مجتمع
التطبيب الذاتي بالمغرب.. حل مؤقت قد ينتهي بمخاطر دائمة
10/02/2025 - 16:06
مراد كراخي
تشهد ظاهرة "التطبيب الذاتي" تزايدا في المغرب في ظل ارتفاع تكلفة العلاج بالنسبة لعدد من المواطنين، وانتشار المعلومات الطبية والأدوية المعروضة عبر الإنترنت. هذا التزايد يطرح عددا من المخاطر على صحة مستعملي هذا النوع من العلاج.
ويُعرّف التطبيب الذاتي بأنه "ممارسة يقوم فيها الفرد بعلاج نفسه دون استشارة طبيب مختص، باستخدام أدوية متاحة دون وصفة طبية، أو حتى اللجوء إلى وصفات من الأعشاب".
انتشار متزايد
قال البروفيسور جعفر هيكل، أخصائي الأمراض المعدية والطب الوقائي، إن الكثيرين يلجؤون إلى هذه الممارسة بسبب عوامل متعددة، منها الثقافة المجتمعية، وانتشار المعلومات الطبية غير الدقيقة عبر الإنترنت، بالإضافة إلى صعوبة الحصول على مواعيد مع الأطباء في القطاع العام، وارتفاع تكلفة الفحص الطبي في القطاع الخاص.
وأوضح هيكل، في تصريح لـSNRTnews، أن آخر المعطيات تشير إلى أن 62 بالمائة من المغاربة يلجؤون إلى "التطبيب الذاتي" عبر استهلاك أدوية من دون استشارة طبية.
وأبرز أن عددا من الأسر تلجأ إلى تقليل تكلفة العلاج من خلال البحث عن بدائل أرخص، حتى لو كانت غير مضمونة النتائج، ومن بينها استهلاك أدوية دون استشارة طبية والاعتماد على تشخيص ذاتي للمرض.
وتابع أن انتشار المعلومات غير الموثوقة في ظل تزايد استخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي ساهم كثيرا في انتشار هذه الظاهرة، إذ أصبح من السهل الوصول إلى معلومات طبية غير دقيقة، مما يزيد من مخاطر التطبيب الخاطئ.
وفي السياق ذاته، أكد الطيب حمضي، الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية، أن الأسباب الرئيسية للإقبال على التطبيب الذاتي تتلخص في عجز بعض الأسر عن تحمل تكلفة العلاج، التي تشمل الفحوصات الطبية، التحاليل، والأدوية.
وأشار حمضي في تصريح لـSNRTnews إلى أنه يبرز كذلك جهل بمخاطر التطبيب الذاتي، حيث يعتقد البعض أنه وسيلة لتوفير الوقت ومحاصرة المرض قبل تفاقمه.
وأضاف حمضي أن من الأسباب الأخرى التي تساهم في انتشار هذه الظاهرة هي الإعلانات المضللة للأدوية المنتشرة على الإنترنت، وكذلك تزايد عدد الأطباء المزيفين الذين يقدمون استشارات طبية عبر منصات التواصل الاجتماعي.
وتلعب العادات والتقاليد دورا كبيرا كذلك في تشجيع التطبيب الذاتي، حيث يعتمد الكثيرون على الوصفات المنزلية والأعشاب التي يتم تناقلها عبر الأجيال.
المخاطر
قد يبدو اللجوء إلى التطبيب الذاتي حلاً سريعاً، إلا أنه يحمل العديد من المخاطر التي قد تؤدي إلى تفاقم المشاكل الصحية بدلاً من حلها، وفقا للمختصين.
ومن أبرز المخاطر، وفق البروفيسور جعفر هيكل، هو التشخيص الخاطئ للمرض، فقد يخطئ الفرد في تشخيص حالته، مما يؤدي إلى استخدام أدوية غير مناسبة أو حتى مضرة.
وتابع أن استخدام الأدوية دون استشارة طبية قد يؤدي إلى تفاعلات دوائية خطيرة، خاصة إذا كان المريض يتناول أدوية أخرى، كما أن الاعتماد على التطبيب الذاتي قد يؤخر الحصول على العلاج المناسب، مما يزيد من تعقيد الحالة الصحية.
وتكمن مخاطر التداوي الذاتي أيضا، حسب الطيب حمضي، في لجوء المريض إلى تشخيص حالته الصحية بنفسه، وتزداد خطورة هذا الأمر في الدول التي لا يخضع معظم سكانها لفحوصات دورية، مما يجعل الأفراد غير مدركين لوضعهم الصحي، والأمراض أو أنواع الحساسية التي قد يعانون منها.
وفي هذا السياق، أوضح أن عددا كبيرا من المغاربة يجهلون إصابتهم بأمراض مثل السكري، أو ارتفاع ضغط الدم، أو ارتفاع الكوليسترول في الدم، مما يجعلهم عرضة لمخاطر صحية جسيمة في حال تناول أدوية قد تؤدي إلى تفاقم حالتهم.
ويضاف إلى ذلك، وفقا للمتحدث ذاته، استخدام الأدوية بطريقة عشوائية دون الالتزام بالجرعات المحددة، والتي تختلف بحسب العمر، وحالة الكبد، والكلى.
كيف يمكن الحد من الظاهرة؟
من أجل الحد من انتشار هذه الظاهرة، يجب اتخاذ إجراءات متعددة الجوانب، مثل تسريع تعميم التغطية الصحية، وتحسين الوصول إلى الخدمات الصحية من خلال تعزيز البنية التحتية الصحية وتوفير خدمات طبية بأسعار معقولة، وفقا للبروفيسور هيكل.
وأشار إلى ضرورة تعزيز التوعية الصحية بمخاطر هذه الظاهرة، إذ ينبغي تنظيم حملات توعوية للتحسيس حول مخاطر التطبيب الذاتي وأهمية استشارة الأطباء المختصين.
ومن جانبه، دعا الطيب حمضي إلى تجنب الاعتماد على الإنترنت كمصدر رئيسي للمعلومات الطبية، فرغم وفرة المعلومات الطبية على الإنترنت، إلا أنها قد تكون غير دقيقة أو قد تتعارض مع الأبحاث الحديثة.
وأشار في هذا الخصوص إلى وجوب تشديد الرقابة لضمان عدم بيع الأدوية خارج الصيدليات، والتصدي للأطباء المزيفين عبر الإنترنت الذين يبحثون عن الربح المادي دون مراعاة لصحة متابعيهم.
وأضاف أنه يجب على المرضى الالتزام بوصفات الأطباء، مشيرا إلى أن الأدوية التي تناسب شخصا معينا قد لا تكون مناسبة لشخص آخر، ولذلك يجب تجنب تبادل الأدوية بين الأفراد.

مقالات ذات صلة
مجتمع
مجتمع
اقتصاد
مجتمع