مجتمع
الجفاف وندرة المياه .. دعوة لاعتماد نظام للإنذار المبكر
28/11/2023 - 16:16
وئام فراجاعتبر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن إشكالية العجز المائي التي تواجهها المملكة تسائل جميع مكونات المجتمع من مواطنات ومواطنين ومستعملي الموارد المائية والفاعلين العموميين والمقاولين والفلاحين وغيرهم، مؤكدا أن تجاوز هذا الوضع "يقتضي تغيير عاداتنا الاستهلاكية تغييرا جذريا وإعادة النظر في خياراتنا السياسية".
وتشير نتائج الاستشارة المواطنة حول تدبير الأزمات المتعلقة بالجفاف، التي أطلقها المجلس، إلى أن 61 في المائة من المشاركات والمشاركين صرحوا بأنهم تعرضوا لتداعيات هذه الظاهرة، وأفاد حوالي 75 في المائة من المشاركين بوجود صعوبات في الولوج إلى المنتجات الفلاحية أو الغذائية بسبب الجفاف.
الاستهلاك غير المسؤول
واعتبر 20,63 في المائة من المستجوبين أن هذه الظاهرة الطبيعية تؤدي إلى نقص المنتجات الفلاحية في السوق، بينما سجل 36,40 في المائة تراجعا في قدرتهم الشرائية بسبب ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية نتيجة الجفاف. كما أفاد 26 في المائة من المستجوبين بأنهم يواجهون صعوبة في الحصول على الماء.
وترى فئة من المستجوبين أن الإجهاد المائي يزداد حدة بفعل الاستهلاك غير المسؤول (71,22 في المائة)، والإفراط في سقي المساحات الخضراء ( 45,08 في المائة).
ومن المتوقع، حسب ما جاء في تقرير السنوي للمجلس، أن يتفاقم في المستقبل العجز المتنامي في التساقطات المطرية الذي يطبع الوضعية المائية للبلاد، لا سيما في سياق يتسم بزيادة الطلب على المياه وتزايد الهشاشة إزاء المخاطر المرتبطة بالتغيرات المناخية.
وفي ظل هذه المخاطر، يُتوقع أن تسجل المملكة ارتفاعا في درجات الحرارة وانخفاضا في التساقطات المطرية؛ وهما محددان رئيسيان لظاهرة الجفاف.
وتختلف التوقعات المتعلقة بالعجز في الموارد المائية في بالمملكة حسب سيناريوهات التغيرات المناخية المعتمدة، وبناء على التدابير التي سيتم اتخاذها، بحيث من المتوقع أن يصل العجز، في أفق سنة 2030، حسب معطيات التقرير، إلى 2,3 مليار متر مكعب، إذ من المتوقع أن يبلغ الطلب 14,8 مليار متر مكعب متجاوزا بذلك الموارد المعبأة (حوالي 12,5 مليار متر مكعب).
وفي أفق سنة 2050، من المتوقع أن تبلغ موارد المياه السطحية 14,55 مليار متر مكعب، مسجلة انخفاضا إجماليا بنحو 3,5 ملايين متر مكعب في إطار سيناريو متفائل، وحوالي 12,81 مليار متر مكعب في إطار سيناريو متشائم؛ أي بانخفاض إجمالي بنحو 5 ملايين متر مكعب، وذلك في وقت تشير فيه التوقعات المتعلقة بمستوى الطلب على الماء إلى أن حجم هذا الطلب سيزداد بشكل ملموس بحلول سنة 2050.
مخطط وطني للجفاف
وانطلاقا من هذا التشخيص، اقترح المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي مجموعة من التوصيات الرامية إلى مواكبة التدابير والإصلاحات المستقبلية لضمان الأمن المائي المستدام للمملكة وتعزيز قدرتها على الصمود أمام المخاطر المستقبلية الناجمة عن التغيرات المناخية، لا سيما ظاهرة الجفاف.
ومن أجل تدبير ناجع للجفاف، أوصى المجلس باعتماد مخطط وطني للجفاف، مرتكز على نظام للإنذار المبكر، يحدد بناء على معطيات آنية حول ظروف الأرصاد الجوية الفلاحية والظروف الهيدرولوجية، التدابير الواجب اتخاذها بالنسبة لكل مستوى إنذار وكذا الهيئات المسؤولة عن التنفيذ.
وشدد على ضرورة العمل على تنزيل هذه التدابير على المستوى الترابي، من خلال توفير مجموعة من الإجراءات الملائمة المتعلقة بتوفير المياه والنجاعة المائية.
كما دعا إلى وضع آلية مؤسساتية للتحكيم والتنسيق في فترات الجفاف، تكون قائمة على التشاور الموسع وإشراك مختلف الفاعلين على المستويين المركزي والترابي، وتكون غايتها القيام بتحكيم دامج ومنصف بين مختلف أوجه استعمال الموارد المائية، مع ضمان الحفاظ على الرصيد الفلاحي والأمن الغذائي والمائي ومناصب الشغل.
وأوصى بدراسة إمكانية إحداث هيئة مستقلة يعهد إليها، في إطار مقاربة للتدبير المندمج للموارد المائية، بالتحديد الأمثل لأغراض استعمال الموارد المائية ووضع سياسة للأسعار خاصة بالقطاع، بناء على توجيهات المجلس الأعلى للماء والمناخ.
الموارد المائية غير الاعتيادية
من جهة أخرى، شدد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في تقريره الذي يرصد الوضعية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للمملكة، والمرفوع إلى أنظار جلالة الملك محمد السادس، على ضرورة تسريع برنامج تعبئة الموارد المائية غير الاعتيادية، لا سيما من خلال تعزيز قدرات الجماعات الترابية في مجال تجميع المياه العادمة ومعالجتها وتنويع أوجه استعمال المياه المعالجة في القطاعين الفلاحي والصناعي وربما في تطعيم الفرشات المائية الجوفية، ثم النهوض بالاستثمار في مجال تجميع مياه الأمطار واستعمالها.
وطالب بإعادة النظر في النموذج الفلاحي المعتمد في الجانب المتعلق باستعمال الموارد المائية وتدبيرها، وذلك من خلال إعادة النظر في الأنشطة والتخصصات الفلاحية بشكل يسمح بجعل كل جهة تتخصص في ممارسات فلاحية وزراعات مستدامة من حيث استعمال الموارد المائية.
كما أكد المجلس على أهمية دعم إحداث سلاسل فلاحية قادرة على مقاومة التغيرات المناخية ولا تتطلب موارد مائية ضخمة وتتيح إنتاجية أفضل للماء، وتعزيز الأنشطة التحسيسية لمستعملي المياه من مواطنات ومواطنين وفلاحين وفاعلين في قطاع الصناعة حول ترشيد استعمال الماء.
مقالات ذات صلة
سياسة
اقتصاد
سياسة
مجتمع