عالم
الجرذان الجائعة اجتاحت لندن خلال الجائحة
19/03/2021 - 17:56
أ.ف.بمن المجاري، جاء الحيوان البالغ طوله نحو عشرين سنتيمترا (من دون الذيل) إلى هذا المنزل في جنوب غرب العاصمة البريطانية، وشق طريقه إلى المسكن الذي كان حتى الأمس القريب في منأى عن القوارض عبر أنبوب الإخلاء في مراحيض الطابق الأرضي، وهو ما يمكن تبينه من آثار القضم حول الأنبوب.
ووصفه كولين سيمز، وهو مدير شركة "سي.اس.اس. بيست كونترول" الصغيرة، بأنه "قذر جدا". وقال لوكالة فرانس برس "يخيل إلي أنه من نوع الذكر ألفا" الذي تتبعه الحيوانات الأخرى، وقد "وجد سبيلا لدخول هذا المنزل بحثا عن الطعام".
منذ أن بدأت بريطانيا في مارس 2020 تنفيذ سلسلة تدابير إغلاق وقيود لاحتواء جائحة "كوفيد-19"، يعمل هذا الخبير في مكافحة القوارض من دون توقف، وقد زادت عملياته بنسبة 75 في المائة.
وزاد عدد الجرذان بنسبة 25 في المئة العام الماضي في المملكة، إذ ارتفع من 120 إلى 150 مليونا، وفقا لشركة "بيست.كو.يو كي".
فالحجر يوفر ظروف تكاثر مثالية لهذه القوارض التي تلد إناثها عشرة صغار مرات عدة في السنة. وقال مدير مجموعة "رينتوكيل" بول بلاكهورست لوكالة فرانس برس "ثمة مبان هادئة وغير مأهولة ومظلمة وآمنة حيث يمكن أن تتكاثر من دون أن يلاحظها أحد".
ونظرا إلى أن تدابير الإقفال حرمتها فضلات الطعام التي يتم إلقاؤها في مستوعبات القمامة خلف المباني أو في الشوارع التي باتت مهملة، كثفت هذه الحيوانات الليلية الخوافة وتيرة خروجها من حياتها السرية.
وباتت الجرذان تغامر في التسلل إلى المكاتب الفارغة للحصول على ما تيسر من بقايا الطعام المتروكة، ولا تتردد في محاولة غرف ما أمكنها من مخزونات المطاعم المغلقة موقتا، أو حتى المجازفة، في وضح النهار أحيانا، في البحث عن قوتها في الأحياء السكنية، حيث تفيض مستوعبات القمامة أمام منازل السكان المحجورين.
وقال بول بلاكهورست "إذا غيرنا سلوكنا، فمن المحتمل جدا أن تغير الجرذان أيضا سلوكها، لأنها حيوانات تتمتع بقدرة عالية جدا على التكيف".
وتسترشد الجرذان بحاسة شم متطورة جدا في بحثها عن الطعام، ولا شيء يستطيع مقاومة قواطعها الحادة التي يتباطأ نموها المستمر بفعل مواظبتها على القضم، لا الخشب ولا الطوب ولا الأسلاك الكهربائية.
وقد تحمل هذا القوارض الأمراض، وهي كفيلة التسبب بأضرار يمكن أن تؤدي إلى الحرائق أو الفيضانات.
وقال كريس شريف من شركة "بيفر بيست كونترول" لوكالة فرانس برس بينما كان يعمل على تصليح الأنابيب "المكسورة" تحت الفناء الأمامي لمنزل في شمال لندن إن الجرذان "شقت طريقها إلى الداخل بواسطة القضم".
ولوحظ أن هذه الظاهرة امتدت إلى أبعد العاصمة. وروت المديرة الفنية لجمعية مكافحة القوارض البريطانية ناتالي بونغاي لوكالة فرانس برس أن صاحب مطعم في غرب بريطانيا واجه خلال فترة الحجر غزو الفئران للمرة الأولى. وقالت "عندما فتحوا أبواب المطعم، كانت المعلبات متناثرة في كل مكان. فالفئران تقضم المعدن اللين، ولا شكل ذلك عائقا أمامها".
ومن الشركات الأعضاء في هذه المنظمة المهنية، بلغت نسبة تلك التي أبلغت عن زيادة تعرضها لاقتحامات الجرذان 78 في المئة في أكتوبر الفائت.
ولاحظ ديفيد لودج من "بيفر بيست كونترول" أن الأمر لا يقتصر على تزايد عدد الجرذان وازدياد قدرتها على مقاومة السموم المبيدة، إذ أنها أصبحت "أقل خجلا" و"أكثر ظهورا" في الشوارع، مضيفا على سبيل المزاح أن الأمر "يشبه إلى حد كبير رواية لستيفن كينغ"، الكاتب الأمريكي الذي اشتهر روايات الرعب.
وأضاف لودج أن ثمة عاملا آخر يتمثل في أن "الكثير من الناس باتوا يعملون من منازلهم"، وأصبحوا أكثر "إدراكا" لما يحصل. وقد نمت إيرادات شركة لودج بنسبة 33 في المئة في سنة بفضل تزايد انتشار الجرذان التي وصل بها الأمر إلى أنها باتت تميل إلى المكوث في الداخل خلال فصل الشتاء.
بعدما رمى كولين سيمز الجرذ الميت في كيس قمامة تمهيدا لحرقه، صعد إلى شاحنته ليتوجه إلى مهمته التالية في فناء خلفي لمجموعة من المحال التجارية، انتشرت فيه الجرذان. وتوقع أن تكون 2021 التي انطلقت بحجر ثالث سنة جيدة هي الأخرى.
مقالات ذات صلة
عالم
اقتصاد
عالم