مجتمع
حوار.. هذا مصير مندوبية المياه والغابات ومهام الوكالة الجديدة
14/09/2021 - 12:08
يونس أباعلي
كشف عبد الرحيم هومي، الكاتب العام لقطاع المياه والغابات، في حوار مع SNRTnews، عن مصير المندوبية بعد إحداث الوكالة الوطنية للمياه والغابات، إذ طرح إحداثها تساؤلات حول مستقبل المندوبية وما الدور الذي ستقوم بها الوكالة في ظل الظواهر المناخبية القصوى التي تهدد الغابات والواحات.
تمت المصادقة من طرف مجلس الحكومة، قبل أيام، على مشروع القانون رقم 52.20 المتعلق بإحداث الوكالة الوطنية للمياه والغابات، تفعيلا للاستراتيجية الوطنية الجديدة "غابات المغرب 2030-2020" التي أعطى انطلاقتها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، لجعل القطاع الغابوي أَكثر تنافسية واستدامة من خلال ابتكار نموذج تدبيري مندمج ومنشئ للثروة.
وتأتي المصادقة في وقت أصبحت الغابات، والواحات، أكثر عرضة للخطر، بفعل التقلبات المناخية المتواترة، والتي بسببها احترقت مئات الهكتارات في عدة غابات بعدد من المناطق الصيف الماضي.
وفي ما يلي نص الحوار مع الكاتب العام لقطاع المياه والغابات الذي يشرح فيه سياقات التأسيس ومصير المندوبية:
ما سياقات إحداث الوكالة الوطنية للمياه والغابات؟
تفعيلا للتوجيهات الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، الرامية إلى إرساء قواعد الاستراتيجية الجديدة ''غابات المغرب 2020 - 2030 "، تمت إعادة هيكلة المؤسسة الإدارية عبر خلق الوكالة الوطنية للمياه والغابات تسند إليها مسؤولية الإِدارة السيادية في تدبير الملك الغابوي، في إطار الإِصلاح المؤسساتي للقطاع، والذي يعد أَحد أهم الركائز لإنجاحِ الاستراتيجية الجديدة، وذلك بواسطة تفعيل وأجرأة مقتضيات الظهير الشريف رقم 71-21-1 الصادر في 3 ذي الحجة 1442 (الموافق ل14 يوليو 2021) بتنفيذ القانون رقم 20-52 المتعلق بإحداث الوكالة الوطنية للمياه والغابات، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 7006 بتاريخ 11 ذي الحجة 1442 (الموافق ل 22 يوليو 2021)، بعد أن صادق المجلس الحكومي على النص التنظيمي المشار إليه في الفقرة الأخيرة من المادة 11 من نفس القانون.
ما دورها في تنفيذ السياسات الحكومية في مجال تدبير المجالات الغابوية؟
تكلف الوكالة الوطنية للمياه والغابات بتنفيذ التوجهات الاستراتيجية لسياسة الدولة في مجالات حماية الثروة الوطنية الغابوية ومواردها والمحافظة عليها وتثمينها وتنميتها المستدامة، وكذا في مجال محاربة التصحر وإحداث وإدارة المناطق المحمية، لا سيما المنتزهات الوطنية، وتدبير موارد القنص وصيد وتربية الأحياء المائية في المياه البرية والمحافظة على النباتات والحيوانات المتوحشة والأصناف المهددة بالانقراض.
وضمن هذا الإطار، تتمثل اختصاصات الوكالة في إعداد وتنفيذ برامج ومشاريع التنمية المندمجة للمناطق الغابوية والمناطق المجاورة للغابات ومروج الحلفاء والمناطق المحمية والقيام بكل التدابير التي تتعلق بتهيئة وتنمية وتوسيع الغابات على الأراضي التابعة للملك الغابوي، وضمان رصد ومراقبة وحماية الغابات من الحرائق والمخاطر المتعلقة بالصحة النباتية والتحديات البيئية بما فيها تغير المناخ، وذلك بتنسيق مع السلطات المختصة والهيئات المعنية.
وتتمثل أهمية هذا التحول المؤسساتي لإدارة المياه والغابات في ارتكازه منهجيا على تجارب العديد من الدول التي تمكنت من تنزيل عدد من الإصلاحات المؤسساتية النوعية من خلال إحداث مؤسسات وشركات عمومية. وبهذا الإصلاح المؤسساتي، ستحرص الوكالة الوطنية للمياه والغابات على تجويد التدبير العمومي للثروات الغابوية وعقلنة الأداء العمومي المرتبط بالثروات الطبيعية واحترام مبدأ الشراكة مع الفرقاء والفاعلين، من خلال وضع نظام جديد للحكامة يدمج هيئات الحوار مع الفاعلين الإقليميين والهياكل المحلية، ويشرك الساكنة بشكل فعلي في تدبير الثروة الغابوية، وبالتالي جعل القطاع الغابوي أَكثر تنافسية وعصرنة.
ويدير الوكالة مجلس إدارة ويسيرها مدير عام. كما تخضع للمراقبة المالية للدولة المطبقة على المؤسسات العمومية، طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل.
وتحل الوكالة محل الدولة في جميع حقوقها والتزاماتها المتعلقة بالممتلكات المنقولة والعقارية وجميع صفقات الدراسات والأشغال والتوريدات والخدمات، وكذا جميع العقود والاتفاقيات المبرمة من قبل إدارة المياه والغابات قبل تاريخ دخول القانون رقم 20-52 حيز التنفيذ.
وفي إطار تنفيذ أحكام المادتين 11 و21 من القانون رقم 52.20 المتعلق بإحداث الوكالة الوطنية للمياه والغابات، تم إصدار مؤخرا مرسوم يهدف إلى تحديد ممثلي "الإدارة" أعضاء مجلس إدارة الوكالة الوطنية للمياه والغابات، وكذا كيفية تعيين باقي الأعضاء الآخرين الذين يمثلون المؤسسات العمومية ووكالات الأحواض المائية ومؤسسات التكوين والبحث ومنظمات مستعملي الغابة والمناطق المحمية منظمات المهن ذات الصلة بالمجال الغابوي والمناطق المحمية.
ما مصير الموارد البشرية والنظام الخاص للمندوبية بعد إحداث الوكالة؟
قبل الإجابة على هذا السؤال، يجب التذكير بأمرين أساسيين: أولا لا يتعلق الأمر هنا بإنهاء عمل مؤسسة وإحداث أخرى، بل بإعادة هيكلة التنظيم المؤسساتي وتحديث القطاع، من أجل تأطير أفضل وممارسة للمهام بشكل أكثر نجاعة وفعالية.
ثانيا، مسار إعادة الهيكلة تم من خلال نقاشات ومشاورات مع العاملين في القطاع من أجل تنزيل سليم لهذه الحكامة، والاستجابة لتطلعات وإنتظارات أطر المياه والغابات وجميع الشركاء المعنيين.
وفي هذا الصدد، فقد نص الفصل 9 من القانون 52.20 المتعلق بإحداث الوكالة الوطنية للمياه والغابات، على إلحاق وبكيفية تلقائية، الموظفين المرسمين والمتدربين العاملين بالمصالح المركزية واللاممركزة التابعة لإدارة المياه والغابات بالوكالة الوطنية للمياه والغابات. وابتداء من تاريخ المصادقة على النظام الأساسي لمستخدمي الوكالة، يتوفر الموظفون الملحقون على أجل ثلاث سنوات من أجل طلب إدماجهم في إطار النظام الأساسي المذكور. وعند انصرام هذا الأجل، يتم إنهاء إلحاق الموظفين الذين لم يطلبوا إدماجهم بالوكالة، ويتم إعادتهم إلى القطاع المكلف بالفلاحة.
كما ينقل تلقائيا المستخدمون المتعاقدون العاملون ضمن المصالح المركزية واللاممركزة التابعة لإدارة المياه والغابات إلى الوكالة الجديدة ابتداء من تاريخ دخول القانون 52.20 حيز التنفيذ.
ويستمر موظفو إدارة المياه والغابات المحلفون الذين يزاولون المهام المتعلقة بمجال الشرطة الغابوية وشرطة القنص وشرطة الصيد ومهام البحث عن المخالفات في مجال المناطق المحمية وحماية أنواع النباتات والحيوانات المتوحشة ومعاينتها والملحقون لدى الوكالة في مزاولة مهامهم في إطار النصوص التشريعية والتنظيمية المطبقة في هذا المجال.
وفي انتظار المصادقة على النظام الأساسي لمستخدمي الوكالة، يواصل الموظفون المرسمون والمتدربون والمتعاقدون مسارهم المهني في إطارهم الأصلي ويحتفظون بجميع الحقوق والامتيازات التي كانوا يستفيدون منها في إطارهم الأصلي المذكور. ويظل المستخدمون المشار إليهم أعلاه منخرطين، فيما يخص نظام المعاشات، في الصناديق التي كانوا يؤدون لها اشتراكاتهم قبل دخول هذا القانون حيز التنفيذ.
وللإشارة، لا يمكن بأي حال من الأحوال، أن تكون الوضعية النظامية التي يخولها النظام الأساسي لمستخدمي الوكالة إلى الموظفين الذين تم إدماجهم، أقل فائدة من تلك التي كان يستفيد منها المعنيون بالأمر في إطارهم الأصلي في تاريخ إدماجهم.

كيف ستدبر الوكالة المحميات والمنتزهات الوطنية؟
في إِطار تفعيل الاستراتيجية الوطنية "غابات المغرب 2030-2020"، لابد من التذكير أننا نميز بين الفضاءات الغابوية حسب مؤهلاتها، وتعتبر المحميات والمنتزهات الوطنية من بين الفضاءات المتميزة التي تحظى باهتمام خاص بالنظر الى أهميتها وتنوعها. وفي هذا الصدد، ستتم تهيئة وتثمين شبكة المنتَزهات الوطنية العشر (من أجل إِرساء تنمية اقتصادية واجتماعية معَ المحافظة على التراث الطبيعي والثقافي والمجالِي بهدف الوصول إلى مليون سائح بيئي في أفق سنة 2030).
ولضمان نجاح تهيئة هذهِ المنتزهات، سيضم كل منها منطقتين أَساسيتين "قلب الْمُنْتَزه" الواجب حمايتها والمحافظة عليها، و"المنطقَة المحيطة" التي تضم مرافق الاستقبال والأنشطة السياحية والتّرفيهية.
وستقوم الوكالة بإعداد مخططات عمل سنوية والمتعددة السنوات لتنزيل الاستراتيجية الغابوية والاستراتيجية المتعلقة بالمناطق المحمية والمنتزهات الوطنية وضمان تنفيذها وتتبعها وتقييمها، وإعداد وتنفيذ المخططات والوثائق الأخرى المتعلقة بتهيئة المجالات الغابوية ومواردها، وضمان تتبعها وتقييمها، طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل.
فبالنسبة للمناطق المحمية وحدائق الحيوانات، تتولى الوكالة، المهام التالية: تنسيق عمليات إعداد وتنفيذ وتتبع وتقييم السياسة الحكومية المتعلقة بالمناطق المحمية وحدائق الحيوانات؛ إعداد وتنفيذ، طبقا للتشريع والتنظيم المتعلقين بالمناطق المحمية، مخططات التهيئة والتدبير والوثائق الأخرى المتعلقة بتهيئة المناطق المذكورة، بما في ذلك، عند الاقتضاء، التدابير الخاصة بمنع بعض الأنشطة المسموح بها في الفضاءات المجاورة، وضمان تتبعها وتقييمها؛ اقتراح إحداث مناطق محمية وحدائق الحيوانات أو توسيعها؛ وضع نموذج للتدبير المندمج والمدمج والمستدام للمناطق المحمية ومواردها؛ إدارة المناطق المحمية وحدائق الحيوانات، طبقا للتشريع والتنظيم الجاري بهما العمل؛ المساهمة في المحافظة على النباتات والحيوانات المتوحشة ومآويها الطبيعية، وتدبيرها المستدام، وتأهيلها وترميمها؛ إعداد منظومة لتتبع الأنظمة الإيكولوجية الطبيعية ومخططات للمحافظة على الأصناف المهددة بالانقراض داخل المناطق المحمية، وضمان تحيينها؛ السهر على تنفيذ الإجراءات المتخذة، طبقا للمقتضيات التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالمناطق المحمية، من قبل الجماعات الترابية والهيئات العمومية من أجل احترام مقتضيات مخطط تهيئة وتدبير المناطق المذكورة؛ تشجيع الممارسات التي تساهم في المحافظة على الثروة الطبيعية والتنمية المستدامة داخل المناطق المحمية.
وفي نفس السياق، فقد تم مؤخرا تعزيز الترسانة القانونية بإصدار مرسوم لتطبيق القانون رقم 07-22 المتعلق بالمناطق المحمية. ويروم هذا المشروع تحديد آليات تطبيق القانون السالف الذكر فيما يتعلق بكيفية إحداث المناطق المحمية ومسطرة الموافقة على تصاميم تهيئتها وتدبيرها ومدة صلاحيتها وكيفية مراجعتها ومسطرة تفويض تدبير المناطق المحمية للأشخاص المعنويين وكيفية منح البطاقة المهنية لموظفي الإدارة المؤهلين لضبط مخالفات هذا القانون والنصوص المتخذة لتطبيقه ومسطرة تصنيف المنتزهات الوطنية الموجودة عند تاريخ نشر هذا القانون.
ما هي رهانات "استراتيجية "غابات المغرب 2020-2030؟
تشكل هذه الاستراتيجية إجابة نوعية لإشكالية التدبير المستدام للغابة المغربية بالنظر إلى متطلبات الساكنة المجاورة لها، في ظل سياق يرفع المغرب فيه تحديات تتعلق بالمحافظة على البيئة وبالاستغلال المفرط للمجالات الغابوية والتغيرات المناخية وما يترتب عنها من انعكاسات اقتصادية واجتماعية، ويأمل من خلالها اعتماد العديد من المقاربات ذات دلالات تدبيرية تجعل من الغابة فضاء متجددا ومجالا لخلق الثروة.
ونطمح من خلال هذه المقاربات والتدابير ذات البعد الإجرائي والتقني الفريدة من نوعها، إلى تغيير نظرة مستعملي الغابات لهذا الفضاء الحيوي.
وتتبنى الاستراتيجية الجديدة 4 محاور رئيسية تتعلق بخلق نموذج جديد بمقاربة تشاركية مع الساكنة المجاورة للغابات وتدبير وتطوير الفضاءات الغابوية حسب مؤهلاتها وكذا تطوير وتحديث المهن الغابوية، بالإضافة للإصلاح المؤسساتي والتشريعي للقطاع.
وقد تم فعلا تدشين هذه الاستراتيجية بخطوة كبيرة من خلال إصلاح قانوني، عبر إحداث الوكالة الوطنية للمياه والغابات التي اسندت إليها مسؤولية الإدارة السيادية لتدبير الملك الغابوي. بالإضافة الى الشروع في تكييف الإطار التشريعي والتنظيمي الحالي لمواكبة تنفيذ توجهات الاستراتيجية الجديدة مع الاستجابة للمعايير الدولية في مجال التدبير المستدام للغابات.
ومن شأن هذه الاستراتيجية استدراك ما يعادل 30 سنة من تدهور الغطاء الغابوي في أفق 2030، وذلك عبر استعادة أكثر من 133.000 هكتار من هذا الغطاء من خلال تدابير تخص بالأساس تشجير 50.000 هكتار سنويا لبلوغ 100.000 هكتار في افق سنة 2030، ومنح تحفيزات أفضل لحمايتها لدى المستعملين، بالإضافة لخلق أكثر من 130.000منصب شغل مباشر إضافي، وتحقيق هدف بلوغ عائدات تثمين سلاسل الإنتاج والسياحة البيئية 5 مليارات درهم كقيمة تجارية سنوية.
إن كل هذه الرهانات التي تطرحها والفرص التي تتيحها الاستراتيجية الجديدة ''غابات المغرب 2020 - 2030''، تجعل من الوكالة الوطنية للمياه والغابات الآلية المؤسساتية الأنجع لتنفيذ التوجهات الاستراتيجية لسياسة الدولة في مجالات حماية الثروة الوطنية الغابوية ومواردها والمحافظة عليها وتثمينها وتنميتها المستدامة.
وتشكل هذه الاستراتيجية نقطة انطلاق نحو مرحلة جديدة من أجل تجويد التدبير العمومي للثروات الغابوية تماشيا مع أهداف النموذج التنموي الجديد بالمغرب، الذي يشكل خريطة الطريق للارتقاء بالمغرب في أفق 2035 في مختلف المجالات.

مقالات ذات صلة
عالم
مجتمع
مجتمع