سياسة
انتخابات 2021.. بأي ثمن؟
04/09/2021 - 21:04
يونس ساوريتبدو الحملة الوطنية للانتخابات التشريعية والجهوية والمحلية المرتقبة يوم الأربعاء 8 شتنبر 2021، والتي بدأت يوم الخميس 26 غشت، حملة خاصة لعدة أسباب، من بينها دعوة قرابة 18 مليون مغربي للتصويت في نفس اليوم لانتخاب 395 عضواً من مجلس النواب وأكثر من 31000 عضواً منتخباً على مستوى المجالس البلدية والإقليمية. كما أنها تتميز بخصوصية نظرا لسياقها المتميز بالأزمة الصحية الناتجة عن وباء "كوفيد-19".
هذه الأزمة أثرت بقوة على المجال السوسيواقتصادي، وفرضت قوانين جديدة على الأحزاب السياسية ومرشحيها الراغبين في جذب أصوات الناخبين. مما جعلهم يتخلون نسبيا عن التقنيات التقليدية للتواصل السياسي، و يتوجهون أكثر لمواقع التواصل الاجتماعي كقناة تواصلية أساسية بينهم و بين المواطنين.
أضحى العالم الافتراضي ساحة سياسية جديدة وفضاء عاما يمكن الأحزاب والسياسيين من إيجاد مكان لأنفسهم من خلال منشوراتهم وتفاعلهم المستمر مع الناخبين. هذا ما جعلها تحل مكان الأساليب التقليدية وتقتضي التواصل المباشر واللقاء مع الناخبين، خاصة عبر توزيع المنشورات الورقية.
الأساليب التقليدية التي استخدمت منذ وقت طويل للترويج للحملات الانتخابية، لاتزال ضرورية غير أنها اليوم تخضع لقيود فرضتها السلطات الصحية كالتبادل الاجتماعي.
شبكات التواصل الاجتماعي.. أرض مجهولة؟
هل استعمال مواقع التواصل الاجتماعي كقناة تواصلية ظاهرة جديدة؟
في آخر انتخابات، التي أجريت بتاريخ 22 غشت 2015، لجأت الأحزاب السياسية للعالم الافتراضي وبالخصوص "فيسبوك" بهدف تعزيز حملاتهم الانتخابية.
ما هو الهدف من استعمال مواقع التواصل في الحملات الانتخابية؟
بالإضافة للمميزات التي تزخر بها شبكة الانترنيت كالتداخل المباشر مع مستخدميها والتداول السريع للمعلومات ومحاكاة النقاشات السياسية، وكذا التعبئة الجماهيرية، حاولت الأحزاب السياسية استهداف شريحة الشباب المستعمل لهذا الموقع، والتي تمثل أزيد من 8 مليون مغربي حسب احصائيات "فيسبوك" لسنة 2014.
غير أن مشاركة الأحزاب السياسية على شبكة الإنترنيت عرفت تبايناً كبيراً بالنسبة لمستعملي "فيسبوك" آنداك. في ذلك الوقت، تمكن حزبان سياسيان من الهيمنة الكمية على موقع "فيسبوك". حيث تمثلت في حزب العدالة والتنمية والذي تولى رئاسة الحكومة بزعامة عبد الإله بنكيران بصفحة إلكترونية، ضمن آنذاك أزيد من 480 ألف متابع، أي ما يناهز 51 في المائة من جميع المشتركين في صفحات "فيسبوك" الخاصة بالأحزاب السياسية، فيما استقطبت صفحة حزب الأصالة والمعاصرة أكثر من 287 ألف متابع، أي 30 في المائة من مجموع المشتركين في صفحات "فيسبوك" التابعة للأحزاب.
وكانت صفحات الأحزاب الأخرى، خلال الفترة نفسها، تمثل 19 في المائة من مجموع مستخدمي "فيسبوك" في صفحات الأحزاب السياسية.
شهد تطور عدد المتابعين لصفحات الأحزاب السياسية تقدماً ملحوظاً بين عامي 2015 و2021، حيت يرجع هذا التقدم لتزايد عدد مستخدمي الإنترنيت المغاربة وكذا لحملة الانتخابات التشريعية لعام 2016، ليبلغ عدد المشتركين في صفحات الأحزاب السياسية قرابة 4 مليون مغربي، بزيادة تبلغ حوالي 350 في المائة مقارنة بسنة 2015. بين سنة 2015 وسنة 2021، تضاعف عدد المغاربة الذين يستخدمون الإنترنيت أربع مرات تقريباً. ففي سنة 2021، بلغ عدد مستخدمي الإنترنيت في المغرب، أزيد من 26,62 مليون، بزيادة قدرها 2,3 مليون مستخدم بين سنتي 2020 و2021. هذا ما يقدر بـ9,1 في المائة، حسب تقرير الصادر عن موقعي "وي أر سوشل" و"هوت سويت" خلال السنة الجارية. هذا التزايد في استخدام الإنترنيت جعل الأحزاب السياسية تتوجه لتعزيز وجودها على الشبكات الاجتماعية.
تنازل حزب العدالة والتنمية على المركز الأول في قيادة مواقع التواصل الاجتماعي لحزب التجمع الوطني للأحرار. هذا الأخير تضم صفحته على "فيسبوك" أكثر من 1,5 مليون متابع بتطور بلغ 15326 في المائة بين عامي 2015 و2021. تزامناً مع هذا، تضم حالياً صفحة حزب العدالة والتنمية 1,2 مليون متابع، بتطور بلغ 144 في المائة.
وسجلت الأحزاب السياسية الأخرى تطوراً ملحوظاً، لا سيما حزب الأصالة والمعاصرة الذي يضم أزيد من 521 ألف معجب بتقدم وصل لـ81 في المائة، متبوعا بحزب التقدم والاشتراكية بـ374 ألف متابع بنسبة تقدم قدرها بـ631 في المائة، والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بـ131 ألف متابع بنسبة تطور تصل إلى 614 في المائة، وحزب الاستقلال بـ119 ألف متابع بزيادة نسبة تقدم 244 في المائة.
حملة انتخابية عملتها الدولار
يزداد ظهور الأحزاب السياسية على شبكات التواصل الاجتماعي نتيجة الاستراتيجية الرقمية للتواصل التي تنفدها الأحزاب السياسية في تسيير صفحاتها الرقمية. تقوم هذه الاستراتيجية على وتيرة النشر وطبيعة المنشورات وقناة النشر، إضافة إلى عنصر رعاية المنشورات.
دعم المنشورات هو نشرها لدى مستخدمي مواقع التواصل وفقا لاهتماماتهم ولموقعهم الديمغرافي والاجتماعي. من أجل الاستفادة من هذه الخاصية تدفع الأحزاب السياسية رسوم الرعاية لشبكات التواصل الاجتماعي، وفقا لعدد مستخدميها المستهدفين وكذا معايير الاستهداف.
فكم أنفقت الأحزاب السياسية المغربية على حملات الرعاية خلال فترة الانتخابات؟
تجدر الإشارة إلى أن "فيسبوك" يتيح للجمهور تقريرا أسبوعيا يسمح له بالعثور على أرشيفات الإعلانات السياسية المختلفة، وكذا الحصول على
فكرة عن إنفاق الأحزاب السياسية على الشبكات الاجتماعية. أداة شفافة فرضت نفسها بعد الكشف عن التلاعبات السياسية التي جرت بالأخص في الولايات المتحدة.
وفقا لآخر تقرير صادر عن شركة "فيسبوك"، فمجموع أنفقت الأحزاب السياسية المغربية، خلال الأشهر الثلاثة الماضية، 350883 دولارا على شبكتي "فيسبوك" و"إنستغرام" بهدف دعم 12 ألف منشور. حزب التجمع الوطني للأحرار أنفق خلال نفس الفترة 206 ألف دولارا وأزيد من 34 ألف دولارا فقط خلال الأسبوع بين 23 و29 غشت من السنة الجارية. في حين أن حزب الاستقلال أنفق قرابة 20 ألف دولارا وحزب الحركة الشعبية أنفق أزيد من ألف دولار أما حزب الأصالة والمعاصرة أنفق 630 دولارا.
التجمع الوطني للأحرار في المقدمة
يفسر ارتفاع النفقات المالية لحزب الاتحاد الوطني للأحرار هيمنته على مواقع التواصل الاجتماعي. لكن بالإضافة إلى ذلك، حسب عزيز كرود، أخصائي التواصل والتسويق الرقمي، إن الحزب بدأ قبل ثلاث سنوات من خلال وضع مخطط تواصل رقمي خارج إطار الحملة الانتخابية. كما يقوم الحزب باستمرار بتجنيد المشاركين ورعاية أهم منشوراتهم ويتواصل مع المشاركين. إضافة إلى هذاـ فإن الحزب طور صفحاته الرسمية على شبكات التواصل الاجتماعي المختلفة، وصفحات الهيئات الموازية التابعة له وشبيبة الحزب وكذا الفئات المهنية التابعة للحزب.
حسب عزيز كرود، فحزب التجمع الوطني للأحرار قادر على التواصل بسلاسة مع فئات المختلفة من الجمهور المستهدف عن طريق صفحاته الرسمية وغير الرسمية. و أفاد كذلك أن الأحزاب السياسية الأخرى تتواصل بشكل "متقطع" مع اقتراب المواعيد الانتخابية قائلا "اهتمت معظم الأحزاب السياسية بالتواصل الرقمي قبل أيام قليلة من بدء الحملة الانتخابية مما جعلهم يفقدون آلاف المشجعين خلال الحملات الانتخابية".
فحسب الأخصائي في التواصل الرقمي، هذه الأعداد ليست موثوقة لأنها لا تأخذ بعين الاعتبار الحملات التي تقام في الصفحات غير الرسمية للأحزاب وللسياسيين والوزراء و المرشحين والأمناء العامين وكذا صفحات الهيئات الموازية.
ترجمة: آية الباق- صحافية متدرية
مقالات ذات صلة
سياسة
سياسة
سياسة