مجتمع
الدار البيضاء.. بيت آيل للسقوط يسقط بيتين بالمدينة القديمة
27/01/2021 - 16:45
مهدي حبشي"تأثير الدومينو"، هو أدق ما يوصف به الحادث، فمن بين البيوت الثلاثة المنهارة، كان واحدٌ فحسب قد صُنف آيلاً للسقوط. وضعه المزري لم يفت مسؤولي مقاطعة سيدي بليوط، الذين أمروا بإخلائه، منذ سنة 2012. لكن الأكثر تشاؤماً بينهم وبين ساكنة الحي لم يتوقع أن يكف ذلك البيت عن الوجود بعد أن يغتال بيتين آخرين كانا "في صحة جيدة"، وفقَ مسؤولين بالمقاطعة.
وبما أن بنيانها غير مرصوص، فإن بيوت هذا الحي، وسائر أحياء المدينة العتيقة للدار البيضاء، يشد بعضها أزر بعض، ما وضعها أمام مصير مشترك، فإما الصمود الجماعي أو التساقط تباعاً كأوراق التوت. ذلك أكثر ما يرعب الساكنة التي ظلت تتناقل التحذيرات في ما بينها، حتى ساد لدى الغرباء من الحضور اعتقاد بأن كامل "درب الجران" سيستحيل إلى ركام بين الفينة والأخرى.
بوبكر أبو الفضل، مستشار بمقاطعة سيدي بليوط، سرد، لـ"SNRTnews"، تفاصيل الواقعة: "البيوت المنهارة هي التي تحمل أرقام 9، 11 و13. أول أمس جاءني أحد سكان البيت رقم 9، وأخبرني بأنه سمع أصواتاً تنذر بالخراب، وبأنه سيمتنع عن المبيت في المنزل تلك الليلة".
كان البيت رقم 9 رحيماً بساكنته أن تجلت عليه سكرات الموت مدة وجيزة قبل أن يُسلِم جدرانه للأرض، ما جنب العديد من سكانه مصير رجلين قررا التمرد على الإنذار؛ تم انتشال أحدهما من الأنقاض منذ ساعات الصباح الأولى فيما لايزال البحث جارياً عن الآخر.
ما الذي يدفع إنساناً للاستهتار بحياته إلى هذه الدرجة؟ سؤال ما فتئ يطرحه الصحافيون على المسؤول الجماعي الحاضر في عين المكان، لكن الجواب أتى، في المقابل، على لسان الفاعل الجمعوى، محمد العوينة، الذي لم تخفِ نبرة صوته تذمراً من اضطراره لترديد أقواله مراراً وتكراراً وعلى مدى سنوات: "كلما هطلت الأمطار نمسك قلوبنا هلعاً. الناس هنا فقراء، لا يعقل أن يحكم عليهم بالإفراغ دون إتاحة بديل سكني، فالموت أهون لهم من التشرد".
الانهيار خلف رعباً شديداً في صفوف الساكنة، الذين هرعوا إلى الصحافيين يدعونهم لدخول البيوت وتصوير أوضاعها، لعل أصواتهم المذعورة تصل إلى المسؤولين.
المسؤولون الجماعيون، في المقابل، يخلون ذمتهم من مسؤولية انهيار البيت رقم 11؛ إذ يعلنون للرأي العام أن البيت قد صنف آيلاً للسقوط منذ عام 2012، وأن ساكنته استفادت من مساعدات مالية للكراء إلى حين العثور على بديل مناسب.
لكن الفاعل الجمعوي يرد على هذا القول بكثير من الامتعاض: "توجيه إنذارات للساكنة ودعوتهم للإفراغ ليس حلاً، الحل هو العثور لهم على بديل سكني لائق، مُحيلاً على قرار بمنح 9000 درهم لساكنة كل دار آيلة للسقوط من أجل الكراء لمدة 4 شهور.
بعدما أخبر ساكن البيت رقم 9 مسؤولين بالمقاطعة بأنه سمع اهتزاز بيته، وعاين تسرب المياه إلى الداخل وتعمق الشروخ، عمد المنتخبون، بحسب بوبكر أبو الفضل، إلى القيام بإجراءات استعجالية؛ إذ تقدموا بطلب لمصلحة التعمير، التي قررت أن يكون اليوم موعد حلول مراقبين بعين المكان لإعداد تقرير حول الأوضاع، لكن البيت رقم 11 لم يمهلهم إلى ذلك الحين وانهار مُدمراً البيتين 9 و13 بدورهما.
لم تعد البيوت الآيلة للسقوط بالمدينة القديمة تهدد ساكنتها فحسب إذن، ولم يعد كافياً إفراغ بيتٍ آيل للسقوط من ساكنته، بل يتوجب، وفقاً للمستشار الجماعي، خلق مسطرة مبسطة واستعجالية لهدم تلك الدور، تفادياً لمآسٍ شبيهة: "من المؤسف أن بيتاً آيلاً للسقوط، وصدر في حقه قرار بالهدم وأفرغ من سكانه منذ عام 2012، لكنه بقي منتصباً في انتظار أجله، إلى أن تسبب في مأساة اليوم، وحصد معه بيتين كانا بخير...".
لكن المشكلة تتجلى أيضاً في عودة السكان إلى بعض الدور الآيلة للسقوط، رغم استفادتهم من مساعدات مالية للإفراغ، وفي أحيان أخرى يقتحمها الغرباء ويحتلونها دون إذن.
مقالات ذات صلة
مجتمع
مجتمع
مجتمع