رياضة
الوداد .. في البدء كان النضال
14/07/2021 - 23:36
يونس الخراشي
السياق المحلي كان مشتعلا للغاية في مغرب الثلاثينات. فالحماية الفرنسية كانت تحاول فرض سطوتها، بينما انتبهت النخبة لما يحاك للبلد، وراحت تضع يدها في يد السلطان محمد الخامس، للخروج، وبسرعة، من الوضع المأزوم.
في تلك الأثناء، كانت كرة القدم "محمية" فرنسية هي الأخرى. فلا يحق للمغاربة أن يشكلوا فريقهم، وينافسوا غيرهم. ومن تم، فقد كان مجرد تأسيس فريق اسمه الوداد الرياضي نضالا ضد الاستعمار. أما اللعب ضد الفرق الأخرى، والتفوق عليها، وكسب الألقاب، فعُدَّ مؤشرا مبكرا على أن المغرب في طريقه إلى التحرر.
في سنة 1939 بالضبط، سيصبح لدى الفرنسيين انشغال إضافي، اسمه الوداد الرياضي. فهذا الفريق، الذي انضم إلى العصبة الفرنسية لكرة القدم، تحت رئاسة محمد بنجلون التويمي، ولمع نجمه بسرعة كبيرة، صار مزعجا جدا للسلطات الاستعمارية.
يقول منصف اليازغي، أستاذ العلوم السياسية، في هذا الصدد: "ولم يكن الوداد ليستثنى من الحركة المناهضة للاستعمار، التي عرفها المغرب انطلاقا من عقد الثلاثينات"، مضيفا:"فجل مبارياته كانت سياسية، وكان من النادر جدا أن تنتهي إحدى مبارياته بدون اعتقال اثنين أو ثلاثة من المتفرجين. بل إن أغلب اللاعبين أصبحوا من أبرز المتابعين من طرف الإقامة العامة".
ويؤكد الباحثان محمد بن الطيب ومحمد بن المهدي: "لقد هيمن فريق الوداد بعد الحرب العالمية الثانية على بطولة القسم الأول لكرة القدم، خصوصا ما بين سنة 1946 وسنة 1951، بشكل أثلج صدور المغاربة، وملأ بالحقد صدور أعدائهم، بمن في ذلك رئيس عصبة كرة القدم، الذي أعجزه توالي حصول الوداد على البطولة، عن كظم غيظه، وعبر عن تبرمه بكل وضوح. فقد كان نظام العصبة المغربية يقضي باستقبال رئيس العصبة للاعبي الفريق الحائز على البطولة لتسليمه ميداليات تقديرية. وكان فريق الوداد يحضر أثناء هذا الاحتفال مرتديا اللباس المغربي التقليدي، فلم يطق رئيس العصبة هذا التحدي المزدوج، وعبر عن تضايقه بقولته"ّلقد سئمت من رؤية أحد عشر طربوشا كل سنة".
كان في القيادة رجال يملكون الحكمة وبعد النظر، يتقدمهم محمد بنجلون، وعبد اللطيف بنجلون، فضلا عن محمد بلحسن العفاني، الشهير بالأب جيكو، الذي سيشغل في الآن نفسه منصب الكاتب العام للفريق، ومدربه الأثير لسنوات طويلة، كان فيها الوداد منافسا على الألقاب، فإما متوجا أو قريبا من التتويج، أو في طريقه إلى تتويج جديد.
وبفعل وجود أولئك الحكماء على رأس الوداد، واعتبار المغاربة الأخير فريقهم، سيصبح الهدف كبيرا جدا، حتى إن التشوف إلى الفوز بألقاب شمال إفريقيا؛ حيث كانت فرنسا تجري بطولات في كل من تونس والجزائر، اللذين تستعمرهما، صار أمرا عاديا. وصار كسب تلك الألقاب جزءا من طموح الوداديين، ويضاف إلى إغاظة المستعمرين.
مع مستهل الاستقلال، ستطرح فكرة إنهاء الوداد. قال البعض إن هذا الفريق أدى الواجب الذي جاء لأجله، وبالتالي عليه أن يتنحى. أما الذين غلبوا على أمرهم، فقالوا إن الفريق أدى ما جاء لأجله في فترة عصيبة من تاريخ المغرب، أما الآن، أما وقد حل عهد التحرر، فإن له أدوارا أخرى، أولها أن يبقى رمزا حيا في قلوب الجميع، ليعرف الشباب أن أجدادهم عاشوا سنوات من القهر، فيساهموا في البناء بكل فخر.
وبالفعل، فقد واصل الفريق الأحمر الوجود، وحافظ على تنافسيته في الفوز بالألقاب، وفي التذكير بماضي النضال.

مقالات ذات صلة
رياضة
رياضة
رياضة