رياضة
خاليلوزيتش و3-5-2 .. إلى أين يقود الأسود؟
04/06/2022 - 10:11
نسيم الكرف | يونس الخراشيعقَّدت خسارة المنتخب الوطني لكرة القدم، يوم 01 يونيو 2022، ضد منتخب الولايات المتحدة الأمريكية، بثلاثة أهداف لصفر، على ملعب سينسيناتي، مهمة أسود الأطلس وقد وضعوا الأقدام على الخط المستقيم، باتجاه المشاركة في كأس العالم بقطر. فإلى أي حد هي مقلقة هذه الهزيمة ضد المنتخب الأمريكي؟ وما هي الاستنتاجات التي يمكن استخلاصها من المواجهة الودية؟
لم يسبق للناخب الوطني، وحيد خاليلوزيتش، الذي التحق بقيادة المنتخب الوطني لكرة القدم شهر غشت سنة 2019، أن خسر بهذه النتيجة؛ أي بفارق ثلاثة أهداف. ولعل الرجل لم يتوقع تلك الحصة (3/0)، غير أن ارتكاب خطأ، مهما كان بسيطا، أمام خصم منظم، مثل المنتخب الأمريكي، لا بد أن يؤدى ثمنه غاليا.
هي خسارة أولى مقلقة فعلا، لاسيما أنها تأتي قبل أيام، فقط، من انطلاق التصفيات المؤهلة إلى نهائيات كأس إفريقيا 2023، في مواجهة منتخب جنوب إفريقيا، يوم 09 يونيو الجاري، بالرباط، وعلى بعد أقل من 6 أشهر من كأس العالم 2022 بقطر.
سابقة مزعجة
كانت هذه هي الهزيمة الأولى الثقيلة لوحيد خاليلوزيتش مع الأسود، وفي الوقت نفسه هي الأولى للمنتخب الوطني المغربي ضد منتخب الولايات المتحدة الأمريكية، في خمس مواجهات بينهما. فقد احتاج الأخير أن ينتظر حتى 2022 كي يتفوق على الأسود، بعد تعادل بصفر لمثله في دورة ميونيخ للألعاب الأولمبية سنة 1972، وثلاث هزائم في ثلاث مباريات ودية (1992، 1999، 2006).
وبعد أن أُحْرِزَ عليهم الهدف، فقد جاء رد فعل رجال خاليلوزيتش على الهجومات الأمريكية خجولة للغاية، حتى إننا شاهدنا، للمرة الأولى، منذ مجيء الطاقم التقني الحالي، سنة 2019، منتخبا مغربيا متجاوزا بدنيا، في وقت شكل هذا الجانب أحد نقط القوة للنسخة الحالية من المنتخب.
لقد أخرج ضغط الأمريكيين أسود الأطلس من مجال راحتهم، ليصبحوا مجبرين على استعمال التمريرات الطويلة، عساهم يتلافون فقدان الكرات. بل إن الإيقاع الذي فرضه الخصم، أوقع اللاعبين المغاربة في الخطأ، بينما لم يكونوا يتخيلون أنه سيستثمر كل الفرص لفائدته، للتفوق، أخيرا، على المنتخب الوطني.
"واجهنا صعوبة في إخراج الكرة بالطريقة التي نريدها، ثم وجدنا إيقاعنا شيئًا فشيئًا، لكننا لم نتمكن من التسجيل، وإحداث الفارق في الأمام". هذا ما قاله ياسين بونو، المتوج، حديثا، بجائزة زامورا، لأفضل حارس في الدوري الإسباني، عند نهاية المواجهة، وهو الذي كان بأداء بطولي، خفف الضرر، إثر تدخلات حاسمة، رغم أن مرماه تلقت ثلاثة أهداف.
طموحات وعقبات
بالرجوع إلى ما صدر عنه في لقاءاته الصحفية، يبدو أن وحيد خاليلوزيتش يريد أن يجعل من المنتخب الوطني المغربي مفاجأة مونديال 2022. ودون أن يقدم وعدا بنيل ورقة العبور إلى الدور الثاني، فلطالما أشار المدرب البوسني إلى أن لاعبيه يملكون أوراقا يلعبونها في المجموعة السادسة، في مواجهة منتخبات كرواتيا وكندا وبلجيكا.
وبالتحديد، فمن أجل التحضير للمواجهة ضد كندا (المباراة الثالثة والأخيرة من دور المجموعات في مونديال قطر 2022)، وقع اختيار المدرب البوسني على الولايات المتحدة، للمباراة الودية، ضمن تواريخ فيفا. وقد أكدت هذه المباراة، بالفعل، كل النواقص التي كشف عنها أسود الأطلس في كينشاسا، ضد منتخب جمهورية الكونغو الديمقراطية، خلال المباراة الفاصلة للتأهل إلى المونديال، شهر مارس الماضي.
"إنها نهاية الموسم، واللاعبون ليسوا في حالة بدنية جيدة جدًا. النتيجة لا تعكس المباراة. أتيحت لنا العديد من الفرص للتسجيل، لكننا لم نكن واقعيين". هذا ما قاله وحيد، في تصريح له بعد المباراة. ومع ذلك، فإن فريقه لم يكن متوهجا، بل عكس ذلك تماما.
لقد اختار المدرب، مرة أخرى، الاعتماد على خطة 5/3/2، التي تتحول، عند الانتقال للحالة الهجومية، إلى 3/5/2، باعتماد أشرف حكيمي وآدم مسينا في الرواقين، فسامي مايي ونايف أكرد ورومان سايس، ووسط ميدان بمثلث مقلوب متكون من عادل تاعرابت وعزالدين أوناحي وسفيان أمرابط وحيدا أمام المدافعين، فضلا عن أيوب الكعبي وطارق تيسودالي في الهجوم. وباستثناء تاعرابت، الذي أخذ مكان أملاح، فقد كان الأمر يتعلق بالفريق نفسه الذي تفوق على منتخب الكونغو الديموقراطية بالدار البيضاء، شهر مارس الماضي، بنتيجة 4/1.
3/5/2 .. هل هي الخطة الأفضل؟
لقد أثبتت هذه التوليفة، بالفعل، محدودية كبيرة في كينشاسا، حيث كان الأسود قريبين من الهزيمة (1/1)، غير أنها، على ما يبدو، تعجب الناخب الوطني. فلكي تكون فعالا مع هذا النوع من الخطط، يجب أن يكون جميع اللاعبين في أفضل حالاتهم، وأن يكون النظام جيدا، والأوتوماتيزمات فعالة. والحال، أنه في مواجهة الولايات المتحدة كانت الآلة خارج السياق.
وعلى سبيل المثال، فأشرف حكيمي، الذي كان على غير عادته أقل إلهاما في الهجوم، ترك فراغات كبيرة للخصوم في الدفاع، قبل أن يتسبب في ضربة جزاء ضد الأسود، عندما عرقل بيليسيك. ولم يكن آدم ماسينا، في الرواق الأيسر، في الموعد، من خلال تموضعه، وتمريراته الضائعة، رغم الفرصتين اللتين تمكن من خلقهما.
ولم تكن صيغة المثلث المقلوب، في الوسط، بلاعب متقدم، منصفة بالنسبة إلى الجهود التي بذلها سفيان أمرابط، الذي كان يسبق إلى الثنائيات، من أجل الاسترجاع، فإذا به يجد نفسه متخلى عنه، في الغالب، من قبل زملائه، عندما يمتلك الكرة الثانية، أو يسعى إلى خلق جملة كروية للتقدم إلى الأمام. إذ بفعل التموضع السيء لتاعرابت وأوناحي، كان كل شيء ينهار.
تماما مثلما حدث عندما سُجل الهدف الثاني في مرمى الأسود، من قبل تيم وياه، لاعب نادي ليل. فقد امتلك ابن الأسطورة الحية، جورج وياه، كل وقته لكي يتسلم الكرة، والاستدارة، والإعداد للتسديد، دون أي ضغط يذكر، ليخادع بونو.
في مقابل ذلك، يبدو أن ثنائية تيسودالي والكعبي مضت بشكل جيد. فقد ساد توافق ممتاز بين اللاعبين على أرضية الملعب، وتمكنا من خلق مساحات واسعة، فضلا عن الكثير من الفرص. وفي حال تلقيا الدعم اللازم من جناح قادر على إحداث الفارق، كلما تعلق الأمر بمواجهة واحد لواحد، مثلما هو عليه الأمر مع أمين حاريث أو سفيان رحيمي، اللذين وقعا على مشاركة مميزة منذ الدقيقة 70 من اللعب، فيمكن للثنائي (الكعبي / تيسودالي) أن يأتي بأشياء رائعة.
ففي توليفة تضم أربعة مدافعين، مع كثافة عددية أكبر في خط الوسط، كما كان عليه الحال خلال المسار الجيد، بلا عثرات، أثناء تصفيات كأس العالم 2022، يبدو أن الآلة تشتغل بشكل أفضل، وهو ما تؤكده الأرقام بالملموس.
لقد أثبتت طريقة 3/5/2، التي اعتمدها الناخب الوطني، خاليلوزيتش، محدوديتها مرة أخرى. فلئن كان الأسود قد تمكنوا من خلق الفرص هجوميا، إلا أن المسألة بدت معقدة على مستوى الدفاع. وهكذا، فأمام منتخب منظم جيدا، مثل منتخب الولايات المتحدة الأمريكية، المرتب 15 على المستوى العالمي، من قبل فيفا، سرعان ما صارت الأخطاء الصغيرة كبيرة للغاية. وهذا، بعكس ما حدث في مباراة كينشاسا، حيث كان مهاجمو الخصم الكونغولي بإلهام أقل، ليستغلوا أخطاء المنتخب المغربي.
سينطلق المونديال، بالقطع، بعد أزيد من خمسة أشهر، بحيث سيكون أمام خاليلوزيتش متسع من الوقت لكي يصحح ما يلزم. غير أن تصفيات كأس إفريقيا للأمم ستبدأ بعد أيام (09 يونيو)، وبالضبط أمام جنوب إفريقيا، الخصم الذي لم يسبق له، تاريخيا، أن كان متراخيا أمام أسود الأطلس (6 مباريات، فوز 1، وهزيمتان، و3 تعادلات).
هكذا إذن، يبدو أن المنتخب الوطني ما يزال ينتظره عمل كبير...
مقالات ذات صلة
رياضة
رياضة
رياضة
رياضة