سياسة
هل تحول "وسيط المملكة" إلى مجرد "حائط مبكى"؟
22/01/2021 - 16:51
مهدي حبشيبنعليلو، الذي كان يتحدث اليوم الجمعة 22 يناير 2021، في ندوة بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية-عين الشق بالدار البيضاء، مقدماً التقرير السنوي لمؤسسة الوسيط برسم عام 2019، كشف عن أن مؤسسته تلقت خلال العام المذكور أزيد من 5800 شكاية من مختلف ربوع المملكة، متأسفاً في الوقت نفسه لكون نحو 3000 شكاية وتظلم من بينها فقط تدخل في اختصاص المؤسسة، عازيا الأمر لغياب الوعي الدستوري والقانوني للمرتفقين.
تحسن مُبشر ولكن..
اعتبر بنعليلو أن الزيادة الملحوظة في عدد المتوجهين لمؤسسة الوسيط قصد حل نزاعات مع الإدارات أو المؤسسات العمومية، يُبشر بزيادة وعي المواطنين بالدور الذي يمكن أن تلعبه مؤسسات الحكامة، مشدداً على أن عدم اطلاع اللاجئين للمؤسسة على الدستور والقانون الإداري جعل 57 في المائة من التظلمات المتوصل بها فقط تدخل في اختصاص المؤسسة.
وبالرغم من أن هذه النسبة تؤشر على ارتفاع عدد التظلمات الخارجة عن اختصاص المؤسسة، إلا أنها مُبشرة كونها لم تتجاوز 27 في المائة عام 2018.
هذا النمو يوازيه تحسن في معالجة المؤسسة للشكايات والتظلمات؛ إذ عالج وسيط المملكة، في عام 2019، 80 في المائة من الشكايات التي توصل بها، مقابل 45 في المائة خلال العام الماضي.
ولم تعكس كل التظلمات التي توصلت بها المؤسسة وجود اختلالات داخل المرافق المشتكى منها، إذ بلغ "مؤشر جدية التظلم" 60 في المائة فحسب، مقابل 40 في المائة من الشكايات تبين أن موقف الإدارة المشتكى منها كان سليماً ولا يعبر عن أي شطط.
ونوه المتحدث بإصدار مؤسسته، خلال عام 2019، 202 توصية للمؤسسات والإدارات العمومية، نفذت تلك الأخيرة 135 منها، وهو ما يعادل 67 في المائة من مجمل التوصيات. مؤشر إيجابي بالنظر لعدم تجاوز تلك النسبة 15 في المائة طوال السنوات الماضية، ما يترك 1011 توصية صادرة عن المؤسسة بدون تنفيذ يرجع بعضها إلى عام 2005.
مؤسسة استشارية "لا تُستشار"
من جهة أخرى، تأسف بنعليلو إلى أن بعض الجهات تريد لمؤسسة الوسيط أن تندحر إلى مجرد "حائط مبكى"، يشتكي إليه من تعرض لشطط إداري، في حين يمنحها الدستور صلاحيات أوسع لتأدية دورها كضابط وسلطة رقابية على أداء الأجهزة التنفيذية للدولة.
وقال إن القانون يعطي وسيط المملكة صلاحية إبداء الرأي في القضايا التي تعرض عليها من طرف الإدارات العمومية قصد تجويد خدماتها، لكنه الوسيط لا يستشار إطلاقاً من طرف تلك الإدارات. كما خول القانون للوسيط إبداء الرأي في مشاريع القوانين التي تهم مجالات اشتغاله، لكن لا أحد داخل المؤسسة التشريعية فكر في استشارة الوسيط.
وشدد على أن مشاريع قوانين كثيرة تهم أداء الإدارة العمومية وتبسيط مساطرها وغير ذلك تمر في البرلمان دون أن يُلتفت لمؤسسة الوسيط، ما دفع المؤسسة لمراسلة رئيس الحكومة في الموضوع.
وأوضح بنعليلو الذي عُين عام 2018 مديراً لمؤسسة الوسيط من طرف جلالة الملك محمد السادس، أن خلاصات تقريره السنوي ينبغي أن تشكل مجالاً للبحث والدراسة، محيلاً مثلاً على ضرورة سبر أسباب تصدر جهة فاس مكناس وضع الشكايات والتظلمات، بالرغم من أن المنطق الإحصائي كان ليتوقع صدارة جهة الدارالبيضاء - سطات بسبب كثافتها السكانية.
ولاحظ وسيط المملكة أن غياب التواصل بين المرتفق والإدارة يتحمل جزءً لا بأس به من الخلافات التي تعرض عليه.
وخلص التقرير السنوي للمؤسسة إلى وجود تقدم نسبي في علاقة الوسيط بالإدارات العمومية، يتجلى ذلك في ارتفاع عدد التوصيات التي تم الالتزام بها والملفات التي جرت تسويتها، كما أن "المسؤولين الإداريين باتوا يميلون لإبراز انخراطهم التام في التعامل مع مؤسسة الوسيط" يؤكد بنعليلو.
وحذر التقرير من ارتفاع ملحوظ في عدد الشكايات التي تهم الحياة الاجتماعية واليومية للمواطنين، ما ينذر بتوسع الفجوة بين المواطن والإدارة.
ودعا إلى إنشاء "باروميتر" لقياس جودة الخدمات الإدارية التي يحظى بها المواطنون، قائلاً إن التحدي الراهن هو توفير خدمة عمومية بنفس جودة خدمات القطاع الخاص، لرفع الثقة بين الطرفين.
هامش مناورة مهم
بدا بنعليلو كمن يدعو المواطنين للثقة في قدرات مؤسسته على حل نزاعاتهم الإدارية، حين دعا الباحثين والأكاديميين لاتخاذ تقارير المؤسسة مادة للبحث العلمي. واستعرض نقاط قوة وسيط المملكة، قائلاً إنها توفر للمواطنين خدمات مرنة ومجانية ولا تتطلب إجراءات بيروقراطية صارمة.
وقال إنه يكفي تقديم طلب بسيط بالحضور الشخصي إلى مقرات الوسيط المنتشرة عبر ربوع المملكة، أو عبر المراسلة المكتوبة أو حتى بواسطة البريد الإلكتروني، مشدداً على توفر مؤسسته على آليات عديدة لتفعيل اختصاصاتها، خصوصاً أن تقاريرها ترفع إلى رئيس الحكومة وإلى جلالة الملك محمد السادس.
كما يخول القانون للوسيط إجراء البحث والتحري داخل الإدارة العمومية المشتكى منها. ولا يتطلب الأمر بالضرورة وجود شكاية ضد الإدارة العمومية، بل يمكن للمؤسسة بمبادرة خاصة التحري فيما يبدو لها مواضيع تثير اهتمام المواطنين.
ويحق للمؤسسة تكوين لجنة إدارية مشتركة مع المرفق العمومي المعني بالأمر لحل المشاكل والنزاعات المعروضة عليها، كما يفرض القانون على كل مؤسسة عمومية، سواء إدارة أو وزارة أو غيرها، تعيين مخاطب دائم لمؤسسة الوسيط.
مقالات ذات صلة
سياسة
اقتصاد