلب البنوك المركزية في العالم إلى إصدار العملات الرقمية أو استحداثها، وتعرف بأنها نسخ رقمية من النقود التي تصدرها البنوك المركزية وتنظم العمل بها.
وقد تصبح عملة البنك المركزي الرقمية شكلا رقميا من نقود لذلك البنك، حيث يختلف عن الاحتياطيات وأرصدة التسوية التي تحتفظ بها البنوك التجارية لدى البنوك المركزية.
وتشكل هذه العملة التزاما على البنوك المركزية، مقوما بوحدة حساب موجودة بالفعل، وتعمل وسيطا ومخزنا للقيمة.
ويعتقد، حسب مجلة التمويل والتنمية، الصادرة عن الصندوق، أن تلك العملات، التي لا تعد أصولا مشفرة، تتيح درجات أعلى من الأمان، فهي غير متقلبة، مقارنة بالأصول المشفرة.
وتعرف العالم على أول عملة رقمية قبل ثلاثين عاما، عندما أطلقت فلندا بطاقة "Avant" الذكية، قبل أن تعمد إلى إلغائها في مطلع الألفية الثانية.
ويجد الانشغال بالعملات الرقمية وإصدارها من قبل البنوك المركزية مبرره في الرغبة في دعم الشمول المالي، كما أن ذلك يجعل أنظمة الدفع أكثر صلابة ويدعم المنافسة.
ويتصور المدافعون عن تلك العملات أن تحسن فرص الحصول على القروض وترفع كفاءة المدفوعات وتخفض تكاليف المعاملات، زيادة على تعزيز الشفافية في تدفقات الأموال وخفض عمليات استبدال العملة.
وينطوي إصدار البنوك المركزية للعملات النقدية على مخاطر، مرتبطة بإمكانية سحب المستخدمين قدرا مفرطا من الأموال من البنوك دفعة واحدة لشراء عملات البنك المركزي، الشيء الذي ينذر بأزمة.
ويتوجب على البنوك المركزية، كذلك، تقييم مدى استعداداتها للتعاطي مع المخاطر المرتبطة بالهجمات الإلكترونية، وضمان خصوصية البيانات والنزاهة المالية.
مقالات ذات صلة
اقتصاد
اقتصاد
اقتصاد
اقتصاد