مجتمع
الغرفة العبرية.. صيانة حقوق اليهود المغاربة
14/06/2021 - 13:22
وئام فراجيقصد اليهود المغاربة، سواء الذين يقطنون بالدار البيضاء أو خارجها المحاكم العبرية، للبت في نزاعاتهم الشخصية، إذ تهتم هذه المحاكم،منذ سنة 1918، بقضايا الأحوال الشخصية المتعلقة باليهود المغاربة، من قبيل قضايا الزواج والطلاق والإرث والولاية القانونية، فضلا عن قضايا الهبة وغيرها، إلا أن عدد هذه المحاكم بدأ يقل مع تراجع عدد سكان اليهود بالمغرب، ولم يتبق منها سوى الغرفة العبرية بالمحكمة الابتدائية للدار البيضاء.
150 قضية في السنة
"يعد المغرب البلد الوحيد في العالم الذي يتوفر على غرفة عبرية، تقضي بقانون سيدنا موسى بين المغاربة ذوي الديانة اليهودية"، يقول جوزيف إسرائيل، رئيس الغرفة العبرية، وحاخام الدار البيضاء، في حديثه مع SNRTnews، مبرزا أن الغرفة تبت في حوالي 150 قضية في السنة تتعلق بالأحول الشخصية لليهود المغاربة.
ويضيف إسرائيل أن الأحكام الصادرة تعتمد على الطريقة ذاتها التي يتم فيها الحكم على باقي المواطنين المغاربة؛ إذ تفتتح جميع الجلسات باسم جلالة الملك، وتعتمد من حيث الشكل على مقتضيات القانون المدني، فيما تختلف الأحكام من حيث المضمون حسب خصوصية كل ملف.
كما تبت الغرفة العبرية للمحكمة الابتدائية بالدار البيضاء في القضايا المتعلقة باليهود المغاربة القاطنين بالخارج، الذين يقصدون القضاء المغربي لحل نزاعات تتعلق على سبيل المثال بالإرث أو النسب أو للحصول على الجنسية المغربية.
وتصدر الأحكام داخل هذه الغرفة باللغتين العبرية والعربية، بعدما تم تعريب القضاء بالمغرب سنة 1956، كما تجرى جميع المرافعات داخل الغرفة ذاتها بحضور ثلاثة قضاة حاخامات يهود وباقي المعنيين بالحكم، فيما يتم طلب القاعة الكبرى للمحكمة عند الاقتضاء فقط، بحسب تعبير رئيس الغرفة جوزيف إسرائيل.
الإلمام بالتشريعات اليهودية
تعد الغرفة العبرية قسما من أقسام المحكمة المدنية، يتولى فيها 7 قضاة حاخامات النظر في القضايا المعروضة أمامهم وإصدار الأحكام المتعلقة بها، كما يتكلف معظم هؤلاء القضاة بختان الأطفال اليهود.
ويؤكد إسرائيل، في هذا الإطار، أن اختيار قضاة المحكمة العبرية ينبني على مدى ضبطهم للجوانب الدينية والعلمية المتعلقة باليهود المغاربة، فضلا عن معرفتهم بالفقه القضائي العبري، ويفترض في هؤلاء القضاة أيضا الإلمام الجيد بالتشريعات اليهودية.
وكان اليهود المغاربة قبل 30 سنة، يقول رئيس الغرفة، يقبلون على 17 محكمة يهودية موزعة على العديد من المدن المغربية، وكانت الأحكام تصدر بالعبرية والفرنسية، إلا أن هذه المحاكم، يضيف إسرائيل، أغلقت من طرف وزارة العدل بعد تراجع عدد سكان المغرب من ذوي الديانة اليهودية، وتم الاحتفاظ بمحكمة واحدة تحمل اسم "الغرفة العبرية".
ويرى إسرائيل أن هذه الغرفة الآن كافية لحل نزاعات اليهود المغاربة، نظرا لقلتهم وتمركزهم بشكل كبير في مدينة الدار البيضاء، فيما تعتمد الغرفة على مسطرة خاصة، بقضايا اليهود المغاربة الوافدة من مدن أخرى، عبر إنشاء مقال في الموضوع بالمحكمة التابعة للمدينة، وتتكلف وزارة العدل بإرسال ثلاثة قضاة من الغرفة للتنقل إلى مكان الواقعة، والنظر في القضية.
أما استئناف القضايا، يضيف إسرائيل، فيتم بطريقة عادية مثل باقي أقسام المحكمة، إذ لدى اليهود المغاربة إمكانية استئناف الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية داخل محكمة الاستئناف، وينظر في القضية القضاة اليهود الذين لم يتدخلوا في الحكم الأول.
عدول ومحامون يهود
بالإضافة إلى القضاة اليهود، يشتغل بالغرفة العبرية عدول يهود، حصلوا مسبقا على تكوين عدلي يهودي مغربي، كما يوجد بها محامون يهود يختصون في الأحكام القضائية العبرية وينوبون في بعض الأحكام عن اليهود المتقاضين، فيما تبقى للمتقاضين حرية اختيار ديانة المحامي إذ يمكن أن يترافع محامون مسلمون عن متهمين يهود في قضايا معروضة على الغرفة العبرية.
في هذا الإطار، يوضح ياسين المفقود، أستاذ باحث بجامعة الحسن الثاني بسطات، أن الجهاز القضائي العبري كان تاريخيا مؤطرا بالعديد من الظهائر الشريفة والمراسيم والقرارات الوزارية التي تجسد الإطار القانوني المنظم لهذه الفئة، وأيضا بموجب دستور 2011 الذي نص في ديباجته على أن اللغة العبرية تعد مكونا رئيسيا ورافدا من روافد الهوية والثقافة المغربية، وهو ما أعطى للنظام القانوني والقضائي الوطني تفرده على المستوى العالمي.
وأبرز المفقود، في تصريح لـ"SNRTnews"، أن وضع القضاة اليهود لا يختلف عن القضاة المسلمين بالمغرب، مشيرا إلى أنهم يتمتعون بنفس الحقوق والواجبات المقررة بموجب النظام الأساسي لرجال القضاء؛ إذ يعينون بظهير شريف ويرتدون نفس البذلة، فيما يتميزون بوضع طاقية "الكيبا" على رؤوسهم.
وإلى جانب القضاة اليهود، يضيف المتحدث ذاته، يتولى العدول اليهود الذين يشتغلون بالغرفة العبرية مهمة تحرير المحررات القضائية الشرعية مثل عقود الهبة والوصية والإرث.
ويستمد القانون العبري المغربي في مجال الأحوال الشخصية أسسه من المرجعيات التراثية والدينية اليهودية، ما يعطيه، بحسب الباحث في القانون، خصوصية جعلته فريدا على مستوى العالم.
وأكد المفقود أن المنظومة القانونية المغربية زاخرة بقضايا اليهود المغاربة، وتهدف بالأساس الحفاظ على حقوقهم وخصوصياتهم الدينية والثقافية، في إطار التعايش واحترام الآخر، الذي يشدد عليه الدستور المغربي.
من جهته، نوه ابن مدينة تطوان جوزيف إسرائيل، رئيس الغرفة العبرية، وممثل الجالية اليهودية المغربية في المناسبات الوطنية، بالاهتمام الذي توليه المملكة المغربية للجالية اليهودية، وبقضاياها الشخصية، وحرصها الدائم على صون حقوقها.
مقالات ذات صلة
مجتمع
مجتمع
اقتصاد